أكد خالد السويدي رئيس مجلس إدارة بنك المصرف (تحت التأسيس) الذي سيتخذ من البحرين مقرا، أن البنك لديه خطط للاستثمار في السوق السعودية وسيغطي عدة مجالات في قطاعات تمويل الأفراد، الاهتمام بمشاريع البنية الأساسية، مشاريع صناعة الطاقة، والمشاريع الصناعية المتعددة مثل البتروكيماويات.
وأوضح في حواره مع "الاقتصادية" أن المصرف الذي سيبدأ عمله نهاية العام الجاري، يعمل حاليا على تحديد نظام الاكتتاب النهائي الذي سيقرر وفق المساهمة الفعلية للمؤسسين، مع مراعاة الحرص على تخصيص شريحة مناسبة للاكتتاب العام التي ستكون مفتوحة أمام الجميع دون تمييز، وسيتحدد سعر السهم وعلاوة الإصدار في ضوء إنهاء إجراءات ونظام الاكتتاب العام .
وتطرق السويدي إلى العديد من المحاور الأخرى المتعلقة بتأسيس بنك المصرف وما سيقدمه في السوق الخليجية والأسواق الأخرى، وفيما يلي نص الحوار:
* شهدت الساحة الخليجية في الآونة الأخيرة الإعلان عن تأسيس بنوك إسلامية جديدة، وأنتم تعتزمون تأسيس بنك المصرف برأسمال مصرح به 20 مليار دولار ومدفوع عشرة مليارات دولار ومقره البحرين. ما الذي سيقدمه هذا المصرف في السوق الخليجي والأسواق الأخرى؟
أصبحت تجربة المصارف الإسلامية جزءا لا يتجزأ من منظومة الحياة الاقتصادية على المستويين المحلي والعالمي، وتكرست كنظام اقتصادي ومالي يقدم أشكالا من المنتجات والأنشطة التمويلية التي أثبتت قدرتها على مجاراة التجارب المالية والمصرفية التقليدية. بل إن العديد من المؤسسات المالية الكبرى أصبحت تسعى لابتكار أنماط من الأنشطة التمويلية التي تتفق وأحكام المعاملات الإسلامية. وتعددت المصارف والبنوك الإٍسلامية في دول العالم الإسلامي والمنطقة العربية لكنها كانت تصطدم في كثير من الأحيان بقيود وآليات المصارف المركزية خاصة فيما يتصل بحجم التمويل والنسب المقررة وفق رساميل هذه المصارف واحتياجاتها, فضلا عن قيود أخرى تتصل بآليات تطبيق عقود معاملات المصارف الإسلامية التي لم تتمكن المصارف المركزية بعد من معالجة معايير العمل فيها لتسهل تطبيق تلك العقود. وسط هذه الإشكالات كان لا بد من ظهور مؤسسة مصرفية إسلامية تبدأ بقوة وبانطلاقة ضخمة تلبي احتياجات تمويل المشاريع الضخمة التي لا تملك البنوك والمصارف القائمة القدرة على تمويلها، هذا من جانب, ومن جانب آخر فإن ما تشهده دول المنطقة من فورة اقتصادية ونمو متسارع وحجم السيولة الناتج عن ارتفاع مداخيل دولها جراء ارتفاع أسعار النفط ، أوجد حالة تتطلب وجود مؤسسات مالية ضخمة قادرة على امتصاص هذه السيولة وترتيب إعادة توظيفها واستثمارها في مجالات تصب في خانة التنمية الاقتصادية والوطنية لتلك الدول، من هنا كان لزاما خروج "المصرف" بهذه المكانة والقوة ، إضافة إلى ذلك فإننا ننظر إلى أفق بعيد يشمل شتى بقاع البلاد الإسلامية التي تتعطش لخدمات مصرفية إسلامية ذات حجم كبير خاصة بين دول آسيا وتركيا وشمال إفريقيا والعديد من البلاد الإسلامية، إضافة إلى تقديم الخدمة المصرفية الإسلامية حتى في المجتمعات والدول الأخرى.
ما نتائج دراسة جدوى تأسيس هذا المشروع؟ وعلى ماذا ترتكز استراتيجيتكم الاستثمارية؟
النتائج كانت إيجابية والحمد الله، وقد دعم هذه الدراسة تلك المؤشرات الظاهرة للعيان من خلال تجارب المصارف الإسلامية التي تؤكد سلامة موقفها وقدرتها على الثبات في ظل متغيرات هذا العالم المالي والاقتصادي، أما استراتيجيتنا فإنها ترتكز إلى محاور عدة أهمها:
1 - النظرة الشاملة في تحديد أنماط وأشكال الخدمات المصرفية الإسلامية التي تستهدف عدة شرائح على المستويين الإقليمي والدولي.
2 - الاهتمام بالاستثمارات وأحجام التمويل الكبرى بالقدر نفسه الذي نوليه لصغار المستثمرين والمتعاملين وتلبية احتياجات الأسواق الاقتصادية والمالية دون تمييز.
3 - الإسهام الفعلي والجاد في بناء فكر اقتصادي إسلامي يحظى بشريحة واسعة في مجال التنمية الوطنية لدول المنطقة وفق اعتبارات عالمية.
4- جودة وإتقان وتنوع تضع أسسا متينة لخدمات "المصرف" ليكون عالميا دون منازع .
أشرتم إلى أن "المصرف" سيحتوي على قسم تجاري، ما الخدمات التي تتطلعون لتقديمها, خاصة أن البنوك التجارية أصبحت كثيرة وخدماتها متشابهة ؟
سيهتم "المصرف" بتقديم خدماته كمصرف تجاري لأن هناك شريحة واسعة تتطلع إلى خدمات متميزة غير عادية، ولا أخفيكم أن "المصرف" له نظرة خاصة فيما سيقدمه من منتجات وخدمات في هذا القطاع، نثق تماما بأنها ستحظى بشريحة واسعة من المستفيدين لهذه الخدمة، رغم تعدد مؤسسات الخدمات المصرفية التجارية التي نقدر وجودها، ولكننا نعتمد خطط واستراتيجيات تنطلق من حيث انتهوا هم فيما يقدمون.
كم يبلغ رأس المال المدفوع الذي قمتم بتحصيله حتى الآن, ومَنْ المساهمون الرئيسيون في المصرف؟
يبلغ رأسمال "المصرف" المصرح به 20 مليار دولار والمدفوع منه عشرة مليارات دولار، وتم تحصيل 40 في المائة من رأس المال عن طريق الاكتتاب الخاص وهو ما يقارب 4.5 مليار دولار، في حين سيتم طرح 60 في المائة للاكتتاب العام. وقد فاق الإقبال على تغطية رأس المال المستهدف كل التوقعات، ولا أشك أننا سنغطي رأس المال المدفوع بيسر وسهولة في ظل هذه الثقة والرغبة الكبيرة للإسهام في رأس المال سواء من جانب المؤسسين أو عند طرح حصة من رأس المال للاكتتاب العام. أما المساهمون الرئيسيون فهم نخبة مميزة من بعض المؤسسات المالية والمصرفية العامة والخاصة، إضافة إلى مجموعة من الرساميل الفردية التي أبدت رغبة وشاركت فعلا من شتى دول المنطقة، وبلغت نسبة مساهمة المستثمرين القطريين 35 في المائة في حين بلغت نسبة السعوديين 20 في المائة، والبحرينيين 10 في المائة، والإماراتيين النسبة نفسها. ولا أخفيكم أننا ما زلنا نتلقى العديد من الرغبات من كبار المستثمرين وإدراجهم ضمن شريحة المؤسسين.
أعلنتم عن النية لطرح الأسهم للاكتتاب العام، هل لنا أن نتعرف على قيمة الأسهم المطروحة للاكتتاب؟ وفي أي الدول سيتم طرحها؟ وكم يبلغ سعرها وعلاوة الإصدار؟ ومتى يتوقع طرحها للمستثمرين؟
ما زلنا بصدد تحديد نظام الاكتتاب النهائي الذي سيقرر وفق المساهمة الفعلية للمؤسسين، مع مراعاة حرصنا على تخصيص شريحة مناسبة للاكتتاب العام التي ستكون مفتوحة أمام الجميع دون تمييز. وسيتحدد سعر السهم وعلاوة الإصدار في ضوء إنهاء إجراءات ونظام الاكتتاب العام, الذي نأمل إنجازه في القريب.
في ظل الانخفاض الكبير الذي تشهده أسعار الأسهم الخليجية ألا تعتقدون أن طرح الأسهم للاكتتاب خلال هذه الفترة قد يواجه تراجعا وترددا من بعض المستثمرين الذين تعرضوا لخسائر الأسهم؟ -لا أعتقد أن هناك رابطا بين انخفاض أسعار الأسهم في أسواق المال الخليجية ومبدأ طرح الاكتتاب في أسهم "المصرف" لأن العوامل المؤشرة في ارتفاع وانخفاض أسعار الأسهم خارج إطار ومعايير مقدرة مؤسسات مالية ومصرفية ذات جدوى وقادرة على الإيفاء بالتزاماتها في مجال التمويل والاستثمار.
وهناك حجم من السيولة الضخمة التي تتعطش للإسهام في مثل هذه المؤسسات، وسيبقى الأمر مرهونا بمقدرة "المصرف" على إثبات وجوده وقدرته على العطاء والإسهام الحقيقي في التنمية المالية والاقتصادية. ونحن عندما نقدم "المصرف" لا تقيدنا نظرة واحدة ترتكز إلى سعر السهم في أسواق المال، فذلك كما لا يخفى عليكم أمر يراوح صعودا وهبوطا وفق اعتبارات قد لا تتصل فقط بإنتاجية ومقدرة تلك المؤسسات على العمل وتحقيق النتائج المرجوة خاصة في أسواق المال الخليجية .
توجه المستثمرين القطريين لإنشاء بنوك إسلامية في البحرين نادرة، فما أسباب هذا التوجه في الوقت الحالي؟ ولماذا لم تفكروا في دول خليجية أخرى؟
أصبحت البحرين الموقع المفضل لانطلاقة وتأسيس أنشطة المؤسسات المصرفية الإسلامية بفضل استقرار أنظمتها المالية والاقتصادية، ولما تقدمه من نموذج مثالي للاقتصاد الحر الجاذب للرساميل، ولتجربتها الرائدة وخبراتها الطويلة والمستقرة في مجال العمل المصرفي بشكل عام. هذا فضلا عن مرونة وفاعلية اللوائح التنظيمية لسلطاتها النقدية، بل تشجيعها الدائم على استقطاب تلك المؤسسات وتوفير كافة السبل لنجاح تجاربها. وزيادة على ذلك فإن على أرض المملكة يوجد العديد من الخبرات والكفاءات الوطنية المميزة في مجال العمل المصرفي تشكل ثروة تنهل منها تلك المؤسسات لدعم أنشطتها. وفوق كل هذا يأتي دور قياداتها الرشيدة وحكمتها في رعاية تلك المؤسسات ودعمها ومؤازرتها, ما يكفل تحقيق أهدافها من جانب، ويضيف بعدا مميزا لاقتصاد الدولة واعتماده مصادر متعددة لدعم ونمو دخلها القومي وتوفير عناصر التنمية الشاملة. هذا في حين أن التوسع وارد ضمن خططنا للانطلاق إلى باقي دول المنطقة واستشراف كافة الفرص المتاحة في أسواقها .
البعض يختار البحرين لتأسيس مشاريعهم بسبب قربها من السوق السعودية. هل يعتبر ذلك من الأسباب التي أدت لاختيار البحرين؟ وما خطتكم للاستثمار في السعودية وفي أي القطاعات تحديد؟
لا شك أن السوق السعودية سوق واسعة ومتعددة الفرص وثرية بالعديد من المشاريع والبني الأساسية لانطلاقة العديد من فرص التمويل والاستثمار، لكنه ليس العامل الوحيد الذي حدد اختيارنا البحرين، إذ تدخل عوامل أخرى متعددة منها تلك القاعدة الصلبة للنظام الاقتصادي الإسلامي التي تأسست في البحرين، وجود أنظمة الاتصال وقواعد البيانات المتطورة بين مؤسساتها على المستويين الخاص والعام. أما خططنا للاستثمار في السوق السعودية فإنها شاملة وواسعة ستغطي عدة مجالات في قطاعات تمويل الأفراد من جانب، والاهتمام بمشاريع البنية الأساسية ومشاريع صناعة الطاقة والمشاريع الصناعية المتعددة مثل البتروكيماويات.
تحدثتم عن بعض المشاريع الأولية المقترحة ضمن استراتيجية بنك المصرف, منها مشروع للاتصالات، شركة طيران، ومشروع إسكاني. لنتعرف عن قرب على هذه المشاريع؟
بالفعل لدينا تصورات واضحة لعدة مشاريع في مجالات الإسكان والتطوير الحضري، ومجال الاتصالات والصناعات الصغيرة فضلا عن المشاريع الصناعية الضخمة وتمويل القطاع الحكومي. وسنعلن في حينه عن تفاصيل دقيقة لكل منها عند قرب طرحها، أو تشكيل محافظ للإسهام فيها.
تواجه بعض شركات الطيران منافسة كبيرة وخسائر فادحة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، ويعتبر الاستثمار في هذا القطاع مجازفة, كيف ترون ذلك؟
لا يشكل الأمر بالنسبة للإسهام أو التمويل لمشاريع خدمات الطيران قضية بالنسبة لنا في الوقت الراهن، ذلك أنه مرهون بدراسات جدوى محكمة لأي فكرة قد نشارك فيها أو نتبناها. والمجازفة في الدخول في مثل هذه المشاريع تبقى مرهونة بقناعاتنا بمدى تدني مخاطرها وفق عدة عوامل, منها كما أشرتم ارتفاع أسعار الوقود لخدمات شركات الطيران. فضلا عن تعدد الشركات العاملة، وإن تطرقنا للدخول في مثل هذه الاستثمارات فإنها ستكون ضمن منهج واضح ومحدد يضمن تقديم خدمة وأشكال مميزة لأي شكل من هذه الاستثمارات .
مازالت الحكومات الخليجية متحفظة حيال إشراك البنوك الخليجية في مشاريع النفط والغاز وهناك حذر واضح في هذا الشأن, والدليل قلة المشاريع في هذا القطاع, ما تفسيرك لذلك وهل تعتزمون الدخول في هذا المجال؟ قد يكون تحفظ دول الخليج على إشراك المصارف والبنوك في مشاريع الطاقة وصناعة النفط ، مرده إلى ضخامة هذه الاستثمارات التي لا تقوى عليها إلا ميزانيات الدول بحد ذاتها، فضلا عن أن سوق الصناعة النفطية العالمية تقدم لدول الخليج فرصا واستثمارات مغرية بحكم ضخامة مؤسساتها المالية التي تقبل على مثل هذه الصناعة بأموال ضخمة وبهامش مردود متدن بحكم ضخامة حقوق ملكياتها، ما لا يؤثر على ميزانياتها عند تمويل هذه المشاريع الضخمة، وهذا ما نسعى للتغلب عليه في "المصرف" من خلال حجم رأس المال العالي الذي بدأنا به.
تخططون للتوجه إلى دول أخرى مثل تركيا وماليزيا وإندونيسيا, ما القطاعات التي ستستثمرون فيها؟ ألا تعتقدون أن الدول الخليجية في حاجة لهذه الاستثمارات للتطوير من خلال الاستعانة بخبرات هذه الدول وجلب مشاريع مشتركة منها؟
سوق الدول الإسلامية في آسيا وتركيا سوق واسعة تشمل قطاعات متعددة يمكن الاستثمار فيها ولها القدرة على تلقي أصناف ومنتجات متعددة من التمويل، كما أنه يمكن الاستعانة بخبرات تجارب هذه الأسواق في طرح منتجات جديدة للأسواق المحلية. فقد تمكنت بعض هذه الدول الإسلامية من خلال تجاربها المصرفية من ابتكار منتجات جديدة في مجال العمل المصرفي الإسلامي تتوافق مع أحكام الشريعة خاصة في ماليزيا على سبيل المثال التي تتمتع بتجربة رائدة ومتنوعة. هذا فضلا عن اتساع أسواق هذه المناطق واتصالها بباقي أسواق الدول المجاورة التي يمكن دخولها في أشكال من التمويل مثل تمويل الصناعات الصغيرة، وفتح المجال لاستثمارات الجاليات الإسلامية ذات الكثافة السكانية العالية.
ومن جانب آخر فإن هناك مجالات واسعة للدخول فيها في تلك الدول مثل تمويل النشاط التجاري وتبادل السلع مع دول المنطقة في الخليج، واستثمارات تمويل قطاع المقاولات ، فضلا عن الإسهام في تجارب إصدار الصكوك المالية التي تمتاز فيها ماليزيا بتجربة متقدمة.