التفسير الوجيز في نظام الجنسية السعودية الجنسية الأصلية ( 1-3)

عودة الفرع إلى الأصل جعلني أكتب في القانون بحكم أنني في الأساس محام وإن كنت لم ابتعد عنها كثيرا حتى وإن عملت في التجارة، ولكن نظام الجنسية ينعكس على الحالة الاجتماعية والاقتصادية، وخير دليل ما قامت به الحكومة الكندية في استجلاب العقول والأموال المهاجرة حول العالم إليها. ورغبة في توضيح مدى جدية النظام الجديد في إنهاء معاناة كثير من المستفيدين أو من يرغبون في حمل شرف الجنسية السعودية، فأشير في المقدمة إن إلى الجنسية رابطة سياسية ونظامية تعني انتماء الشخص إلى دولة معينة، فهي رابطة سياسية لأنها تحدد ركن المواطنة داخل أي دولة، وهي كذلك نظامية لأن المشرع داخل كل دولة له الحق في تولي تنظيمها، منحا ومنعا وإسقاطا واسترداداً، وفصلاً فيما يثور بشأنها من منازعات حسب النظام. والمشرع بوضعه الشروط والضوابط المتعلقة بالجنسية داخل الدولة يعبر عن سلطة واسعة للدولة في شأن هذا التنظيم المتعلق بهوية وتابعية مواطنيها، حيث تتمتع الدولة بالحرية في إصدار الأنظمة التي تحدد أسس وضوابط منـح الجنسية''الأصيل أو التجنس'' وتحديد حالات إسقاطها واستردادها.. إلخ، ومع هذا فهذه الحرية ليست مطلقة، بل يرد عليها عدد من القيود والضوابط منها حق اللجوء إلى المحكمة التي حددها النظام في حال التعسف أو الاعتراض وكذلك التأثيرات التي تضاف إلى حقوق الجنسية مثل المعاهدات والاتفاقات الدولية أو الإقليمية أو الثنائية التي ارتضت بها الدولة مثل المزايا التي يحصل عليها المواطن في مجلس التعاون الخليجي.
فضلاً عن ضرورة قيام الجنسية على أساس رابطة حقيقية وفعلية تربط الفرد بالدولة مانحة الجنسية، فلا يمكن أن تمنح الدولة جنسيتها لأفراد لا تربطهم بها رابطة، وأخيرا فإن تشريع الجنسية داخل أي دولة تتسم قواعده بطابع أحادي، حيث ينظم جنسية هذه الدول فقط دون تدخل في جنسيات الدول الأخرى. وفي المملكة العربية السعودية صدر القانون رقم 7 في 13 شوال1357 - 1939 الذي تم إلغاؤه بمقتضى نظام الجنسية العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم 5604/20/8 في 22/2/1374هـ ولائحته التنفيذية، وتم بعد ذلك تعديله في 29 شوال 1425هـ بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/54 ونشر في جريدة أم القرى في 13 ربيع الأول سنة 1426 هـ الموافق 22/4/.2005
تنقسم الجنسية السعودية إلى نوعين: سوف أذكر في هذا المقال (الأصيل)
النوع الأول: جنسية أصلية (المادة الرابعة من النظام الصادر عام 1374 هجري)، والتي يكتسبها الشخص منذ مولده، فهي أول جنسية تلحق بالفرد، والتي يحددها النظام السعودي على أساس أحد المعايير أو كليهما، هما: حق الدم وحق الإقليم، فحق الدم يعني:
أ- من كانت تابعيته عثمانية عام 1332هـ الموافق 1914م من سكان أراضي المملكة العربية السعودية الأصليين.
ب- الرعايا العثمانيون المولودون في أراضي المملكة العربية السعودية أو المقيمون فيها عام 1332هـ 1914م الذين حافظوا على إقامتهم في تلك الأراضي إلى 22/3/1345هـ ولم يكتسبوا جنسية أجنبية قبل هذا التاريخ.
ج- من كان من غير الرعايا العثمانيين مقيماً في أراضي المملكة العربية السعودية عام 1332هـ 1914م وحافظ على إقامته فيها إلى 22/3/1345هـ ولم يكتسب جنسية أجنبية قبل هذا التاريخ.
د - يسري حكم الفقرة (أ) من المادة الرابعة على النسوة من سكان المملكة العربية السعودية الأصليين اللاتي يتقدمن بطلب استرداد الجنسية السعودية بعد طلاقهن أو وفاة أزواجهن. وهناك من قبل بهم النظام وأصبح أصيلا (بموجب المادة الرابعة) وهم أفراد أو مجموعات صدر لهم بموجب أوامر سامية ( تصحيح أوضاع) وتم إلحاق الفرع بالأصل من القبائل الرحل وهم القبائل النجدية التي هاجرت إلى سورية أو العراق أو الأردن، وكذلك قبائل الربع الخالي وهم: الصيعر، النهدي، المصعبين، الكرب، المناهيل، همام، وغيرهم الذين تمّ ضمهم داخل الحدود السعودية بموجب معاهدة جدة مع الحكومة اليمنية وكذلك البدو الرحل بين دول الخليـج العربي الذين تم تحديد مواقعهم وإعطائهم الخيار بحمـل جنسية واحدة فقط وهم الذين على الحدود ما بين الكويت، قطر، والإمارات. حق الدم: لم يساو المشرع السعودي بين الرجل والمرأة في حق الدم، فقد جعل هذا الحق قاصراً على الأب ''أصيل أو متجنس'' فقط، ويأخذ بحق الدم من جهة المرأة في حالات محدودة إذا كان الأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له على الإطلاق وهناك حالات تم تصحيح أوضاعها خاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة. كذلك يمنح الجنسية لمن يولد داخل السعودية لأبوين مجهولين، وجهالة الأم تكون جهالة واقعية، أي ليست معروفة من حيث الواقع، أما جهالة الأب فقد تكون واقعية أو تكون قانونية بنفي نسب الابن إلى أبيه. وفي ثبوت الجنسية لهذه الفئة - التي تسمى اللقطاء جرى تعديل النظام ليشمل اللقطاء المولودين داخل المملكة لأبوين مجهولين معتبراً اللقيط في المملكة مولوداً فيها ما لم يثبت العكس (مادة 7). ويلاحظ أن المشرع السعودي أضاف وتوسع من ناحية شرعية- إلى حد كبير - بالمقارنة بالتشريعات العربية الأخرى بخصوص اللقطاء فأضاف لهم حقوقا أعلى. والسعودية بتنظيمها الجنسية الأصلية التي تثبت بحق الدم بحسب الأصل من جهة الأب، فهو متفق عليه في ذلك مع غالبية التشريعات العربية مثل الأردن، السودان، لبنان، ليبيا، مصر، الجزائر، تونس، المغرب، قطر، البحرين، والإمارات. ويستوي في ذلك أن يكون المولود ذكراً أم أنثى ويستوي أن يولد في داخل الدولة أو خارجها، وإذا توفي الأب الأصيل أثناء حمل زوجته غير السعودية حتى وإن لم يكن يحمل تصريحا من وزارة الداخلية فيحق للمولود ''أبنا أو ابنة'' الحصول على الجنسية ويصبح أصيلا إذا أثبت بأوراق رسمية معترفا بها في بلد المولود وتؤخذ الإقرارات والإعلانات أمام الموظف المختص في أي من إدارات الأحوال المدنية أو ممثليات المملكة في الخارج، وهناك حالات كثيرة لزوجات أجنبيات لم يحصل فيها أبناؤهن على الجنسية سابقا، أما الآن عن طريق لجنة رعاية الأبناء السعوديين في الخارج فقد تم تصحيح أوضاعهم ويتولى هذا الجهد الإنساني الكريم فيصل المطلق صاحب فندق المطلق في الرياض والرئيس الفخري للجنة الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية رعاه الله تعالى. ختاما سوف أسرد في المقال الثاني حقوق وواجبات اكتـــــساب الجنسية السعودية بموجب النظام الجديد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي