كلمة التجّار؟!

يبدو أن لتجّارنا خصوصية لا يستطيع أن يبلغها أحد لا في الشرق ولا في الغرب .. خصوصية تنطلق من أنهم أصحاب كلمة ثابتة لا يتزحزحون عنها، ورؤية سعرية لا يحيدون عنها ..
تجّارنا ليسوا كغيرهم في العالم فهم متحدون ولا تعنيهم وزارة تجارة ولا حتى حماية مستهلك فهما في نظرهم غثاء من السهولة تجاوزه.
ما يطمئننا أكثر أن العالم كله عانى موجة ارتفاع الأسعار التي هبت متوافقة مع الأزمة المالية، عانيناها واشتكينا لكن ما باليد حيلة فهو همّ عالمي ولا بأس على تجارنا.. فهم في الإطار نفسه عانوا ما عاناه الناس، الأسعار حضرت إليهم مرتفعة، وعليه فلا بد أن يغيروا أرقامها فيما يخص المستهلك.. رضينا واقتنعنا.. ثم ماذا بعد؟ تراجعت موجة الغلاء، حتى أن أسعار المواد الأساسية في كثير من الأقطار بلغت سعراً أقل مما كانت عليه قبل تلك الموجة... لكن لأنّ تجارنا أصحاب كلمة لا يتنازلون عنها فأسعارهم ظلت ثابتة، ولا يعنيهم أي تراجع لأن المحصلة الأكبر ستكون في جيوبهم.
الكل عاد إلى ما كان عليه قبل موجة الغلاء، ولتكن مقاييسنا على من هم حولنا في الخليج وبلدان العرب القريبة.. الأمور عال العال والأسعار عادت لتكون في متناول الجميع، بل إن بعض المواد الأساسية كما السكر والرز والحليب تيسرت أكثر وبأسعار منافسة.. لكن لم يشملنا التراجع السعري ، ولم يطلنا الرخاء المعيشي المرتبط بأسعار مناسبة.. والسبب أن تجّارنا أصحاب كلمة لا تتحول ولا تتغير إلا في اتجاه الارتفاع فقط!
الأسعار في كل مكان في بلادنا سواء غذائي أو تكميلي واستهلاكي مازالت مرتفعة، والمصونتان التجارة وحماية المستهلك، مازالتا تغطان في سبات عميق.. لا نعلم أسبابه ويُخيل لنا أحياناً أن التجارة في خدمة التجّار فقط، فهل نحن مساكين إذ إن لدينا تجّار أقوى من الوزارة؟ أم نحن مختلفون لأن لدينا وزارة تنوم في العسل؟
إذا كانت وزارة التجارة لم تبلغ إلى الآن بانخفاض الأسعار فنأمل أن تستطلع عبر التقنيات الحديثة ما تم في بلدان مجاورة .. والنسب الكبيرة التي بلغها التراجع، والكيفية التي تم ضبط التجار من خلالها.
السؤال الأكبر موجه إلى مجلس الشورى .. ماذا عن هذا الخلل الحاصل وكيفية علاجه.
ثمة ملاحظة أخيرة فبعض أصحاب "المولات" الكبيرة وبخاصة تلك التي وضعت في كل ركن منفذاً لها، لم تكن أسعارها خيالية فقط، بل تنحو إلى نوع من الاحتيال من خلال تمرير مواد استهلاكية بأسعار خيالية دون حسيب أو رقيب .. وكل التحية لوزارة التجارة .. وبنتها المصونة حماية المستهلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي