كيف تحولنا كبرى شركات الدواء العالمية جميعاً إلى مرضى!

كيف تحولنا كبرى شركات الدواء العالمية جميعاً إلى مرضى!

منذ نحو 30 عاما خلت، أطلق المدير التنفيذي لإحدى شركات الأدوية الكبرى تعليقا صريحا يعبر فيه عن أساه لأن السوق التي تنتج لها الشركة تقتصر على المرضى، معبرا عن حلمه بأن تنتج أدوية للأصحاء من الناس لتتسع سوق الشركة شاملة جميع الناس.
يقود هذا الحلم الآن استراتيجيات التسويق في صناعة الدواء، التي تعد واحدة من أكثر الصناعات ربحا على وجه الأرض. يحظى موضوع الأساليب التسويقية الملتوية لشركات الأدوية باهتمام كبير في الفترة الأخيرة، حيث تناولته العديد من المقالات والكتب.
مؤلف الكتاب راي موينيهان صحافي كندي من أشهر الصحفيين في المجال الطبي، حيث يكشف ما تسعى إليه شركات الأدوية من توسيع حدود تشخيص الأمراض لتشمل الملايين من الناس الذين قد لا يكونون مرضى بالفعل، وذلك لتربح من ورائهم مليارات الجنيهات. يؤثر هذا الأمر سلبيا على أنظمة التأمين الصحي القومية في الكثير من دول العالم ويهدد بإفلاسها.
يقدم الكتاب دراسة شاملة حول التواطؤ بين علم الطب وصناعة الدواء، ويلقي الضوء على الأساليب التي تستخدمها شركات الأدوية لتسويق منتجاتها، سواء من خلال إعادة تصنيف بعض المشكلات الصحية كأمراض تحتاج إلى الأدوية، أو إعادة تعريف حالة مرضية ما لتشمل نسبة أكبر من المصابين.
يضرب الكتاب المثل بالأطباء الإخصائيين التسعة الذين كتبوا التقرير الطبي الفيدرالي الصادر عام 2004، والذي يحدد نسب الكولسترول الطبيعية في الدم. تسبب هذا التقرير في اتساع حدود التشخيص ليشمل عددا أكبر من الناس، واتضح في النهاية أن ثمانية من أولئك الإخصائيين لهم علاقات مالية متعددة بالشركات المنتجة للأدوية، ما يثير الشك حول مصداقية هذا التقرير.
اعتمادا على التقرير السابق ذكره، يصف الأطباء حاليا بصورة روتينية العديد من العقاقير المخفضة للكولسترول والتي تسبب آثارا جانبية خطيرة بينما يمكن للعديد من الناس التقليل من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية بطرق أقل خطورة وتكلفة، مثل ممارسة بعض التمارين الرياضية والالتزام بنظام غذائي معين.
من خلال تمويل المؤتمرات الطبية ذات التكلفة العالية، والهدايا المجانية وغيرها من الوسائل التسويقية، تتأكد شركات الأدوية من استعداد الأطباء لتشخيص هذه الأمراض ووصف الأدوية التي تنتجها للمرضى. يؤكد الكتاب أيضا أن إعلانات الأدوية التي تظهر في التلفاز قد تدفع الناس إلى تعاطي الأدوية دون الرجوع إلى الطبيب، ما يهدد بوجود مشاكل صحية جمة في المستقبل.
يذكر الكتاب أن ملايين الدولارات تنفق سنويا على الأدوية لعلاج أعراض لا تعد مرضية ولا تحتاج إلى أدوية، وأنه سيكون من الأفضل لو تم إنفاقها على معالجة المرضى الفقراء أو على برامج مكافحة مرض الإيدز في العالم.

الأكثر قراءة