هل نواجه أزمة غذاء؟
العالم بأسره يواجه خلال هذه الفترة أزمة تتمثل في أزمة غذاء انعكست في ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية خصوصاً الحبوب، وصلت إلى مستويات قياسية لم يشهدها العالم منذ ربع قرن. وتختلف الأهمية النسبية لهذه الأزمة من دولة لأخرى وذلك حسبما يتوافر من موارد سواء مادية أو بشرية وكذلك الطبيعية وحسن استغلال هذه الموارد أو طريقة تعامل كل دولة مع هذه الأزمة أو التكيف معها. والمملكة كإحدى أهم الدول اقتصاديا على المستوى العالمي تؤثر وتتأثر شأنها شأن باقي دول العالم إلا أنها لا تعاني أزمة غذاء بل ارتفاع أسعار وتوزيع بعض المواد الغذائية والتموينية ومواد البناء التي تأثر بها السكان في المملكة وأسهمت في ارتفاع تكاليف معيشتهم. وبالتالي ارتفاع معدل التضخم في المملكة نتيجة لهذه التغيرات الاقتصادية سواء في الغذاء أو الدواء أو السكن أو مدخلات ومخرجات الصناعة والزراعة. والحكومة تسعى بشكل جدي إلى معالجة ارتفاع أسعار الغذاء من خلال إيجاد الوسائل التي تكفل تأمين السلع الغذائية وزيادة الإنتاج الزراعي داخلياً والاستثمار في القطاع الزراعي خارجياً. كما عملت على تقديم الدعم لبعض السلع الغذائية الرئيسة سعياً منها لتخفيف العبء على كاهل المواطن والمقيم وتقديم هذه السلع بأسعار مناسبة. وبروز مثل هذه الأزمة يؤكد حقيقة أهمية القطاع الزراعي في المملكة الذي له دور بارز في هذه الأزمة وأنه من أهم مصادر تنويع الدخل القومي وداعم للأمن الغذائي للمواطنين والمقيمين في المملكة، وكان من نتائج سياسات الدعم المتواصل والتشجيع المستمر للقطاع الزراعي لاستخدام أحدث التقنيات المتاحة في العالم بعد تطويعها لظروف المملكة الأثر الفاعل في النهضة الزراعية التي تشهدها المملكة اليوم، وبذلك تمكنت المملكة بفضل من الله من تحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع الزراعية الغذائية كالقمح والتمور وبيض المائدة والألبان الطازجة، كما وصلت في إنتاجها من السلع الزراعية الغذائية الأخرى إلى مراحل متقدمة من الاكتفاء الذاتي، وتتوجه المملكة في سياساتها الزراعية في هذه المرحلة إلي تشجيع المزارعين للتركيز على تنويع الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وإلى الاستثمار في الصناعات الزراعية التحويلية وتصنيع المعدات والأدوات الزراعية الملائمة للظروف البيئية والمناخية للمملكة وتصنيع مدخلات الإنتاج الزراعي والأسمدة والمبيدات وإنتاج التقاوي المحسنة وغير ذلك من مدخلات الإنتاج الأخرى. وما يميز القطاع الزراعي في وقتنا الحاضر أنه تكيف مع التغيرات المختلفة وعلى وجه الخصوص مع شح بعض الموارد الطبيعية وفي مقدمتها مياه الري مما خلق فرصا استثمارية في المجال الزراعي هدفها الرئيس ترشيد استخدام مياه الري والتوسع في هذا النوع من الفرص الاستثمارية المقننة مثل زراعة البيوت المحمية ومشاريع الدواجن البياض واللاحم والاستزراع السمكي وكل تلك الحقائق تؤكد أهمية الحفاظ على المكتسبات التنموية التي تحققت في القطاع الزراعي في المملكة وتنميته وتطويره ودعم المستثمرين والخبرات الزراعية في المشاريع الزراعية السعودية داخل المملكة أو خارجها وتسخيرها لما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي لتوفير الغذاء وزيادة المعروض منه بمواصفات سعودية. ومع هذه الجهود لابد من كبح جموح الإسراف على موائدنا وخلق توازن على المستوى الشخصي ببرامج تثقيفية لرفع الوعي وإيجاد برامج غذائية صحية.