بنات السعودية
زرت معرض الكتاب في البحرين الأسبوع الماضي, واقتنيت منه كتاب رجاء الصانع "بنات الرياض". وكنت قد قرأت عددا من التعليقات عليه إلى أن تمكنت أخيرا من قراءة الكتاب نفسه.
وإذا اتفق القارئ مع الكاتبة أو اختلف معها فهذا شأن شخصي لكن بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معها فمن المؤكد أنها تمتعت بقدر كبير من الشجاعة, والجرأة لكتابة الكتاب المذكور ونشره وتوزيعه.
ولا أشك مطلقا أنها كانت تتوقع وتنتظر بركانا مزلزلا من الانتقادات وفكرة أن تقوم المرأة بتجديف المركب ليست مهضومة من بعض أفراد المجتمع. لكني أقول, وبكل الصراحة خاصة أني تلقيت تعليمي في مدرسة مختلطة, وعملت في الخارج مع النساء, إن المرأة السعودية إذا تلقت التعليم الصحيح, والتدريب, ودعم الأسرة خاصة من الأب فإنها لن تكون أبدا أقل من مثيلاتها في جميع أنحاء العالم.
وبينما نركز على إنجازات المرأة الأخيرة في مجالات الطيران, والفروسية, والتنس, والإعلام, والتجارة ونقدر الذين أتاحوا لها الفرصة في هذه المجالات, فإن الفتاة السعودية ظلت تكافح لعدة سنوات.
وفي السبعينيات الميلادية كانت هناك أسماء لامعة لنساء سعوديات أذكر منهن على سبيل المثال السيدة شعاع الراشد, وهي أفضل المذيعات باللغة الإنجليزية, والأخوات ترجمان اللاتي كن يقدمن البرامج الإذاعية الجميلة من راديو الرياض.
وكانت هناك أيضا المرحومة شيرين شحاتة التي كانت برامجها تستقبل بكثير من الإعجاب, كما كانت هناك الطبيبات الرائدات مثل سميرة إسلام, وفاتن شاكر وغيرهما.
ولا بد أن هؤلاء النساء الرائعات بذلن كثيرا من الجهد لكي يحققن ما وصلن إليه. لهذا عندما يأتي الحديث عن "بنات الرياض" أو "بنات جدة" أو "بنات الشرقية" أو بنات أي مكان آخر في السعودية فإن القواسم المشتركة بين هؤلاء السيدات والفتيات هو الطموح, ودعم الأسرة, والاستعدادات للتضحية بالراحة المنزلية.
ولا يعني هذا أن هؤلاء النسوة كن يرغبن في التحرر على الطريقة الغربية, ولا شك أن المجتمع الذي يحرم نصفه من المشاركة الاقتصادية والاجتماعية سيكون من أواخر المجتمعات في العالم. وفي عصر التنافس الحاد حيث تستخدم الشعوب والدول أفضل رأسمالها وهو العقل, فإن أي عزل للنساء سيعني الانتحار.
لقد عملت مع النساء خارج البلاد وقمت بتدريبهن ووجدت أنهن يتمتعن بالعواطف الصادقة, وروح التحدي, وارتياد المجهول.
ومن واقع تجاربي الشخصية, توصلت إلى حقيقة أن المرأة السعودية أكثر استقلالية.
وكانت معنا في أواخر الثمانينيات في "عرب نيوز" صحافية رائعة هي فايزة أمبة التي لم تتأخر يوما عن تسليم أخبارها في الوقت المحدد, كما كانت معنا أيضا حنان أحمد آشي التي قامت في أحد الأيام بتحرير وتنفيذ خمس صفحات كاملة لوحدها لأن اثنتين من زميلاتها تغيبتا عن العمل بسبب المرض.
وفي جولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الآسيوية الأخيرة فإن عضوات المجتمع المدني في الوفد أثرن إعجاب رصيفاتهن في الصين, والهند وتفوقن عليهن وفي زيارات الوفد النسائي السعودي غير الحكومي إلى هونج كونج وإيطاليا, استطاعت المرأة السعودية أن تغير الصورة النمطية عنها بأنها امرأة متخلفة ومحرومة.
واليوم لدينا المجموعات النسوية الفاعلة والمهنية التي لا تقل عن مثيلاتها في العالم.
وهؤلاء السيدات والفتيات السعوديات هن مستقبل هذه البلاد, وعليه فقد حان الوقت للاعتراف بمواهبهن ومساعدتهن لتحقيق أهدافهن من خلال الشريعة الإسلامية السمحة التي تكفلت بإعطائهن جميع حقوقهن.
ونجاح المرأة السعودية سيكون بالقطع نجاحا لبلادنا الحبيبة.
رئيس تحرير "عرب نيوز"