الإنترنت أو التلفزيون: التشغيل الثلاثي والنزاع في زمن تكنولوجيا المعلومات!

الإنترنت أو التلفزيون: التشغيل الثلاثي والنزاع في زمن تكنولوجيا المعلومات!

الإنترنت أو التلفزيون: التشغيل الثلاثي والنزاع في زمن تكنولوجيا المعلومات!

الهاتف وشبكة الإنترنت والتلفزيون كلها مجتمعة في جهاز واحد. هذا هو التصور السهل الذي يطلق عليه التشغيل الثلاثي Triple Play، وتسبب في حدوث نزاع ثلاثي في زمن تكنولوجيا المعلومات. ويهدف هذا النزاع إلى الوصول إلى القرار الحاسم مع نهايته، فيما إذا كانت قنوات شبكة الإنترنت أو كابل التلفزيون ستكون نقطة التوصيل المركزية للاتصالات والمعلومات والتسلية، ويحظى الفائز بكل ذلك. ويشير ذلك إلى تدفق حجم المبيعات عن ثلاث حقول تجارية، والأهم تدفّق سيل من الزبائن، الذين يُعد تحوّل النظّام بالنسبة لهم عقبة كبيرة. وتستثمر شركات الإنترنت وشركات تشغيل كوابل التلفزيون المزيد من مليارات اليورو بهدف حسم هذه اللعبة لصالحهم.
وتتعدد أسباب الاستثمارات الباهظة، حيث اتّجهت الاتصالات الألمانية، وشركتها الفرع "تي أونلاين" T Online، إلى طريق الهجوم فيما يتعلّق بهذه القضيّة؛ التشغيل الثلاثي، لأنهما فقدتا الكثير على الأغلب كشركتين رائدتين في مجال تجارة الهاتف والإنترنت. فكل زبون يقرر التحوّل نحو نظام كابل التلفزيون يتحوّل عن مزوّده الحالي بالكامل، ويسبب خسارة ملحوظة في حجم المبيعات المنساب عن خدمات الهاتف والإنترنت.
ويمكن فهم صعود شركة الاتصالات إلى سوق التلفزيون على شبكة الإنترنت مُرفقاً بتعزيز شبكة عالية السرعة، على أنها استراتيجية مميزة بهدف تأمين تجارة سوق خطوط اتصال الهاتف، وتعزيز حجم المبيعات الناتج عن خطوط اتصال الإنترنت الرقمية المشتركة عالية الجودة DSL. إضافة إلى أن تدفق حجم المبيعات عن بيع محتويات قنوات التلفزيون يلعب دوراً ثانوياً في هذا.
وينمو الضغط على قطاع الهاتف وشبكة الإنترنت، وبالرغم من أن شركات الكوابل بدأت في وقت متأخر جداً في هذه السوق، إلا أنها تمكّنت في غضون أشهر قليلة من الفوز بما يزيد على 100 ألف زبون لصالح خدمات التشغيل الثلاثي، وبالتالي طوّرت وثبة في غمرة المنافسة.
ولم تتمكن شركات الإنترنت حتى الآن من تقليص أعداد الزبائن المشاهدين للتلفزيون تحت مظلة شركات الكوابل، إضافة إلى أن شركات تزويد الإنترنت تحظى بمساوئ البداية لاستراتيجيتها في ألمانيا، حيث تمتاز القنوات التلفزيونية المجانية الاستقبال، والمموّلة عن طريق الإعلانات التجارية، بوضع تجاري جيد ضمن المقارنة الدولية، بينما تعاني شركات قنوات التلفزيون المدفوعة منذ أعوام، وستشهد كذلك شركات خدمة التلفزيون على شبكة الإنترنت بداية محفوفة بالمشاكل، فلماذا يُفترض بمشاهد التلفزيون الراضي بامتلاك بث تلفزيوني مجاني، دفع المزيد من الأموال ليتمكّن من الحصول على خدمة التلفزيون عن طريق الإنترنت؟ فبدلاً من استقبال قنوات البث التلفزيوني عن طريق الأقمار الصناعية مقابل صفر يورو، أو دفع مبلغ يتراوح بين 10 و15 يورو شهرياً مقابل الحصول على خدمة اتصال الكابل، عليه دفع مبلغ باهظ مقابل تركيب خطوط الاتصال الرقمية المشتركة عالية الجودة DSL، التي يمكن عن طريقها نقل مشاهد التلفزيون، ضمن جودة عالية، حيث يتم ربطها بالكمبيوتر ومشاهدة التلفزيون عن طريقه.
ولم تتمكن الشركات حتى الآن من إعطاء إجابة منطقية ردّاً على هذا السؤال، ببساطة لأنها لم تقدّمه حتى الآن. ولهذا على شركات التزويد التي تريد نقل برامج التلفزيون عن طريق شبكات الإنترنت البحث عن إجابات أفضل بدلاً من البحث عن المئات من برامج التلفزيون لتتمكن من الفوز بالزبائن الجدد.
وتكمن فرصة شركات تزويد خدمات التشغيل الثلاثي ضمن ربط المحتويات المميزة بالتحديث التقني، الشيء الذي لا تتمكن شركات التلفزيون التقليدية من تقديمه. إلا أن القوة الكامنة في حقوق بث مباريات دوري كرة القدم على شبكة الإنترنت، التي تم بيعها لشركة الاتصالات الألمانية، محدودة، حيث إن هذه المباريات لا تُعد خاصة، وحتى هذه اللحظة لا تملك شركة الاتصالات الألمانية، ولا حتى غيرها من شركات الإنترنت، محتويات بث خاصة وجذابة في هذه السوق الضخمة، ببساطة لأن تملّك مثل هذه المحتويات يُعد باهظ التكلفة، بالإضافة إلى أنها قليلة، وتحظى بعدد محدود من المشاهدين.
ونظراً لمظاهر خدمة التلفزيون على شبكة الإنترنت المحدودة، تدفع الشكوك بنفسها بأن شركة الاتصالات الألمانية تمتلك حوافز أخرى تكمن وراء بناء شبكتها عالية السرعة الباهظة. وتأمل بمساعدة من حكومة الاتحاد أن تربح من جديد السيطرة على المنافسة في سوق خط الاتصال الرقمي المشترك DSL.
ويتميّز هذا النظام بمكر هائل في الوقت ذاته، حيث إن شركات الإنترنت الكبرى المُنتقاة بعناية، والتي لا تزال حتى الآن تعاود بيع خطوط الاتصال الرقمية المشتركة DSL المملوكة بالأصل لشركة الاتصالات الألمانية تحت اسمها الخاص، تحظى ضمن شروط التفضيل الخاصة بمراكز تكتّلات المنافسة الكثيفة، وبالتالي لا تسعى للبقاء معها، تلك الشركات التي استثمرت أموالها ضمن بنية شركة الاتصالات الألمانية الخاصة. ولكن يمكن لشركة الاتصالات الألمانية العيش على أفضل نحو عن طريق المنافسة الناجمة عن شركات الإيجار، حيث إنها لا تحقق حجم مبيعات إضافيا فحسب، ولكنها أشارت عبر مرور فترة من الوقت إلى انتعاشها الاقتصادي.
وكنتائج لهذا النظام، ستتقلّص منافسة البنية التحتية في سوق الإنترنت، والتي أشارت أخيرا إلى انخفاض واضح في أسعارها، وعملت على المضي نحو حجم هائل من الاستثمارات الجديدة. وكان من الممكن أن يشير تراجع الاستثمارات، وكخطوة لاحقة، تراجع في التحديثات إلى عواقب مصيرية بالنسبة للدولة الصناعية ألمانيا. وترتكب حكومة الاتحاد خطأً جسيماً من الناحية السياسة التنظيمية، ذي عواقب ملحوظة سلبياً على المستهلك، حيث سمحت لنفسها بالعمل الوطيد مع شركة الاتصالات الألمانية.

الأكثر قراءة