الشركات تبحث عن طرق جديدة لزيادة المبيعات

الشركات تبحث عن طرق جديدة لزيادة المبيعات

يعلق كثير من أصحاب مصانع السيارات آمالا كبيرة على معارض السيارات لإنعاش مبيعاتهم وتحقيق الأرباح، فالموديلات الجديدة التي يجري عرضها يؤمل أن تشجع السوق سواء بالنسبة إلى السيارات الصغيرة ذات المحركات الاقتصادية أو السيارات الكبيرة أو تلك الجذابة التي تثير إعجاب الشباب.
وفي هذا الإطار أصبح معرض جنيف للسيارات بمثابة صالون تقليدي تلتقي فيه الشركات لتعرض أحدث موديلاتها. وقد ساد التفاؤل أوساط صناعة السيارات مع بداية المعرض، حيث كان الجميع يتحدثون عن موجة انتعاش، غير أن هذا لم يشمل إلا عددا محدودا فقط من أصحاب الشركات.
كما يبدو من الصعب هذه المرة الوصول إلي استدلالات حول هذا الأمر رغم أن أعداد السيارات المرخصة لأول مرة تبدو مشجعة. ففي أوروبا تم بيع أعداد من السيارات خلال شهر كانون الثاني (يناير) الماضي لم يسبق أن بيع مثلها منذ سنوات.
شركة فولكس فاجن مثلاً أعلنت أنها قد حققت زيادة في مبيعاتها تفوق 20 في المائة، بل إن شركة فيات التي أعلن بعض الخبراء عن وفاتها نجحت في دحض هذه الأقاويل، فالسيارة من طراز بونتو الصغيرة تلقى رواجا كبيراً في الأسواق، أو على الأقل لدى وكلاء فيات في أوروبا الذين يتسابقون في طلبها.
أما السيارات من طرازي BMW و"أودي" فقد سجلت عام 2005 أرقاماً قياسية في الإنتاج، ما شجعها على تبني أهداف تسويقية طموحة لعام 2006. وبالمثل أعلن كارلوس غصن رئيس مجلس إدارة شركة رينو عن طرح مجموعة تتألف من 26 موديلاً من السيارات الجديدة خلال السنوات الثلاث المقبلة، فهل يعني ذلك أن قطاع صناعة السيارات قد تجاوز الأزمة؟!
إن من السابق لأوانه الجزم بهذا، ولكن المؤكد أن منتجي السيارات سيبذلون أقصى ما في وسعهم من جهد في معرض جنيف لجذب أوسع جمهور ممكن من خلال عروضهم المدهشة. ومن المؤكد أيضاً أن العناصر الجديدة في هذه السيارة أو تلك ستحظى بافتتان الزائرين. غير أن المشكلات الكبرى لم يجر حلها بعد، إذ لا بد لمنتجي السيارات الكبار في أوروبا من خوض منافسة تزداد ضراوة باستمرار على حصص في السوق مع المنتجين الآسيويين.
في السنوات الماضية تمكنت شركات: "تويوتا"، "هيونداي"، و"كيا"، من دعم موقعها في الأسواق الأوروبية بسيارات غير مكلفة ومتينة على حساب منافسيها من أوروبا الغربية. وعلى النقيض من هذا فإن شركتي "فولكس فاجن" و"أوبل" لم توفقا حتى الآن في حل مشاكلهما. فعلى الرغم من تدشين موديلات جديدة، يتعرض المنتجون الكبار لمزيد من الضغوط على هوامش الربح. فإنتاج سيارات أكبر وأسرع وتزويدها حد التخمة بالإلكترونيات يزيد أكثر فأكثر من تكلفتها في السوق، ما يضطر الوكلاء فيما بعد إلى التخلص منها عن طريق بيعها بحسومات كبيرة.
ففي الوقت الذي كانت فيه السيارة في ألمانيا تكلف عام 1998 في المتوسط نحو 19225 يورو، أصبحت تكلف عام 2005 نحو 24.090 يورو، بينما استقر، في الفترة الزمنية نفسها، متوسط سعر السيارة المستخدمة لمدة خمس سنوات على المستوى نفسه، وانخفضت القيمة الباقية من 48.5 في المائة لتصبح اليوم 33 في المائة فقط.
وبالنسبة إلى ارتفاع مبيعات كانون الثاني (يناير)، فقد تحققت جزئياً نتيجة تسهيلات البيع على السيارات الجديدة، ولكن معظم الشركات لم تتمكن من تحقيق هامش ربح يزيد قليلاً على 2 في المائة، باستثناء "تويوتا" و"هوندا". أما في قطاع السيارات الفارهة نسبياً، فقد حققت "بورش" وBMW و"أودي" أرباحاً أعلى بكثير.
ويبدو أن الفجوة آخذة في الاتساع، ومع ذلك فإن منتجي السيارات الفاخرة ليسوا أيضاً بمعزل عن مساورة القلق. فمع زيادة ضعف الدولار تزداد صعوبات تصدير أعداد أكبر من السيارات للخارج. ومما لا شك فيه أن التحسب لتقلبات أسعار العملة الصعبة ستظهر آثارها المكلفة على الميزان النهائي للصادرات.
والأخطر من ذلك كله هو فائض الإنتاج، فصناعة السيارات الأوروبية قد بلغ إنتاجها الذروة متجاوزاً بذلك الطاقات الإنتاجية المتوازنة، فأسواق السيارات في العالم مشبعة بالسيارات، ومن المستحيل على الأسواق النامية في شرق أوروبا وآسيا أن تتمكن من التعويض عن النقص في الطلب في ظل مستوى الأسعار السائد حتى الآن. أما نتيجة ذلك فهو تراجع العوائد، تقليص أماكن العمل، ونقل الإنتاج إلى بلدان الأجور المنخفضة.
ومن الملاحظ أن فائض الإنتاج والتنافس في الأسعار وتباطؤ الطلب قد أوقع صناعة السيارات الأوروبية في براثن منافسة حامية بل وطاحنة، ولهذا فإن على مديري مصانع السيارات ألا يستسلموا لوهم أنه سيكون بإمكانهم مواصلة الاتجاه الصاعد بالاستراتيجيات القديمة.
إن على العديد من مديري مصانع السيارات أن يعيدوا التفكير وأن يبحثوا عن طرق جديدة لبلوغ الأهداف المرسومة في سجلات الطلب، ونقطة البداية لذلك هو المنتج. وفي ضوء الزيادات في تكاليف الطاقة وتعاظم الطلب على السيارات الاقتصادية، فإن التركيز على إجراء البحوث في مجال التكنولوجيات البديلة هو بالتأكيد أحد الطرق للخروج من المأزق الراهن.

الأكثر قراءة