استبعاد حدوث أزمة سيولة أو كساد رغم استمرار هبوط الكرونا الآيسلندية
بكل ما أوتيت من قوة تعمل آيسلندا لتلافي أزمة مالية تحيق بها, ففي الآونة الأخيرة اتخذ البنك المركزي في ريكافيك قرارا برفع سعر الفائدة الرئيسية بنسبة ثلاثة أرباع نقطة مئوية ليصبح 11.5 في المائة آملا من خلال ذلك تقليص معدل التضخم من معدله الحالي الذي يبلغ 4.5 في المائة إلى 2.5 في المائة كما يهدف القرار أيضا إلى وضع حد لهروب رؤوس الأموال من هذه الدولة الصغيرة بعد أن تعرضت الكرونا الآيسلندية لضغوط شديدة في أسواق العملات الصعبة منذ عدة أسابيع .
لقد كانت آيسلندا التي يعتمد اقتصادها على صيد الأسماك من بين الدول التي استفادت ولفترة طويلة من سياسات أسعار الفائدة المتدنية التي انتهجتها بنوك مركزية أخرى. فكثير من المستثمرين الدوليين كانوا يقترضون بأسعار فائدة منخفضة بالين أو الدولار أو اليورو لكي يستثمروا ما اقترضوه في بلدان ذات أسعار فائدة مرتفعة . لكن الاتجاه المعاكس بدأ مع أول ارتفاع في أسعار الفائدة أقره البنك المركزي الأوروبي في مطلع كانون الأول ( ديسمبر) العام الماضي إذ إن زيادة أسعار الفائدة على اليورو جعلت تجارة نقل القروض أقل إغراء. وقد كان هذا التطور ضد مصلحة الكرونا الآيسلندية, فبعد أن كان اليورو يعادل 76 كرونا آيسلندية أصبح الآن سعر اليورو يوازي نحو 90 كرونا ما يعني خفضا بنسبة تقارب 18 في المائة في قيمة الكرونا.
ويقول جيمز نايتلي من مؤسسة أي أن جي : " منذ الربع الثاني من عام 2004 يكون سعر الفائدة الرئيس قد ارتفع 620 نقطة على الأساس، ولا بد أن ينعكس هذا على معدل النمو وعلى معدل انخفاض قيمة النقد أيضا. مع أنني أعتبر أن حدوث حالة كساد هو أمر غير وارد حاليا ، أما بالنسبة إلى سعر الصرف فمن المتوقع أن يستمر في الصعود".
وحسب تقديرات وكالة مودي للتصنيف فإن خطر حدوث أزمة سيولة أو مديونية في آيسلندا هو احتمال ضئيل، وتقول السيدة جوان فيلدمان فيدرا من وكالة مودي :" ما زلنا كما كنا سابقا نصنف أوضاع البلاد على أنها ممتازة ، أما المخاوف الأخيرة فنعتبر أنها مبالغ فيها". إن ديون آيسلندا الخاصة والعامة قد ارتفعت ارتفاعا كبيرا مع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وهي تشكل حاليا ما نسبته 300 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. في هذه الأثناء ينصب الاهتمام على ثنائية الدولار و اليورو وآفاق الانتعاش الاقتصادي على ضفتي المحيط الأطلسي وبالتالي السياسات النقدية التي من المتوقع أن ينتهجها كل من بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي حيث يتهيأ خبراء النقد والأسواق للخطوة التالية بالنسبة إلى أسعار الفائدة التي من المتوقع أن يخطوها بنك الاحتياط الأمريكي في في حزيران (يونيو) الحالي.
ويقول بعض الخبراء ومن بينهم الخبير الاقتصادي كارل فاينبيرج أن التغيرات في مستوى أسعار الفائدة في منطقة الدولار مقابل منطقة اليورو ليست هي المهمة ، وإنما توقعات أسعار الفائدة ذاتها هي المهمة . وطالما أنه لم تحدث تخفيضات تذكر في هذا السياق فإن سعر صرف اليورو للدولار لن يزداد قيمة بشكل ملحوظ .
ويؤكد خبراء النقد أن إجراءات امتصاص السيولة النقدية من الأسواق لم تعكر المناخ المواتي لليورو. وعطفا على ذلك يقول رالف أملاوف من مؤسسة هالابا : " إن الصورة الوردية لليورو لن تتغير في الأجل المتوسط" ، ويقول أيضا إن اليورو و منذ تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، لا يزال يواصل اتجاهه نحو الصعود .