Author

القرارات الداعمة لسوق الأسهم

|
<p><a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a></p> لم تمهلنا هيئة السوق المالية الوقت الكافي للرد على بعض رسائل العتاب التي تسلمتها تعقيبا على مقالتي الأخيرة التي نشرت يوم الإثنين الماضي بعنوان "رئيس الهيئة والإعلاميون"، حيث تولت الهيئة الرد نيابة عني من خلال البيان الصحافي الذي تحدثت فيه عن تخفيض العمولة، وإلغاء تداول يوم الخميس، وكأنها أرادت أن تثبت للجميع أن حفل توقيع اتفاقية تطوير نظام "تداول" لم يكن مناسبا للإعلان عن مثل هذه القرارات التي كان الجميع ينتظر سماعها، إضافة إلى بعض القرارات الأخرى التي تهم الإعلاميين والمستثمرين على حد سواء. أثبتت الهيئة بحق أنها ماضية في عملها الدؤوب الهادف إلى ترميم أوضاع سوق الأسهم السعودية والعودة بها إلى نقطة التوازن، من خلال القرارات الداعمة والأخبار المحفزة التي أدت إلى زيادة معدل ثقة المستثمرين بالسوق، ما دفعهم لضخ بعض السيولة المفقودة من جديد إلى سوق الأسهم. لن أتحدث عن الانعكاسات الإيجابية للقرارات، فهي أوضح من أن تعدد، وسأتجاوزها إلى الأهم، وهو تعامل المحللين والمستثمرين مع المتغيرات المحيطة بسوق الأسهم خصوصا العوامل السياسية والاقتصادية. البعض كان يبحث خلال الأسبوع الماضي عن القاع المتغير للسوق تحت مستوى العشرة آلاف نقطة، ولا نعلم إن كانت تلك المستويات تعكس، وبكل أمانة، نتائج التحليل المالي الدقيق للسوق، أم أنها كانت جزءا من الأمنيات والخطط الاستراتيجية التي يمارسها البعض من أجل تحقيق المكاسب المالية اعتمادا على خسائر الآخرين. لن ندخل في النيات، لكننا لن نتجاهل ما كان يحدث في سوق الأسهم خلال الأسابيع الماضية خصوصا إذا ما علمنا بالخسائر الفادحة التي تعرض لها صغار المستثمرين نتيجة حملات الإرجاف والتضليل. ففي الوقت الذي بدأ فيه رئيس هيئة السوق المالية عمله الرسمي بإطلاق تصريحاته الداعمة للسوق بغية إيقاف تدهورها، كانت هناك مجموعة من المخربين الذين قاتلوا من أجل سحب المؤشر إلى منطقة الخطر، بدعم من بعض المحللين، وهم قلة، الذين راهنوا على أن المؤشر في طريقه إلى كسر نقاط الدعم القوية وصولا إلى أرقام قياسية سالبة لا يمكن التنبؤ بمستواها. أصبحت تلك التحليلات المالية الموجهة ككرة الثلج المتدحرجة، تتعاظم شيئا فشيئا حتى أدخلت الرعب في نفوس المستثمرين الذين اضطر بعضهم إلى تصفية مراكزهم المالية انتظارا للشراء من المستويات المتدنية التي لم يروها بعد، فخسروا من حيث كسب مروجو الشائعات. للأسف الشديد، لم يستطع المستثمرون قراءة تصريحات رئيس الهيئة، خصوصا تلك التي أطلقها تحت قبة مجلس الشورى، والبيان الصحافي الذي بثته وكالة الأنباء السعودية، الذي جاء فيه أن معالي رئيس الهيئة "أطلع المجلس على الاستراتيجيات الكفيلة بإيقاف تدهور السوق" هذا التصريح كان كفيلا أن يوضح للمستثمرين الوجهة الحقيقية التي يفترض أن يسلكها مؤشر أسعار الأسهم السعودية دون حاجة للآخرين. لم ينجح الكثير من المستثمرين في قراءة التصريح كما يجب، ولم يتكفل المحللون أيضا بتحليل القرار السياسي الذي اتخذ من قبل خادم الحرمين الشريفين، وأوكلت مهمة متابعته وتطبيقه لهيئة السوق المالية. يمكن قراءة القرار السياسي الحكيم بوضوح من خلال مقدمة البيان الصحافي الذي أصدرته هيئة السوق المالية يوم أمس الأول، الذي جاء فيه "تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بعمل ما من شأنه تخفيف الأعباء على المواطنين, وفي إطار سعي مجلس هيئة السوق المالية نحو تخفيـض تكلفة التداول على المستثمرين, وبعد دراسة شاملة لأيام التداول.... قرر المجلس ما يلي..... ". إذاً هي إرادة سياسية تلك التي بدأت تحرك سوق الأسهم السعودية، بعيدا عن دهاليز التحليلات الفنية، لا من باب الدعم المخالف للأنظمة والقوانين، بل من باب إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي بعد موجات التدمير المتعمدة التي تعرضت لها سوق الأسهم أخيراً. أثبتت هيئة السوق المالية أنها ماضية قدما في دعم السوق وإصدار التشريعات والقرارات الكفيلة بإعادتها إلى سابق توهجها اعتمادا على معطيات الاقتصاد الوطني. كما أنها أكدت على النهج التشاوري من خلال تبنيها آراء الكتاب والصحافيين والمستثمرين وتحويلها إلى قرارات رسمية تعود بالنفع الكبير على السوق والمستثمرين. ما زلت أعتقد أن هناك حزمة من القرارات الداعمة لسوق الأسهم التي ربما نفاجأ بالإعلان عنها بين الفينة والأخرى، ما يجعلني أكثر تفاؤلا بالمستقبل، وبقوة السوق المستمدة من قوة الاقتصاد الوطني، وقوة الإرادة السياسية التي وقفت، بكل حزم وقوة، أمام عبث العابثين.
إنشرها