Author

انهيار سوق الأسهم السعودية يهدد النظام المصرفي!!

|
<a href="[email protected] ">[email protected] </a> عندما تطرقت في إحدى مقالاتي السابقة عن إمكانية تعرض الاقتصاد السعودي لهزات عنيفة، وإمكانية إعادة تقييمه من قبل المنظمات الدولية بسبب انهيار سوق الأسهم، هاتفني أحد القياديين المصرفيين معاتبا ومفندا. وقال مما قال "إنني أخلط بين الاقتصاد الحقيقي وبين التنظير الفلسفي" فاستوضحته عن معنى ذلك فقال: "إنك واهم فيما تقول". شكرته على حسن تواصله، وعلى تنبيهي لهذه النقطة بالذات، وتوكلت على الله، ولم أتوقف عن كشف ما قد يجره الانهيار من ويلات للمجتمع وللاقتصاد السعودي على حد سواء. لم يطل بي الوقت بعد ذلك الاتصال، حتى استمعت إلى كلمة معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي التي ألقاها في منتدى "بناء المستقبل" المنعقد في مدينة الرياض، ومنها قوله: "ليس للهبوط الحالي في سوق الأسهم أثر عكسي لا على البنوك، ولا على النظام المالي" ثم الجزئية الشهيرة التي وصف فيها انهيار سوق الأسهم بـ "التصحيح" الذي لن تتحمل المصارف بسببه أي تبعات سلبية. عندها أيقنت بأن "وراء الأكمة ما وراءها". خرجت بعض الصحف في اليوم التالي وهي مليئة بالانتقادات ووجهات نظر المستثمرين حيال تصريحات معالي المحافظ التي لم تأخذ في الحسبان ما تعرض له المواطنون من أضرار كبيرة جراء انهيار سوق الأسهم. أما أنا، فنظرت إلى خطاب معالي المحافظ من جهة أخرى، وأيقنت أنه لم يكن موجها للشارع السعودي بل إن صياغته الدقيقة المرتبطة بالنظام المصرفي، وأهدافه البارزة تشير بما لا يدع مجالا للشك إلى أنه موجه للرأي العام الغربي وعلى الأخص المنظمات الدولية وقياداتها التي تحضر المنتدى. حرص معالي المحافظ في كلمته على النأي بالقطاع المصرفي عن تداعيات انهيار سوق الأسهم تحسبا لأي قرارات مستقبلية قد تؤثر في مستوى التقييم الدولي للقطاع المصرفي السعودي. أصبح الأمر أكثر وضوحا بعد تناقل وكالات الأنباء تقرير مؤسسة "موديز" للائتمان الذي أشار بوضوح إلى المخاطر التي تهدد النظام المصرفي الخليجي في هذه الفترة الزمنية، ومن ضمنها " هبوط الأسهم ونمو الائتمان". وبهذا تحاول مؤسسة "موديز" أن تربط، بخبث متعمد، بين انهيار سوق الأسهم وبين التمويل البنكي، وتفترض أن البنوك الخليجية، ومن ضمنها البنوك السعودية، ستواجه أزمة حقيقية في ارتفاع نسبة الديون المشكوك في تحصيلها، وإن تجاوزت هذه الأزمة بنجاح، فإنها ستواجه بأزمة أخرى تتمثل في نقص الودائع البنكية التي ستؤثر سلبا في نسبة الملاءة لديها. الآن كشفت النوايا الخطرة، وتحولت الوصايا العشر إلى حفر عميقة لا يمكن الخروج منها بسهولة. نخطئ حين نضع ثقتنا التامة بالمنظمات الغربية دونما حذر، فنأخذ بنصائحها على أنها العلاج الناجع للمشاكل الاقتصادية التي أوهمونا بوجودها، ونخطئ أكثر حينما نتجاهل الأصوات الوطنية التي بحت وهي تشير إلى مكامن الخطر المنتظر. بالرغم مما حدث في سوق الأسهم، فإن المصارف السعودية لا تزال تشكل الداعم القوي للاقتصاد السعودي، وهي في وضع أقوى مما كانت عليه من قبل، مدعومة بملاءتها المالية التي تفوق المعدلات الدولية، وبنسبة نمو مقارن للربحية تزيد على 100 في المائة، إضافة إلى ما تتمتع به من كفاءة إدارية، رقابية، وإشرافية عالية التقييم. هذا ما أعتقده، لذا تعمدت أن أقوس عنوان المقالة كي أبرئ نفسي من تهمة تبنيها أو الاعتقاد بها. لست بصدد الدفاع عن القطاع المصرفي، فنتائجه السنوية وأرقامه الفلكية كفيلة بإسقاط حجج الحاقدين وفضح نواياهم السيئة. لكنني أسعى إلى ربط الأهداف بالنوايا ومناشدة الأطراف الفاعلة التكاتف من أجل إفشال المخططات الغربية. النوايا كانت واضحة منذ البداية، وهي تتلخص في زعزعة الثقة العالمية في الاقتصاد السعودي من خلال سوق الأسهم، ومن ثم نزع ثقة المستثمرين والمودعين في النظام المصرفي من أجل إخراج السيولة الضخمة التي دخلت إلى السعودية، بعد أن تم سحبها من المصارف الغربية، بداية عام 2004 وهي بداية طفرة سوق الأسهم السعودية. يفترض أن تتضافر الجهود من أجل إفشال مخططات المؤسسات الغربية المشبوهة من خلال دعم سوق الأسهم، المدخل الرئيس الذي استخدم لضرب الاقتصاد السعودي ونظامه المصرفي، وإعادته إلى نقطة التوازن الحقيقية. لن تنجح الجهود في إعادة السوق إلى نقطة التوازن دون تعاون تام من أطرافها المختلفة، بدءا من الصناع، كبار المضاربين، المستثمرين، المتداولين، وهيئة السوق المالية. لم يعد الأمر يحتمل التصادم، أو إظهار السلبية حيال ما يجري من حولنا. الأمر أصبح أكثر خطورة مما يعتقد، فالاقتصاد السعودي ونظامه المصرفي أصبحا في مواجهة حقيقية مع المؤسسات الدولية. هيئة السوق المالية بدأت بالفعل في تحسس مكامن الخطر، وقراءة المستقبل، وشرعت في وضع الخطط المناسبة لتجاوز أخطاء الماضي. تحسب لمعالي رئيس الهيئة الدكتور عبد الرحمن التويجري خطواته الجريئة الهادفة إلى دعم السوق والصعود بها من جديد، ويحسب له خطاب النوايا الحسنة الذي صرح به إبان تعيينه رئيسا لهيئة السوق المالية، ووعوده الإيجابية التي قطعها على نفسه والتي تصب في مصلحة السوق والمتداولين، ولم يتبق بعد ذلك إلا أن نرى التجاوب المثمر من قبل صناع السوق وكبار مضاربيها للعمل سويا من أجل حفظ استقرار السوق وإرجاع الثقة لها من جديد ثم الصعود بها إلى نقطة التوازن.
إنشرها