تحفل الصحف والمجلات المتخصصة في شؤون الأعمال بقصص درامية تعكس واقع الأحداث التي تجري في الشركات العائلية، فهنالك الابن العاق الذي يرفض مغادةر للنشاط العملي الخاص بوالده، وكذلك الأخت الطموحة التي تنجح رغم اعتقاد الجميع أن النجاح سيكون من نصيب الخال الجاد في عمله، وهناك انقسام الشركة إلى شركتين نتيجة الطموحات المختلفة داخل العائلة. فهنالك النجاحات والإخفاقات، إلا أن جميعها تصطبغ "بمشاعر عائلية".

إن أقل وصف يمكن أن توصف به الديناميكيات الإنسانية التي تلعب دوراً في النشاطات العملية العائلية أنها مدهشة، حتى بالنسبة للشخص العادي، أما بالنسبة لأي نشاط عملي أو للشخص المحترف الذي يعمل في النشاط العملي العائلي، أو في نطاق ذي علاقة به، فتأثير تلك الديناميكيات حيوي جداً. وإذا أخذنا بعين الاعتبار كون نحو 50 في المائة من النشاطات العملية مملوكة من جانب القطاع الخاص، يتضح لنا مدى أهمية فهم كيفية نجاح أو فشل ذلك النشاط العملي.

ويفتح لنا مانفريد كيتس دو فريز أستاذ تطوير الإدارة في "إنسياد"، وأستاذ الكرسي لـ Raoul de Verty d،Avacourt، الباب على مصراعيه على عالم النشاط العملي العائلي ليمنحنا نظرة ثاقبة على القوى الخارقة بالغة العمق التي يمكنها التأثير على القيادة والاستراتيجية التنظيمية وبنية العمل.

ويطرح دو فريز خلاصة عقود من تجربته، ومزيجاً فريداً من نظرياته الخاصة بالنشاط العملي وعلم النفس، وبحوثه وأفكاره المستنيرة فيما يتعلق بمجال النشاط العملي العائلي، ويعتبر هذا الأسلوب متلائماً بصورة مثالية مع الظروف المعقدة للنشاط العملي العائلي.

وبما لديه من شهادات جامعية في علم الاقتصاد والإدارة والتحليل النفسي، إضافة إلى أكثر من 200 ورقة عمل علمية، وأكثر من 20 كتاباً، وآلاف البرامج التعليمية والمحاضرات التي قدمها، فإن دو فريز يعتبر واحداً من أشهر الأساتذة العمليين في تطوير الإدارة، ويساعد أسلوبه التشخيصي العملي الذي يطرحه في كتابه الذي يحمل عنوان "النشاط العملي العائلي: المعضلات الإنسانية في الشركة العائلية" في توسيع أفق وعمق البحث.

ولا يكتفي دو فريز بمجرد الولوج في النصوص المكتوبة أو المعلومات المتاحة حول موضوع ما، ولكنه يلجأ إلى استنباط الأهمية من الوحدات المعرفية والعاطفية التي تكونت من خبرته كباحث تعامل مع أشخاص حقيقيين ضمن نشاطات عملية، وينعكس ذلك بوضوح ليس فقط في بيانات إدارية أو سلوك قابل للملاحظة، بل في السلوك الرمزي وأساليب التعامل الخاصة بين الأشخاص، ما يقدم رؤية واضحة ذات دلالة حول ما تعنيه الحياة داخل منظمة نشاط عملي، وبذلك يتم تطبيق نموذج إكلينيكي لإعادة إحساس الكائن البشري مرة أخرى إلى منظمة النشاط العملي.

ويحقق هذا الكتاب أهدافاً كثيرة لعدة أشخاص، فالأكاديميون على سبيل المثال يتمكنون من تكوين فهم عميق لدوافع وتصرفات جومان (نسبة إلى العالم كيرتس جومان) ضمن تركيب النشاط العملي العائلي، كما سيجد محترفو النشاط العملي هذا الكتاب مفيداً لقياس استقرار ومستقبل صاحب المشروع أو مالك النشاط العملي العائلي.

كذلك الطلاب سيستفيدون بشكل كبير من كتاب دو فريز، حيث سيتحسن مستوى فهمهم للمشاكل المتعلقة بالعمل في النشاطات العملية العائلية أو إداراتها، ويستفيد من هذا الكتاب كذلك المستشارون الإداريون الذين سيتوصلون إلى وسائل لتحسين فعالية التشخيص التنظيمي وعمليات التدخل الإيجابي في إدارة النشاطات العملية.

أما الفئة الأخيرة ولكن ليست الأقل استفادة بالتأكيد، فهي التي تضم الناس الذين يشكلون موضوع هذا الكتاب، أي أصحاب المشاريع ومالكي ومديري النشاطات العملية العائلية الذين يستطيعون أن ينظروا نظرة سريعة في المرآة ويعمقوا فهمهم لأنفسهم ولنشاطاتهم العملية العائلية.