أصبحت الحاجة إلى إعداد مديرين عالميين أمراً حيوياً في العالم هذه الأيام باعتبار أن العالم أصبح كالقرية الصغيرة، ويستكشف كل من جونتر شتاهل أستاذ مساعد النشاطات العملية الآسيوية في إنسياد، وأدوين ميللر، الأستاذ المتقاعد الذي يعمل حالياً في التدريس في كلية إدارة الأعمال في جامعة ميتشيغان وروزالي تونج الأستاذة في جامعة سايمون فريزر التفرع الثنائي المثير بين الأثر المقصود والفعلي لسياسات إدارة الموارد البشرية الدولية التي تنتهجها الشركات متعددة الجنسيات.
فمن الناحية الظاهرية الهدف من هذه المهمات تقدم النشاط العملي وتحقيق الأهداف الفردية. ولكن كثيراً ما يواجه المغتربون العائدون صعوبات عديدة تتراوح بين إيجاد وظيفة جديدة مناسبة وعدم وجود تخطيط مهني طويل المدى وهي أمور من شأنها أن تشجعهم على ترك الشركة الحالية التي يعملون لديها.
إلا أن هنالك بعض الإيجابيات لمثل هذه المهمات فما زال المديرون يرون في المهمات الخارجية فرصة تساعدهم في الحصول على مهارات ووسائل جديدة تعينهم على التطور الشخصي.
وفي دراسة شملت 494 مديراً عملوا خارج بلدانهم (في مهمات في 59 بلداً)، بحث المؤلفون في المسائل الرئيسية التي تحيط بالمستقبل المهني للمغترب، وبالمقارنة مع معظم الدراسات الأخرى التي أجريت في هذا المجال التي شملت مديرين أمريكيين، تركز هذه الدراسة على شريحة من المديرين الألمان.
وتركز مجالات البحث الثلاثة الواسعة على الدوافع التي تحدو بالمديرين إلى تكوين مستقبل مهني خارج بلدانهم وعلى مفهومهم لسياسات الشركات وعلى أنماط المستقبل المهني الجديد الذي يؤسسونه.
فما الدافع الذي يجعل المديرين يقبلون مهمات خارجية؟
وفقاً لهذه الدراسة فإن فرص التطور المهني والفرص المستقبلية للتقدم الوظيفي هما السببان الرئيسيان لذلك، حيث أظهرت الدراسة أن المغتربين يعلقون أهمية داخلية عالية على التحدي المتمثل في العيش والعمل في ما وراء البحار، وفي اعتقادهم أنهم سوف يصبحون مهنيين محترفين عبر هذه التجربة ومن المثير في الوقت نفسه أنهم يرون أنه لا يوجد رابط بين مهماتهم الدولية وخططهم للمستقبل المهني طويل المدى.
فهل المغتربون راضون عن سياسات شركاتهم وممارساتها تجاه تعزيز المستقبل المهني؟
الجواب بوضوح أنهم غير راضين- إذ تبين الدراسة أن هناك خللاً بين السياسة المعلنة للشركة لإضفاء صبغة العالمية على نشاطها العملي وبين سياساتها وممارساتها الفعلية الخاصة بإدارة الموارد البشرية الدولية، ويدرك المغتربون تماماً عدم وجود خطة للمستقبل المهني في المدى الطويل وعدم وجود دعم من الشركة ويقلل وجود وظيفة مضمونة في الخارج من هذا الإدراك إلى حد كبير، ورغم ذلك، لماذا يستمر المديرون في قبول مهمات الاغتراب؟ لعل الجواب يكمن في الطبيعة المتغيرة لمفهوم المستقبل المهني في الاغتراب.
فهل أصبحت وظائف المستقبل المهني التي لا تعرف الحدود النمط السائد للمهمات الدولية؟
تظهر الدراسة بوضوح أن للمهمات الدولية تأثيراً إيجابياً على المستقبل الوظيفي للفرد، فسوق العمل تعطي أهمية لتعزيز المهارات المهنية والإدارية وتلك التي تتكون عبر ثقافتين أو أكثر. وبالتالي يأخذ المغتربون بصقل مهاراتهم ومستقبلهم المهني وفقاً لمتطلبات سوق العمل بشكل عام ولا يقيدون أنفسهم بصاحب عملهم الحالي.
إيحاءات لأصحاب المهن على الشركات أن تحدد خيارها فمن الواضح أنها تستطيع توظيف مديرين قادرين للعمل لديها في بلاد الغربة، ولكن ربما كانت غير قادرة على الاحتفاظ بهم في تلك البلاد، ويبدو أن فكرة تكامل المهمات الدولية مع المسارات الوظيفية المنطقية هي المتغير الأكثر أهمية، فعلى أي شركة أن تفهم أبعاد إدارة الموارد البشرية الدولية هذه على نحو أكثر تحديداً بالنسبة لها وأن تستخدمها كمُدخل رئيسي في برنامج التطوير المهني وفي الممارسات التي تتعلق بسمعتها.