الشركات تحتفظ بقرشها الأبيض ليومها الأسود

الشركات تحتفظ بقرشها الأبيض ليومها الأسود

الشركات تحتفظ بقرشها الأبيض ليومها الأسود

تعمد البنوك منذ مدة إلى تخزين الأموال النقدية بدلاً من الإقراض. والآن تفعل الشركات الشيء نفسه بدلاً من الإنفاق. وتتنافس الشركات في المملكة المتحدة وحول العالم للإعلان عن إجراء تخفيضات في خططها الخاصة بالنفقات الرأسمالية - والنفقات الرأسمالية هي ما تنفقه الشركات على العقارات والمصانع والمعدات. ففي يوم واحد، أعلنت شركة DSG البريطانية لتجارة التجزئة، وشركة أنجلو أميركان للتعدين، وشركة كولت للاتصالات جميعها عن إجراء خفض على نفقاتها. وعلى الصعيد العالمي، توالت عمليات خفض النفقات من شركة سوني إلى شركة Stora Enso الفنلندية لصناعة الورق.
وترفض شركات كثيرة إعطاء أرقام محددة عن التخفيضات، ولكن هذه الأرقام بالنسبة للشركات التي حددت مبالغ الخفض تعد مذهلة. تقوم شركة ماركس آند سبنسر بخفض نفقاتها من 850 مليون جنيه إسترليني كما كان متوقعاً إلى 700 مليون في هذا العام، وإلى 400 مليون في العام المقبل. وستقوم شركة DSG International بخفض نفقاتها الرأسمالية بنسبة 15 في المائة. ومن المتوقع أن تكون التخفيضات أشد بكثير في شركات أخرى، إذ يقول أحد الاستشاريين لشركة ماركس آند سبنسر: "إن الشركة فكرت في كيفية توخي الحصافة والاحتفاظ بالنقد واستخدمت النواحي التي لها أكبر قدر من السيطرة عليها".
وقام سكوت بابكا الذي يعمل محللاً في بنك مورجان ستانلي، باستطلاع آراء زملائه في هذا البنك الاستثماري، فوجد أن الشركات حول العالم أجرت في المتوسط خفضاً في نفقاتها الرأسمالية بما يراوح بين 5 و10 في المائة، ولكن القطاعات ذات العلاقة بالسلع كالتعدين والنفط والغاز أجرت تخفيضات تراوح بين 10 و20 في المائة. ويقول في هذا الصدد: "سنرى مزيداً من الشركات التي تجري خفضاً لنفقاتها الرأسمالية في الميزانيات. وستمر سنتان قبل أن نشهد أي نوع من التعافي".
ويذهب James Stettler المحلل في بنك Dresdner Kleinwort، إلى أبعد من ذلك فيقول إنه يتوقع أن تصل نسبة التخفيض إلى نحو 20 و30 في المائة لأن الكثير من الشركات كانت يخصص مبالغ كبيرة للنفقات الرأسمالية في ميزانياته في أوقات الرخاء. ويقول: "من المؤكد أنه ستكون هناك عمليات خفض تتغذى خلال السلسلة بأكملها. وإننا ما زلنا في البداية فقط".
إن شمول سلسلة الإمداد هذا هو واحد من الأسباب التي تجعل المحللين والاقتصاديين يتوقعون حدوث انكماش طويل في المملكة المتحدة وغيرها من البلدان المتقدمة. ويقول Stettler إن بعض الشركات التي ازدهرت في السنوات القليلة الماضية، فوجئت بهذا التحول الدراماتيكي:" حتى بضعة أسابيع خلت، كانت الشركات تجاهد لمجاراة الطلب، وهي تفكر الآن في خفض طاقتها الإنتاجية – إنه تغير كبير".
ويعتبر خفض النفقات الرأسمالية ردة فعل طبيعية على أي تباطؤ اقتصادي. ولكن الشيء الذي يجعل هذا الانكماش خاصاً هو أنه تزامن مع إغلاق حنفية التمويل، كما يقول Stettler. ومن المرجح تأجيل مشاريع تراوح بين مشاريع بناء محطات طاقة جديدة ومشاريع فتح مناجم وورش جديدة. يقول مستشار يعمل في هذا القطاع: "إن عديداً من شركات التعدين الصغرى لا يتوافر لديه التمويل المطلوب لفتح مناجم جديدة، في حين تجد شركات أخرى أن الافتراضات التي نجحت في ظل ارتفاع أسعار السلع أصبحت في خطر الآن".
ومن المرجح أن يُلحق إلغاء المشاريع الكبيرة ضرراً بالشركات التي تقوم بتنفيذ مشاريع كبيرة خاصة بالبنية التحتية مثل شركات: ABB وسيمنز وآلستوم. ويقول المحللون إن الحل الوحيد الممكن في ضوء لجوء البنوك والشركات والمستهلكين إلى تخزين الأموال النقدية هو أن تقوم الحكومات بالإنفاق.
وفي الوقت نفسه، تقوم الشركات غير المالية بالبحث عن طرق أخرى لادخار النقد، فقد قال Pierre – Jean Sivignon مدير الإدارة المالية في شركة فيليبس الهولندية، الأسبوع الماضي: "بالنسبة لأية شركة، يعتبر النقد مَلِكاً في عالم اليوم".
إن وقف عمليات إعادة شراء الأسهم أو التباطؤ فيها – رغم الانخفاض النسبي لأسعار معظم الأسهم – هو أحد الخيارات المفضلة، حيث أعلنت شركات تراوح بين شركة GlaxoSmitKline لصناعة الأدوية وشركة فيليبس، هذا التوجه في الآونة الأخيرة. ولكن من الصعب أن يعمد المرء إلى التعميم بشأن الأسباب الداعية لذلك، فشركة فيليبس تريد أن تحتفظ بالأموال النقدية في حين أن شركة GlaxoSmitKline تهدف إلى استخدام ما تدخره من أموال لإنفاقها على عمليات الاستحواذ. لا بل إن شركات أخرى من قبيل شركة Telefonica الإسبانية، وشركة Hochtief الألمانية استخدمت ضعف أسهمها للإعلان عن قيامها بعمليات جديدة لإعادة شرائها أو لمضاعفة عمليات شرائها.
ولكن هناك شيء واحد يبدو مؤكداً: وهو أنه من المرجح أن تزداد عمليات تخزين الأموال النقدية. ويقول بابكا من بنك مورجان ستانلي: "سيتغير ذلك عندما تتراجع مبيعات الشركات. وستتعرض ميزانياتها العمومية للضغط ولذلك ستبدأ بإجراء تخفيضات أكثر من ذلك.

"فاينانشيال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"

الأكثر قراءة