"الاقتصادية" ترصد أسعار 138 سلعة خلال شهر واحد فقط
خلال شهر كامل من جولات "الاقتصادية" الميدانية الخاصة برصد أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في أسواق ومحال العاصمة، لوحظ أن الارتفاعات في الأسعار وصلت إلى 100 في المائة من الأصناف التي شملها الرصد، حيث تم رصد أكثر من 138 سلعة متنوعة خلال شهر زادت جميعها ماعدا سلعتين حافظتا على سعريهما، وتعتبر منتجات الحليب والأجبان والزيوت وبعض المنظفات في قائمة السلع الأكثر ارتفاعاً مقارنة بأسعارها العام الماضي.
وقد احتلت منتجات الحليب المرتبة الأولى في أكثر السلع ارتفاعاً وتراوح نسبة الزيادة بين 50 و90 في المائة باختلاف الشركات المنتجة، واحتلت منتجات الأجبان المرتبة الثانية وتراوح نسبة الزيادة بين 15و75 في المائة، تليها الزيوت في المرتبة الثالثة بنسبة زيادة بين 10 و41 في المائة، والمرتبة الرابعة منتجات التنظيف وتراوح الزيادة فيها بين 10 و50 في المائة، بينما احتلت منتجات العصيرات والحلويات المرتبة الأخيرة في نسبة الزيادة حيث تراوح بين 8 إلى 35 في المائة.
وقد عبر بعض المواطنين من المستهلكين للمواد الغذائية عن استغرابهم من تفاوت الأسعار في السلعة الواحدة من المنتج نفسه، حيث أكدوا على وجود اختلاف واضح في سعر السلعة من سوق إلى سوق في المنتج نفسه وهذا الفارق يتجاوز في بعض السلع ثلاثة ريالات وأكثر، متهمين أصحاب هذه المحال والأسواق بالتلاعب في الأسعار في ظل ضعف الرقابة من الجهات ذات العلاقة .
وطالب هولاء المستهلكون من وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك تكثيف جولاتهم في الأسواق والمحال، ومعاقبة من يكتشف تلاعبه في الأسعار والإعلان عنه، وبالمقابل منح جائزة سنوية للأسواق والمحال التي تكون الأقل أسعاراً تشجيعاً لهم على مساهمتهم في خفض الأسعار.
وقد ذكر الدكتور محمد الزهراني الباحث الاقتصادي في فلسفة الاقتصاد المعياري، في دراسة له عدم قدرة وزارة التجارة والصناعة بتشكيلها التنظيمي الحالي وبكادرها من حيث العدد والنوعية على ضبط الأسعار والحد من موجة الغلاء الحالية والزيادات المستمرة في أسعار السلع الغذائية في السوق السعودية، لأنها لا تمتلك التقنيات التي تمكنها من مراقبة الأسعار، كما أن ضبط الأسعار في حاجة إلى جهاز بشري وتقني كبير.
وبين في دراسته التي أجراها أن كشف الإغراق داخل السوق السعودية يحتاج إلى جهاز قوي وفاعل، و أن تجارب الغلاء تعد تجربة حديثة لا سابق لها في تاريخ الأجهزة التنفيذية الحديثة.
واعتبر الزهراني في دراسته أن بعض التصريحات التي يطلقها رجال الأعمال عقب المنتديات الاقتصادية التي تُعقد داخل الوطن والتي تعلن أن الرساميل موجودة ولكنها تحتاج إلى عقول تدير تلك الأعمال ليست صحيحة، وقالت إن توجيه الكوادر في الجامعات أصلاً كان خاطئاً، وصناعة برامج تخصصية في تلك الجامعات كانت من الأساس لا تفي بحاجة سوق العمل، ما أوجد فجوة كبرى في سوق العمل لا يمكن تداركها بشكل سهل ويسير.
ويوضح الدكتور عبد العزيز العويشق الخبير الاقتصادي في مجلس التعاون، أن معظم التضخم في المواد الغذائية عائد إلى عوامل محلية، و أن الطبيعة الموسمية لارتفاع أسعار المواد الغذائية دليل آخر على أن التضخم يعود إلى عوامل داخلية أكثر من العوامل الخارجية. واستشهد بما يُلاحظ هذه الأيام في شهر رمضان من أن أسعار المواد الغذائية على وجه الخصوص ترتفع في هذا الشهر، وأن الارتفاع ليس له علاقة بالعوامل الخارجية بل لزيادة الطلب المحلي، والتسوق التجميعي hording، والتسوق الهلعي pani buying وكل ذلك يتيح الفرصة للتجار لرفع الأسعار. وأشار إلى عدم وجود رقابة فاعلة على الأسعار من قبل الجهات الرسمية كوزارة التجارة وحماية المستهلك يوفر بيئة مواتية تماماً لارتفاع الأسعار.
وقدم العويشق بعض الحلول لا لتخفيف من الغلاء، خاصة خلال شهر رمضان، ومن بين هذه الحلول تقديم بدائل عن طريق الاستيراد الحكومي، أو عن طريق جمعيات تعاونية وغير ربحية، تقوم باستيراد السلع الرئيسة مباشرة وتوفيرها بسعر التكلفة لإيجاد منافس للتجار الذين قد يقومون بتقليص المعروض أو المغالاة في الأسعار، زيادة المنافسة بين التجار عن طريق نشر مقارنات الأسعار. ويُعتبر مؤشر الأسعار خطوة جيدة إنما يُستحسن تعميمه ليشمل جميع السلع الرمضانية، وعدداً أكبر من محال البيع، تشديد الرقابة النوعية إذ إن هناك تصوراً لدى البائعين بضعف الرقابة خلال رمضان، مما يدفعهم لطرح سلع مغشوشة أو منتهية الصلاحية للاستفادة من الإقبال الموسمي للشراء، زيادة نشاط جمعية المستهلك وتشجيع جميع الطرق الملائمة للاستفادة من إمكانات الإنترنت لنشر الوعي الاستهلاكي، بما في ذلك الاقتصاد وعدم التبذير أو شراء كميات أكبر من الحاجة من السلع، ومراقبة الأسعار ومقارنتها قبل الإقدام على الشراء، توفير المواد الرمضانية الأساسية للأسر الفقيرة مجاناً أو بأسعار رمزية من خلال الجمعيات الخيرية، ومن شأن ذلك أن يخفف العبء عليهم من جهة، ومن ناحية أخرى يوفر قناة للشراء بكميات اقتصادية من قبل محترفين يستطيعون التفاوض على أسعار عادلة مع الموردين والمنتجين.