الظلم ظلمات يوم القيامة (2- 2)
إن الظلم مرتعه وخيم وشؤمه جسيم وعاقبته أليمة، وقد توعد الله أهله بالعذاب والنكال الشديد، فقال تعالى: (وأعتدنا للظالمين عذابا أليما) وقال: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء)، وإنه – والله – لوعيد تنخلع له القلوب الحية، وتقشعر له الجلود المؤمنة، وكفى به زاجرا عن الظلم أو الإعانة عليه.
ويقول سبحانه (ألا لعنة الله على الظالمين) ولكل ظالم حظ من هذه اللعنة بقدر مظلمته فليستقل أو ليستكثر، ويقول مهددا بسوء العاقبة وشؤم المنقلب: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
ولشناعة الظلم، وكثرة أضراره، وعظم الأذية به: جعل الله تعالى عقوبته معجلة في الدنيا قبل الآخرة، ولذلك حذر النبي من دعوة المظلوم فقال: ((واتق دعوة المظلوم: فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) رواه البخاري ومسلم.
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا
فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم
ويقول النبي: صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر الله كثيرا، والمظلوم، والإمام المقسط)) والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا، ففجوره على نفسه)) والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع. فإذا كان هذا شأن دعوة الفاجر فما بالك بدعوة التقي الصالح؟!
أتهزأ بالدعاء وتزدريه
وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطئ ولكن
لها أمد وللأمد القضاء
فاحذر – يا أخي – أن تكون غرضا لدعوات المظلومين ومحلا لسهامهم الصائبة.
واحذر من المظلوم سهما صائبا
وأعلم أن دعاءه لا يحجب
وفي الحديث: ((إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته))، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) رواه البخاري ومسلم.
وفي صحيح مسلم عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: كنت أضرب غلاما لي بالسوط، فسمعت صوتا من خلفي: ((اعلم أبا مسعود))، فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: ((اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود))، قال: فألقيت السوط من يدي، فقال: ((اعلم – أبا مسعود – أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام))، قال: فقلت: لا أضرب مملوكا بعده أبدا.
ولما حبس خالد بن برمك وولده في نكبة البرامكة المعروفة قال ولده: يا أبت، بعد العز صرنا في القيد والحبس! فقال: يا بني، دعوة المظلوم سرت بليل، غفلنا عنها، ولم يغفل الله عنها.
وما من يد إلا يد الله فوقها
ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم