Author

"جوجل" في إسرائيل

|
أعلنت شركة جوجل منذ أيام قليلة اعتزامها توسيع أعمالها في إسرائيل من خلال توفير خدماتها بشكل أكبر للناطقين باللغة العبرية سواء على صعيد الاستخدام الشخصي أو الشركات، ويشمل هذا الإجراء زيادة استثمارات الشركة وكذلك زيادة أنشطتها التجارية هناك. وتحدث مير براند المدير التنفيذي للشركة في مؤتمر صحافي عقد في إسرائيل أخيراً، أن "جوجل" ستسعى جاهدة لإيجاد خدمات وفعاليات تخدم الفئات الثلاث من زبائن "جوجل" في إسرائيل وهم: المعلنون، وملاك المواقع، إضافة إلى المستخدمين العاديين. وطبقا للخطة الجديدة فإن كل خدمات "جوجل" سوف تكون متاحة باللغة العبرية خلال 18 شهرا بدأت منذ الأسبوع الماضي، وكانت الشركة العالمية قد أنشأت موقعها باللغة العبرية منذ أربع سنوات، وهو يقدم خدمات "جوجل" بشكل جزئي وأنشأت مكتبا في إسرائيل بقيادة "براند"، الذي يبدو أنه استطاع إقناع شركته بالقيام بالمزيد من الأنشطة في تل أبيب. وعلى الرغم من أن الشركة رفضت تقدير حجم الاستثمار الذي تنوي الدفع به في إسرائيل، إلا أن براند أعلن أن الشركة سوف تستجيب باستمرار إلى متطلبات السوق المتزايدة، حيث تقول إحصائيات أجرتها شركات متخصصة أن ثلاثة من بين أربعة مستخدمين للإنترنت يزورون موقع جوجل مرة واحدة على الأقل أسبوعيا. وأهم ما لفت نظري في هذه الأنباء هو أن الشركة تخطط لأن تبتكر خدمات جديدة تخدم السوق المحلية الإسرائيلية توفر إمكانيات جديدة للباحثين عن السلع والخدمات وتفتح آفاقا جديدة للدعاية عبر الإنترنت بالنسبة للشركات، حيث سيرى مستخدمو "جوجل" حول العالم إعلانات باللغة العبرية تظهر على يسار صفحة نتائج البحث الذي تطابقت كلماته مع الكلمات المدرجة ضمن برنامج "جوجل" الدعائي، الذي يوجه الدعاية إلى مجتمعها المستهدف عن طريق إيجاد علاقة بين كلمات البحث والإعلانات المدرجة. وردا على سؤال حول ما إذا كانت "جوجل" ستسعى لتطوير أساليبها في البحث ذاته لتناسب المجتمع الإسرائيلي، أجاب براند أن هدف الشركة هو السعي وراء الإبداع أينما كان، وإذا ظهر هناك أفكار خلاقة للبحث باللغة العبرية فإن "جوجل" لن تتوانى في أن تتبناها. أما الأكثر إثارة فهو أن تعلن "جوجل" أنها لا تنتظر ربحا سريعا من وراء هذا النشاط، فعلى الرغم من أن المجتمع الإسرائيلي يعتبر من المجتمعات التي تستخدم الإنترنت بكثافة وأن نسبة الإقبال على الشبكة تتزايد باستمرار، إلا أن معدل النشاط الدعائي الإسرائيلي على الشبكة لا يتجاوز 5 في المائة. وتقول الشركة إنها تعتبر هذه الخطوة استثمارا طويل المدى في سوق تظن أنها سوق واعدة كالسوق الإسرائيلية، وترى أن الخدمات الجديدة ستمثل نقطة انطلاق رائعة للشركات الإسرائيلية الصغيرة التي تبحث عن نقطة ما تنطلق منها إلى آفاق التصدير والعالمية، حيث ستكون "جوجل" هي وسيلتها لتصل بمنتجاتها إلى غير الناطقين باللغة العبرية بكل يسر وسهولة، ولذلك يقول مدير المركز التنفيذي لجوجل في إسرائيل: لن تكون مفاجأة أن تفتتح الشركة هنا مركزا للأبحاث والتطوير! بصراحة شديدة، أنا لا أستطيع وصف مشاعري أثناء قراءة هذه الأنباء ولكن يحق لي أن أتساءل: كم عدد المتحدثين بالعبرية أصلا؟ وكم عدد الذين يستخدمون الإنترنت ممن لا يعرفون سوى هذه اللغة؟ وفي المقابل كم عدد المتحدثين بالعربية في هذا العالم؟ ولماذا يستخدم معظمهم الإنترنت بلغة تختلف عن لغتهم الأصلية، ولماذا يلجأون إلى كتابة تعبيراتهم أحيانا من خلال مزيج مضحك بين الأرقام والحروف اللاتينية؟! هذه الأنباء ومثلها كثير مفتوحة للتأمل في واقع افتراضي عجيب الإنترنت فيه شاهدة على حدثين متناقضين محورهما لغتان من بطن واحد تشتركان في كثير من القواعد والمفردات: لغة تم استخراجها من القبر لتفرض فرضا على العالم واليوم ينحني العمالقة احتراما للمتحدثين بها، ولغة أخرى لا تكل محاولات وأدها حية أو تشويه جمالها بالمواد الكاوية ونسف حضورها بالنيران الصديقة!
إنشرها