"أوبك" تبقي إنتاجها الحالي وتتوقع ارتفاع الطلب 1.4 مليون برميل

"أوبك" تبقي إنتاجها الحالي وتتوقع ارتفاع الطلب 1.4 مليون برميل

يقول محللون إن تراجعا كبيرا غير مرجح في الطلب على النفط هو وحده الذي يمكن أن يحقق ما عجزت عنه منظمة أوبك بتحريك الأسعار القريبة من مستويات قياسية لتعود إلى 50 دولارا للبرميل وهو مستوى يحظى بقبول كل من المستهلكين والمنتجين.
ووعد اجتماع وزراء نفط "أوبك" في كراكاس أول أمس الخميس بمواصلة ضخ
النفط بالكميات التي يحتاج إليها المستهلكون لكن الأسعار ظلت أمس، فوق
70 دولارا للبرميل قريبة من أعلى مستوياتها على الإطلاق البالغ
75.35 دولار والذي سجلته في نيسان (أبريل).
ومع نمو قوي للاقتصاد العالمي حيث يتوقع صندوق النقد الدولي
متوسط نمو قدره 4.9 في المائة هذا العام لا تلوح في الأفق مؤشرات
انهيار في الطلب على غرار ما حدث في أعقاب الصدمات النفطية في عقدي
السبعينيات والثمانينيات.
وقال ريتشارد باتي خبير الاستثمارات العالمية في "ستاندرد لايف
إنفستمنتس" التي تدير أصولا عالمية بقيمة 118.8 مليار جنيه استرليني
(222 مليار دولار) "النمو العالمي ما زال يبدو قويا."
وقد ولت الأيام التي كان بمقدور منظمة أوبك فيها إملاء اتجاه أسعار النفط بجرة قلم. كذلك الأيام التي كان يمكن فيها بحق وصف المنظمة التي تزود العالم بثلث حاجاته من النفط بأنها اتحاد احتكاري.
ويختلف الوضع في أسواق النفط اليوم اختلافا كبيرا عنه في
السبعينيات والثمانينيات. فالصدمات النفطية في السبعينيات والثمانينيات وقعت لسبب بسيط هو تخفيضات مفاجئة في الإمدادات نتيجة للحظر النفطي العربي والثورة الإيرانية.
وتمثل المخاوف بشأن الإمدادات عاملا بالتأكيد وراء ارتفاع أسعار النفط اليوم. وزادت الأسعار بما يقدر بين عشرة دولارات و15 دولارا بفعل الاضطرابات في العراق والمخاوف من أن يعطل النزاع حول برنامج إيران النووي الإمدادات من رابع أكبر مصدري الخام في العالم.
لكن الطلب القوي من الولايات المتحدة والصين أكبر مستهلكين للنفط في العالم وتدفق أموال صناديق التقاعد والتحوط على أسواق السلع الأولية هي أيضا عوامل مهمة.
وفي 2004 بدأت "أوبك" رفع سقف إنتاجها صوب مستواه الحالي البالغ
28 مليون برميل يوميا أو ما يقرب من الطاقة القصوى للمنظمة.
وخلال الفترة نفسها تضاعفت أسعار النفط إلى المثلين. ومنذ مطلع 2002
قفز سعر برميل النفط 50 دولارا.
وقال ليو درولاس نائب مدير مركز دراسات الطاقة العالمية: إن "أوبك" رهينة للطلب إلى حد كبير، والشيء الوحيد الذي سيغير الوضع
هو تباطؤ أكبر للنمو وتقلص الطلب على النفط. وبدأ المحللون يقلصون توقعاتهم لنمو الطلب على النفط بسبب استمرار ارتفاع الأسعار لكن المراجعات جاءت محدودة قياسا إلى حجم سوق النفط العالمية البالغ 85 مليون برميل يوميا.
وحسب مسح أجرته "رويترز" خفض المحللون متوسط توقعاتهم لنمو الطلب على النفط في 2006 بمقدار متواضع بلغ 240 ألف برميل يوميا ليصل إلى 1.3 مليون. ويتوقع المحللون تسارع خطى النمو إلى 1.42 مليون برميل يوميا العام المقبل.
وقالت ديبورا وايت من "إس.جي سي.أي.بي" في باريس "الركود
سيناريو مستبعد إلى حد كبير".
ومضت تقول "القوة البالغة للاقتصاد العالمي وتفاوت أسعار
السلع الأولية بين الازدهار والتضخم كلاهما نتيجة لسياسات نقدية
شديدة التوافقية للبنوك المركزية".
وتوقع المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية في مقابلة صحافية أمس، أن يلحق تفاقم التضخم وارتفاع أسعار الفائدة الضرر
بالطلب على النفط في نهاية المطاف.
وقال النعيمي "الفوائد ترتفع والتضخم يزيد، ومحاولة السيطرة عليه اليوم لا بد أن ترفع الفوائد وإذا ارتفعت قلت السيولة مما يؤثر في الطلب على المحروقات".
وأضاف: إذا حدث ذلك في الأشهر الستة أو الاثني عشر المقبلة فإنه سيؤثر في الطلب".
لكن هل سيكون هذا كافيا لخفض أسعار النفط إلى 50 دولارا وما دون ذلك.
يقول بول هورسنل وهو محلل في "باركليز كابيتال" "ستكون ثمة حاجة
بالتأكيد لدفعة غير مرجحة من بيانات ضعيفة للاقتصاد الكلي والطلب
على النفط، وفي عالم مثالي فإن غياب الأعاصير والعوامل السياسية
قد يساعد".
من ناحية أخرى، اتفقت "أوبك" على ترك إنتاج النفط قرب طاقته القصوى رافضة تقليصا مقترحا من البلد المضيف فنزويلا أبرز صقور الأسعار في المنظمة. وتخشى منظمة أوبك من أن يجيء سعر 70 دولارا لبرميل الخام بنتائج عكسية عليها عن طريق إبطاء نمو الاقتصاد العالمي.
وقال إدموند داوكورو رئيس "أوبك" ووزير النفط النيجيري "لسنا مرتاحين
عند مستويات كهذه لأن الأساسيات لا تدعمها ولأنها تنطوي على بذور المزيد من التقلبات، ما سيلحق الضرر بالجميع في نهاية المطاف".
وفي ظل إنتاجها بأقصى طاقة فقد باتت سطوة "أوبك" على أسواق النفط
العالمية محدودة. وتعززت أسعار الخام بفعل عوامل مثل عجز الطاقة الإنتاجية لمصافي التكرير والمواجهة بين إيران والغرب حول برنامجها النووي وتعطل الإمدادات في العراق ونيجيريا وتدافع المستثمرين على أسواق السلع الأولية.
وكان الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز قد اتهم في كلمة أمام وزراء نفط "أوبك" مثلت خروجا على العرف السائد في المنظمة الولايات المتحدة بمحاولة تدمير منظمة "أوبك"، ووصف أسلوب الحياة الأمريكي بأنه مضيعة لموارد الطاقة وأشاد بالمنظمة قائلا إنها تدافع عن العالم الثالث ضد الإمبريالية.
في الوقت نفسه، كشف مسح آخر أنه من المنتظر أن يعزز منتجو النفط من
خارج منظمة أوبك الإنتاج لتغطية الجزء الأكبر من زيادة الطلب العالمي على
الخام هذا العام ولكن ليس بالقدر الكافي لتلبية توقعات المحللين.
وأظهرت نتائج مسح أجرته "رويترز" أن بطء التعافي من أضرار الأعاصير في الولايات المتحدة وتأثر الإنتاج بفصل شتاء قاس في روسيا أجبرا المحللين على خفض توقعاتهم لنمو الإنتاج من "أوبك" بمقدار 180 ألف برميل
يوميا منذ كانون الثاني (يناير).

الأكثر قراءة