كان الصحابة والتابعون يتوضأون من الحياض والأواني المكشوفة, ولا يسألون: هل أصابتها نجاسة, أو وردها كلب أو سبع؟ ففي الموطأ عن يحيى بن سعيد: "أن عمر رضي الله عنه خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص, حتى وردوا حوضا, فقال عمرو: يا صاحب الحوض, هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر رضي الله عنه: لا تخبرنا. فإنا نرد على السباع وترد علينا".
ولو سقط عليه شيء من ميزاب, لا يدري هل هو ماء أو بول. لم يجب عليه أن يسأل عنه. فلو سأل لم يجب على المسؤول أن يجيبه. ولو علم أنه نجس. ولا يجب عليه غسل ذلك.
ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما, فسقط عليه شيء من ميزاب, ومعه صاحب له.
فقال: "يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أو نجس؟ فقال عمر رضي الله عنه: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا, ومضى" ذكره أحمد.
قال شيخ الإسلام: وكذلك إذا أصاب رجله أو ذيله بالليل شيء ركب, ولا يعلم ما هو, لم يجب عليه أن يشمه ويتعرف ما هو. واحتج بقصة عمر رضي الله عنه في الميزاب. وهذا من الفقه فإن الأحكام إنما تترتب على المكلف بعد علمه بأسبابها, وقبل ذلك هي على الأصل. فما عفا الله عنه فلا ينبغي البحث عنه.
