يستحب للمستحاضة الاغتسال لكل صلاة وليس بواجب عند أحد من أهل العلم، لأن أم حبيبة استحيضت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل فكانت تغتسل عند كل صلاة ـ متفق عليه. والنبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالاغتسال مطلقا فكانت هي تغتسل لكل صلاة. وفي رواية البخاري زيادة "وتوضئي لكل صلاة" فيكون الحكم الاغتسال مرة وتتوضأ لكل صلاة، إذ في الاغتسال المتكرر مشقة وعنت لا يتناسب مع حال المستحاضة لما يصاحبها من ضعف وتعب لقاء خروج الدم. قال تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج"، وقال سبحانه: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر". ولا تستغني المرأة في هذا الحال من مراجعة المختصين في الطب فإن التطور في وسائل الطب يمكن بواسطتها معرفة دم الاستحاضة من دم الحيض مما يدفع كثيرا من الالتباس الذي قد يقع عند بعض النساء أو بعض المفتين في التفريق بينهما، رغم أن الفرق بينهما ظاهر، فالحيض دم طبيعة وجبلة يخرج من أدنى قعر الرحم في أوقات معلومة بصفة تعرفها النساء واحتباسه يلحق الضرر بالمرأة، أما الآخر فهو دم مرض يؤثر في صحة المرأة ويخرج من عرق يسميه الفقهاء العاذل لذا يتداوى منه.
والجفاف الذي قد تراه المرأة أثناء عادتها لا يعد طهرا إذا لم يطل بأن يتجاوز أربعا وعشرين ساعة لأنه معتاد للنساء والرحم يدفع أحيانا بقوة ويضعف بحسب حال المرأة، وإذا رأت المرأة صفرة أو كدرة فإن كانت الرؤية أثناء عادتها أو متصلة بها فهي من الحيض لما رواه أبو داود والإمام أحمد والحاكم وقال على شرط الشيخين. عن أم عطية رحمها الله قالت كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا وهذا الحكم مطرد ولو تكررت، ولكنها تعد من نواقض الوضوء لكونه خارجا نجسا من أحد السبيلين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: للعلماء نزاع في الاستحاضة فإن أمرها مشكل لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة فلا بد من فاصل هي ست علامات فاصلة، أولها العادة فإن العادة التي تعرفها المرأة أقوى العلامات أو التمييز لأن الدم الأسود الثخين أولى أن يكون حيضا من الأحمر، وأما اعتبار غالب عادة النساء، والأصوب اعتبار هذه العلامات التي جاءت بها السنة وإلغاء ما سوى ذلك مما هو محل اجتهاد الفقهاء.
