سباق على الأراضي الفضاء لتحويلها إلى ملاعب ترابية في رمضان

سباق على الأراضي الفضاء لتحويلها إلى ملاعب ترابية في رمضان

يبدو أن تزامن شهر رمضان مع الإجازة الصيفية، سيجعل الشبان يقضون وقتاً أكبر في ممارسة الألعاب الرياضية. ففي هذه الأيام بدأ عدد منهم في البحث عن أراضٍ سكنية لاستئجارها وتحويلها إلى ملاعب ترابية لمزاولة ألعاب عدة، تأتي في مقدمتها الكرة الطائرة والقدم.
ولا يلقي الشبان بالاً إلى "الملاعب المجهزة"، فمتعة اللعب بـ "الكرة الطائرة" أو "القدم" لا تكون إلا في "الحارة"، فهم ربما اعتادوا على هذه الحال في الرمضانات الماضية.
هذا الحراك والبحث اليومي من أجل إيجاد مكان لإقامة "دوري رمضاني"، دفع بعدد ممن يملكون أراضي فضاء إلى تحويلها إلى ملاعب ترابية، للاستفادة منها خلال رمضان، إذ تلامس قيمة الإيجار 45 ألف ريال، على أن يكون المكان مجهزاً من حيث الإضاءة وغيرها.
وعن سر رغبة الشبان في مثل هذه الملاعب، يوضح لـ "الاقتصادية" عبد الله العتيبي (يملك ملاعب خاصة)، إنها باتت عادة، مشيراً إلى أن "الطلب على مثل هذه الملاعب متنام هذا العام"، مضيفاً "العام الحالي تشهد هذه الملاعب إقبالا كبيرا وملحوظا وذلك لتزامن شهر رمضان مع إجازة صيفية"، مبينا أن "السبب في ذلك هو رغبة الكثير من الشباب الاستفادة من وقتهم في إقامة البطولة الرمضانية عليها".
وتابع: "الشباب قسمان: قسم يفضل اللعب على الملاعب الترابية لقلة تكلفتها في الساعة حيث يراوح سعر الساعة في هذا النوع من الملاعب بين 100 و150، أما القسم الثاني فإنه يفضل اللعب على الملاعب العشبية سواء كانت مزروعة طبيعيا أو على عشب اصطناعي وهو أفضل أنواع الملاعب عند الكثير من الشباب، لأنه شبيه ببعض الملاعب الأوروبية حيث يلقى رواجا بينهم"، مشيرا إلى أن "ما يعيب هذا النوع هو ارتفاع أسعاره حيث يتراوح سعر تأجير الساعة الواحدة بين 300 و500 ريال مقارنة بالملاعب الأخرى، وهو ما يعادل أربعة أضعاف السعر في الملاعب الترابية، وقد يرتفع سعره أكثر من ذلك في أوقات العطل الأسبوعية والإجازات الصيفية".
وأفاد العتيبي أن البعض من أصحاب الأراضي السكنية الفضاء قاموا بتحويل أراضيهم إلى ملاعب كرة قدم مؤقتة، حيث أصبحت تشكل للكثيرين منهم مكسبا ماديا، تحول مع مرور الوقت إلى عمل تجاري مناسب لهم، كما أنها تعطي صاحب هذه الأرض دخلا مجزيا يراوح بين 30 ألف ريال و45 ألف ريال في شهر واحد.
ويرى ناصر القحطاني صاحب أحد الملاعب الترابية أن تحويل أرضه إلى ملعب لكرة القدم أمر طبيعي لأنه أسهم, من وجهة نظره, في نشر هذه الرياضة المحببة لدى الشباب، التي تعد متنفسا مناسبا لهم، وفي الوقت ذاته يمارسونها بالقرب من منازلهم".
واستطرد: "فكرة تحويل أرضه إلى ملعب لكرة القدم جاءت بعد وقت طويل حيث كان الهدف ولا يزال هو بناء مسكن العمر عليها إلا أن الظروف التي يشهد الوضع الاقتصادي في المملكة ككل من غلاء في الأسعار وبعض الظروف الشخصية التي يعانيها، حيث دفعته إلى تأجيل فكرة تعمير أرضه والاستفادة منها عبر هذه الطريقة التي يسعى من خلالها إلى تجميع مبلغ مناسب للبدء في بناء منزله المنتظر.
وقال القحطاني: "إن هذا العام هو العام الثاني على التوالي الذي يجهز فيه ملعبه لكي يتمكن من تأجيره للشباب الراغبين في ممارسة كرة القدم عليه"، لافتا إلى أن "الكثير من الشباب يتسابقون إلى اختيار الأوقات التي تناسبهم حيث تعد فترة الذروة من بعد صلاة التراويح وحتى موعد السحور".
وحول الإقبال على استئجار الملاعب بمختلف أنواعها في شهر رمضان خاصة، أوضح عبد الرحمن الشيباني أن الملاعب الترابية أو غيرها من الملاعب تعد عند الكثير من الشباب المتنفس الوحيد لهم. معتبراً أن الكثير من الشباب يفضلون مثل هذا النوع لقربها من سكن الكثير منهم باعتبارها وسط الأحياء، كما أن سعرها يعد مناسبا للكثير منهم، لافتا إلى أن هناك فوائد كثيرة لهذه الملاعب أولها تنمية المهارات الشباب بشكل يومي.
وحول قيام شبان بإنشاء ملاعب مهيأة وتأجيرها، يقول الشيباني: "إن هؤلاء هم الحريصون على فهم حاجات الشباب واهتماماتهم حتى لو استدعى الأمر أن يكون الغرض منه تجارياً فلا بأس بذلك، حيث إن تكلفة استئجار الملعب لمدة ساعة تعد جيدة ومناسبة على الأقل تكفل لنا ممارسة رياضتنا المفضلة وتساعد صاحب الملعب على المحافظة عليها وصيانتها بشكل يساعدنا على اللعب بشكل أفضل".
وطالب جابر الحمدان بأن تقوم الجهات المختصة بعمل منشآت رياضية كالملاعب داخل الأحياء لتكون قريبة من الشباب لتنمية مواهبهم، من خلال فرض رسوم رمزية عليها مع توفير مكتب متخصص توكل إليه مسؤولية الصيانة والتنسيق والترتيب الضرورية الخاصة بمواعيد اللعب بين مجموعات الشباب.
وأضاف أن وجود هذا النوع من الملاعب داخل الأحياء سيخدم بعض الشباب الذين لا يملكون وسائل المواصلات التي تساعدهم للذهاب للأندية المعروفة، أو أنهم لا يرغبون في الدخول في الأندية بسبب الالتزام الصارم بمواعيد التمارين والمباريات حيث يشكل ذلك عبئا على التزامات البعض من الشباب الذين يرتبطون بمواعيد خاصة واجتماعية كثيرة.
ويرى الحمدان أن كرة القدم بالتحديد في الرياض هي المتنفس لكثير من الشباب، ولكن ممارسة وحب الشباب لهذه الرياضة وخاصة وقت رمضان، جعل الكثير من أصحاب الملاعب الخاصة باستغلال رغبة الشباب في هذه الفترة عبر رفع إيجارات هذه الملاعب بشكل خيالي ومرتفعة للساعة الواحدة، مما يحرم البعض من الشباب ممارسة هذه الرياض على مثل هذا النوع من الملاعب.
ولفت إلى أن الكثير من هذه الملاعب تطلق على ملاعبها أسماء أندية مشهورة وعالمية مثل ملعب مانشستر يونايتد أو برشلونة وغيرها، حيث يقوم أصحاب هذه الملاعب بتزويدها بكافة المستلزمات من مولدات كهربائي لتأمين الإنارة الكاملة، إضافة إلى وضع أرقام وهواتف لاستقبال حجوزات الشباب.
أما نايف العمري يقول: "إن الملاعب والساحات الترابية المؤجرة لها أهمية كبيرة في حياتنا خصوصا نحن الشباب، فمعظم أوقات فراغنا نقضيها في هذه الساحات وليس لدينا متنفس آخر سواها"، موضحاً أن الكثير من الشباب يجدون ممارسة الرياضة في شهر رمضان خاصة ذات متعة متميزة تختلف عن باقي أوقات السنة، ولذلك فإن الكثير من الشباب يستعدون لذلك من خلال حجز الملاعب في وقت مبكر وقبل حلول الشهر الكريم، لكي يتسنى لهم تنظيم جداول المباريات، وذلك بعد أن قاموا بتحديد الوقت المناسبة لهم.
وتابع: أن "الكثير من الشباب يفضلون اللعب في الملاعب ذات العشب الاصطناعي وحتى لو كلفهم الأمر الذهاب للبحث عنها في جنوب الرياض أو غربه، ليجمعوا بين الأسعار المناسبة والمساحة الجيدة ونوع الأرضية التي يرغبون اللعب عليها".
بدوره، أوضح الشاب سعود الهاجري أن الشيء المعكر في هذه الملاعب هو كثرة الطلب المتزايد الذي تشهده في كل عام، إذ لا يمكن أن يتم الحصول على حجز ساعة إلا قبل أسبوع من موعد المباراة التي تنوي إقامتها، كما أن مميزات الملاعب المؤجرة تختلف من مكان إلى أخر بحسب الخدمات المتوافرة التي تسهم في تحدد تكلفة الساعة الواحدة.
وذكر أن هناك ملاعب تؤجر الساعة بـ 300 ريال، وتتميز هذه الملاعب بكشافات الإضاءة القوية العالية، والأرضية الترابية الجيدة، كما أن هناك ملاعب تمتاز بالأرضية التي زرعت بالعشب الصناعي، ويحيط الملعب بصور مرتفع وغرف تبديل للملابس ودورات مياه ومسجد وهذا النوع يؤجر عن باقي الملاعب بسعر خيالي للساعة الواحدة يصل في معظم الأحيان إلى 800 ريال.

الأكثر قراءة