"الدعوى على من بيده العين"
يبحث الفقهاء هذه المسألة في إطار حديثهم عن أحكام الغصب والعقار, أو حين الحديث عن المدعى عليه في كتب القضاء, كما يوردونها وخصوصاً المتأخرين منهم أثناء حديثهم عن الفروق بين أحكام العين والدين, وقد عبروا عنها بأكثر من عبارة, مثل "الخصم في دعوى العين هو ذو اليد فقط" المادة 1635من مجلة الأحكام العدلية, "الدعوى بالعين لا تقام إلا على ذي اليد" الشيخ مصطفى الزرقاء, "الدعوى تقام على من بيده العين" كما هو التعبير الدارج لدى القضاة في محاكم المملكة, ويكثر وروده في الصكوك الصادرة منهم.
يعتبر هذا الحكم من الضوابط الفقهية المشهورة في كتب الفقهاء, وهذا الحكم وإن كان لا يستند إلى نص صريح من الكتاب أو السنة إلا أنه يستند إلى مجمل القواعد الكلية والأصول العامة للشريعة المبينة للحقوق والمركزة للمسؤوليات, وبلغة أهل القانون المحددة للمراكز القانونية, والعين هنا تشمل الثابت "العقار" والمنقول, ويقابلها الدين, وموجب هذه القاعدة: هو أن الأعيان -عقارا كانت أو منقولا- لا يمكن أن يكلف بتسليمها من ليست في حوزته, فإذا ادعى شخص على آخر بأنه اشترى منه عقارا ثم إنه " أي البائع " باعه مرة أخرى لثالث, وطالب المدعي إلزام البائع بتسليم العقار فإن الحكم في هذه الحالة سيكون بصرف النظر عن دعوى المدعي وإفهامه أن الدعوى تقام على من بيده العين, وذلك لأن الحكم لابد أن يكون له ثمرة وممكن التنفيذ, والعين في هذه الصورة ليست بيد المدعى عليه فلا يمكن أن ينفذ الحكم.
وإتماما لهذه القاعدة أشير إلى بعض المسائل المهمة المتعلقة بها, ومنها: أن للمدعي في مثل هذه الدعاوى مطالبة البائع بالضمان بسبب تعديه ببيع العقار أو غصبه- في صور الغصب- وذلك في حال لم يكن العقار بيده, ومنها: إذا ألزمت المحكمة من بيده العين تسليمها لصاحبها فله الرجوع إلى من باعه لاسترداد حقه, ومنها: أن المختص بنظر الدعوى على من بيده العين هو القاضي نفسه لأن الدعوى الثانية ناشئة عن الدعوى الأولى حسب البند (11/7 ) من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية, ولهذا فالأولى أن يدخل القاضي من بيده العين في القضية الأولى استنادا إلى المادة السادسة والسبعين من نظام المرافعات, كما أن للخصوم إدخاله في القضية كذلك حسب المادة الخامسة والسبعين.
وهذه القاعدة من القواعد المستقرة في القضاء السعودي, وتوجد أحكام كثيرة جدا تستند إليها, ولذا فالأولى لمن أراد المطالبة بالعين أن يختصر الإجراءات والوقت ويقيم الدعوى مباشرة على من هي بيده.