يجني كثير من المدربين على بعض لاعبيه، بتغيير مركزه في اللعب الذي ألفه فترة طويلة، إما لرؤية فنية (ثاقبة) لدى ذلك المدرب، أو أنه يعمد لذلك مضطرا عند (جفاف) مركز مهم بالفريق ولم يجد من يرتق به تلك الثغرة سوى ذلك الراعي المسكين، وهنا تكمن المشكلة (إدارية) أكثر من كونها نظرة فنية مبنية على أسس صحيحة.
مدرب الهلال كان أحد المدربين (الجناة) على لاعبيهم، بعد أن أجبر لاعبه المحترف البوليفي رالديس على اللعب كظهير أيمن، وعلى الرغم من أن اللاعب قلب دفاع، وبرز نجمه في هذا الموقع الذي ترعرع فيه.
الهلال الفريق الكبير صاحب الصولات والجولات، والخزينة المليئة (بالذهب) ظل عاجزاً خلال خمس سنوات مضت على سد الخانة التي تركها انتقال لاعبه أحمد الدوخي في الظهير الأيمن.
هنا يبرز تساؤل من المتسبب في ذلك وحتى من يتحمل التبعات لو فشل المحترف البوليفي مع الفريق وانخفضت أسهمه (كانهيار) الأسواق العالمية هذه الأيام، هل هو مقر في الفكر الإداري والفني، أم عجز قاعدة الفريق من فئتي الشباب والناشئين على ضخ مواهب جديدة في الفريق؟!
والعجيب دائماً، تفريط الأندية والهلال منها بلاعبين هم في أمس الحاجة إلى خدماتهم، رغم أن فارق العقد المقدم من النادي والعرض الذي حصل عليه اللاعب لا يمثل خارقا كبيرا مادياً، ويظل النادي متحسراً على نجمه الفريد من نوعه.
ومع هذا وذاك، فإن الوقت آن لوأد مقولة "اللاعب الموهبة عملة نادرة"، فالمواهب مليئة في المدارس، أندية الحواري، وملاعب الأحياء، والأكاديميات الرياضية التي بدأت في تخريج نجوم صغار قادرين على البروز والتآلف مبكراً.
إن التكاليف الباهظة التي تدفعها أنديتنا للسماسرة، شاملة تذاكر سفر، إعاشة، تنقلات، مصاريف تنقيب و( تمحيص ) وتدوير وخلافه، إضافة إلى قيمة عقد اللاعب التي غالبا ما يكون مبالغا بها، ليقتسم الكعكة السمسار مرورا بآخرين لهم علاقة بالتوصية، كلها أعباء غير منطقية أنفقتها أنديتنا لأشباه لاعبين، رغم أن هذه المبالغ كفيلة بإنشاء أكاديميات متكاملة للحواري أو حتى المدارس، وهنا سيشاهد الجميع الفرق الكبير، والمواهب التي ستضخ للأندية لسنوات طويلة، بدلا من أشباه محترفين لموسم أو موسمين، والتوقيع بناء على توصية السمسار أو شريط فيديو قد يكون مضى عليه أعوام.
ويجب ألا ننسى أن الكثير من الصغار قبل الكبار يحلمون بتمثيل فرق كبيرة واللعب لها، ويقف الطريق مسدوداً أمامهم في ظل تغنت الأندية، وإصرارها على أن اللاعب يجب أن يكون وزنه (ذهباً) حتى يصلح أن يكون لاعباً لها، وهلم جراً من المقاييس والمعايير (الساذجة) التي أبعدت المواهب الشابة والفريدة من نوعها من أنديتنا رغم أنها (بالمجان)!