ساعات تنقذ المستثمرين الخليجيين من الأصول "السامة" في بنك ليمان

ساعات تنقذ المستثمرين الخليجيين من الأصول "السامة" في بنك ليمان

حاول "ليمان برذرز" الحصول على لائحة أطول من الراغبين في الاستيلاء عليه بأكثر مما يوحي به من انهياره النهائي وتقديمه طلباً للإفلاس، حسب المعلومات التي حصلت عليها "فاينانشال تايمز". غير أن ذلك لا يعمل إلا على أرجحة السكين بصورة أعمق للعاملين المطلعين على شؤونه الداخلية الذين يعتقدون أنه كان على الشركة أن تتحرك بصورة أشد اندفاعاً لحماية جلدها من السلخ.
ومنذ فترة تصل إلى عامين، كان ليمان قد دخل في محادثات متقدمة حول صفقة مع المجموعة الأمريكية الدولية للتأمين، وفقاً لما قاله أشخاص قريبون من تلك المحادثات. وبعد انهيار بيرشتيرنز في الربيع، سعى ليمان إلى الحصول على شركاء يتدرجون من جنرال إلكتريك إلى HSBC، ومورغان ستانلي.
ويقول العاملون المطلعون على الشؤون الداخلية إن بنك ليمان كان يمكنه التوصل إلى صفقة حتى في أيلول (سبتمبر). وقال أحد المصرفيين "كان بإمكاننا بيع الشركة ككل على أية حال، ولكننا لم نفعل ذلك".
وبحلول الأسبوع الثاني من أيلول (سبتمبر)، أخفقت أفضل جهود "ليمان" الخاصة باجتذاب المستثمرين في الحد من تراجع سعر سهمه بصورة شديدة. وغُلّت يده في النهاية من خلال وكالات تصنيف الائتمان التي هددت في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) بتخفيض تصنيف البنك ما لم يجد مشترياً. غير أن مصرفيي ليمان الذين كانوا يعملون على نحو دزينة من الحلول الممكنة، تدافعوا نحو التحرك. إلاّ أن كثيراً من السبل انتهت نهايات مسدودة. ولم تثمر جهود البنك مع جنرال إلكتريك، والمجموعة الأمريكية الدولية، إلا عن القليل من الثمار، بينما كانت هاتان الشركتان تصارعان مشكلاتهما المالية الخاصة بهما.
وكان مستثمرون آسيون، وشرق أوسطيون عديدون، يراجعون دفاتر البنك، بما في ذلك سلطة أبو ظبي للاستثمار، وبنك التنمية الكوري. ولكن حين حاول ليمان تسريع تلك المفاوضات، فإن هؤلاء المستثمرين تراجعوا في حالة من الخوف الناجم عن تراجع سعر سهم البنك.
وفي ظل هذه الأبواب المغلقة، اتصل ديك فولد، الرئيس التنفيذي لبنك ليمان، بالرئيس التنفيذي لبنك مورغان ستانلي، جون ماك. ومرة أخرى لم تفلح هذه المحاولة. وسبق للاثنين أن ناقشا صفقة فضفاضة قبل أشهر قليلة، ولكن كان لدى ماك اهتمام قليل في المزيد من المراهنة على نموذج النشاط المصرفي الاستثماري المستقل.
ولذلك استهل ليمان آخر عطلة نهاية أسبوع له ومصيره مرتبط باثنين من الراغبين في الشراء اللذين تخليا عن خطواتهما المتقدمة الأولى، وهما باركليز، وبانك أوف أمريكا.
وقال أحد كبار المصرفيين في ليمان "لا أدري كم هو عدد المرات التي خاطبنا فيها بانك أوف أمريكا حول إنجاز عملية ما، ولكن سعر سهمنا وصل إلى مستوى جعل من السخافة عدم البحث عن مشترين".
وعقدت الفرق التي كانت تدرس العرض الشرائي المحتمل من جانب بانك أوف أمريكا، جلسات عمل متصلة، يوم الجمعة، في مكاتب الشركة القانونية، سوليـفان وكرومويل، تحت الاسم الرمزي للمشروع، وهو "Blue". أما فريق باركليز الذي انتظر حركة التصرف حتى إغلاق أسواق لندن يوم الجمعة، فبدأ العمل في ذلك الوقت في شركة قانونية منافسة هي سبمسون تاتشر تحت رمز المشروع، وهو "براون". ويبدو أن هذه الأسماء المستعارة تشير إلى التراجع في ظل كون شعار باركليز يحمل اللون الأزرق السماوي. وألقى أحد المصرفيين اللوم، باشمئزاز، على الإرهاق.
واستمرت المحادثات مع البنكين، ومع الاحتياطي الفيدرالي ، حتى وقت متأخر من يوم الجمعة بأسعار كانت تقيم سعر سهم ليمان بين 6- 10 دولارات. ولكن مقدمي عروض الشراء كانوا يطلبون حماية من المخاطر التي كان الاحتياطي الفيدرالي غير راغب في تقديمها.
واتصل بنك نومورا الياباني كذلك للتعبير عن اهتمامه، حيث دفعه إلى ذلك كبير مسؤولي العمليات لديه، تاكومي شيباتا. غير أنه في ظل وجود فرق عمل البنكين الآخرين على الجانبين المتضادين من العالم، وعدم ارتياح نومورا لحجم مطلوبات ليمان ، فإنه امتنع عن تقديم عرض شراء.
بحلول السبت "بردت خطوط الاتصال مع بانك أوف أمريكا، وأعتقدنا أنها يمكن أن تكون قد توجهت باتجاه آخر "، كما قال أحد مصرفيي ليمان ، وأضاف "الحقيقة أن تلك الخطوط كانت مغلقة".
ووافق بانك أوف أمريكا بعد ذلك بفترة قصيرة ، على شراء بنك ميريل لينش بمبلغ 50 مليار دولار، تاركاً بذلك بعض مستشاري ليمان يتساءلون حول مدى جدية بنك أوف أمريكا. وقال أحد المصادر "لم نستطع أن نحصل على إحساس من جانبهم إزاء موقفهم. وظللنا نقول إنه إما أن هؤلاء الناس غير مهتمين، وإما أنهم بدلاً من ذلك لاعبو بوكر كبار".
وأثناء ذلك، كان الرؤساء التنفيذيون لعشرة بنوك كبرى يتجادلون حول ما إذا كان عليهم أن يقدموا تمويلاً بقيمة 35 مليار دولار، مقابل موجودات ليمان العقارية الرديئة. وفي صبيحة يوم الأحد، شعر ليمان أن لديه صفقة متفقا عليها مع باركليز، بحيث يشتري بموجبها باركليز كل شيء، ما عدا الموجودات بالغة السوء، التي يمكن إعادة ترزيمها من خلال التجمع.
كان الطرفان ما زالا يأملان بدعم من جانب وزارة الخزانة الأمريكية، والاحتياطي الفيدرالي. وكان على الصفقة أن تحصل كذلك على موافقة هيئة الخدمات المالية في المملكة المتحدة، وكذلك على إشارة موافقة من وزير المالية، وبنك إنجلترا.
غير أن الإثارة كانت قد أصابت فريقي عمل باركليز، وليمان. واجتمع سكيب ماكجي، رئيس العمليات المصرفية الاستثمارية في ليمان، مع جيلي ديل ميسييه، رئيس باركليز، قبيل ظهر يوم الأحد لمناقشة الفرص التي يمكن أن تنجم عن اندماج البنكين.
بعد ذلك دق جرس الهاتف الجوال الخاص بماكجي، حيث حمل مارك شافير، رئيس إدارة الاندماج والاستحواذ في ليمان الذي كان في مبنى الاحتياطي الفيدرالي في مانهاتهن، أنباء سيئة ، أفادت بأن السلطات في المملكة المتحدة كانت غير مرتاحة للصفقة إذا افتقرت إلى دعم من جانب الاحتياطي الفيدرالي. وهكذا اضطر بنك باركليز إلى سحب مقبس خط الهاتف، وفشلت الصفقة.
انسحب ديل ميسير، وهو غير مصدق لما حدث ، ولكنه عاد شاحب الوجه، بعد مكالمة هاتفية أكدت له أن ذلك بالفعل هو الذي حدث.
قال أحد مصرفيي ليمان" لم يكن لدينا بديل في تلك اللحظة، حيث قرر الاحتياطي الفيدرالي أنه لن يقدم إلينا أي مساعدة".
نقل المسؤولون التنفيذيون المصرفيون في ليمان هذه الأنباء إلى رؤساء المجموعات فيه في مؤتمر طارئ يوم الأحد. وبعد أيام قليلة من تخطيط الطوارئ من جانب فريق إعادة هيكلة ليمان، قدمت شركته القابضة طلباً لأكبر عملية إفلاس في التاريخ، يوم الإثنين المصادف للخامس عشر من أيلول (سبتمبر) .
على الرغم من وقع الصدمة، إلا أن القيادة العليا في ليمان كانت بحاجة إلى الحشد لإنقاذ كل ما يمكن إنقاذه من الشركة. وكان البنك يعاني حالة قريبة جداً من انعدام السيولة خلال أيامه الأخيرة، حيث شعر أن لديه من المال ما يكفي للعمل ليوم واحد، أو ربما يومين.
بدأ ليمان عملية شديدة الاندفاع لبيع عمليات رئيسية، حيث ملأ الدور الثاني والثلاثين من مقره في مانهاتن بفرق العمل، والمستشارين. وبينما ظلوا يعملون ليلة الإثنين، مواصلين ذلك خلال يوم الثلاثاء، بدأ هيكل صفقة شراء باركليز للنشاطات العملية الخاصة ببنك ليمان في أمريكا الشمالية، يتشكل في صورة مادة هلامية.
أقر مجلس إدارة ليمان هذه العملية عبر الهاتف في نيويورك في الساعة السادسة من صباح يوم الثلاثاء، كما صوت مجلس إدارة باركليز بالموافقة عليها في وقت لاحق من ذلك الصباح.
لم تكن الصفقة تتطلب موافقة هيئة الخدمات المالية، ولكن سرت أقوال بأنه سوف يتم تقديم إيجاز لها حول العملية، الأمر الذي أدى إلى حالة من الإرباك الشديد بين فرق عمل ليمان.
قال أحد العاملين المطلعين على شؤون البنك الداخلية "كنا أشبه بحالة من الانفلات". غير أن جهة التشريع تلك لم تجد أن هنالك مشكلات رئيسية متعلقة بالصفقة.
وتولى ماكجي، وكبير مسؤولي العمليات في ليمان، بارت ماكدي، ورئيس باركليز، بوب دياموند، إعلان هذه الأنباء في قاعة استماع في مقر ليمان. وتعمل مثل العمليات الاستيلائية الصاعقة في الغالب على إحداث حالة من الصمت المغلف بالصدمة، غير أن الموظفين صفقوا لها، بدلاً من ذلك. وشعر مصرفيو ليمان بالتشجيع بفعل أقوال بأن "باركليز" كان ينوي إعادة تجميع منصات عملهم العالمية. غير أن نومورا الذي كان مازال يبحث عن قضمات من التفاحة ، سارع إلى تقديم مقترحات لشراء العمليات المصرفية الخارجية لبنك ليمان. وقال أحد كبار مصرفيي ليمان"يدرك سكيب الحاجة إلى منصة عالمية، ولم يكن يريد أبداً أن يشهد بعثرة هذا الأمر". وأضاف أن تشظي ليمان كان سبب الإحباط الرئيسي في هذه الصفقة . ووافق مصرفي في شركة منافسة على ذلك بقوله "أعتقد أن عدم الحصول على النشاط العملي الأوروبي كان خطأ حقيقياً".

الأكثر قراءة