من قتل نزيل مستشفى شهار؟
تناقلت وسائل الإعلام الخبر الذي نشرته إحدى الصحف المحلية أمس الأول عن جريمة القتل البشعة التي وقعت في مستشفى شهار العام بالطائف وراح ضحيتها أحد نزلاء المستشفى من المرضى النفسيين بعد أن تلقى طعنة نافذة بسكين من مريض آخر أشار الخبر إلى أنه مصاب بمرض السايكوباتية وهو مرض يعني اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
إلى هنا والخبر طبيعي رغم فداحة الجريمة والإهمال الكبير وانعدام المسؤولية لدى موظفي المستشفى, أما غير الطبيعي فهو أن المريض القاتل تمكن قبل ارتكاب جريمته من النزول إلى الشارع العام والتبضع بأحد المراكز التجارية وشراء أداة الجريمة والدخول إلى جناحه بالعنبر وسط إهمال طبي وإداري لا يمكن تصوره, ليحتفظ بأداة الجريمة لساعات قبل أن يقتحم غرفة زميله الآخر المصاب بمرض انفصام الشخصية ويسدد له طعنة أودت بحياته على الفور وسط فوضى عارمة داخل الجناح!
ولكم أن تتأكدوا من أن الخبر أعلاه ليس قصة فيلم آكشن من إنتاج مخيلة سينمائية بدائية, وليس مزحة من وزارة الصحة أو إدارة المستشفى, فالمريض القاتل كان يتجول في المراكز التجارية حراً طلقياً بالفعل ليبتاع أداة الجريمة وربما كان أحد موظفي المستشفى هو من أوصله كخدمة إنسانية يقدمها له بغية كسب الأجر!
أيعقل يا سادة أن يحدث هذا في مستشفياتنا؟ مريض نفسي خطير تُقدم له كل هذه التسهيلات لارتكاب جريمة قتل هكذا بكل هذه البساطة؟ هل أصبح إزهاق الأنفس التي أودعت أمانة في أعناق مسؤولي الصحة أمراً طبيعياً ليلحق بركب الجرائم الأخرى التي تُسميها الوزارة نفسها "الأخطاء الطبية"!
إنني أتساءل عن القاتل الحقيقي هنا, فلا يمكن أبداً أن يتحمل هذا الشخص الذي لا يدرك ما يفعل ، الذي يشكل خطراً على نفسه قبل غيره من بني البشر مسؤولية جريمته, ولن أنتظر الإجابة من سعادة مدير المستشفى أو مدير الشؤون الصحية أو حتى معالي وزير الصحة في بيان رسمي يفيد بعزم الوزارة على التحقيق في القضية ومحاسبة المهملين كالعادة!
فهناك فرق كبير بين الإهمال والتسيب وانعدام المسؤولية وبين المشاركة في ارتكاب جريمة قتل عن طريق تقديم التسهيلات للمجرم الذي لا يعي ما يقوم به, فقد أوضح أحد أقارب المجني عليه أن الشرطة ممثلة في ضابط التحقيق أفادته بأن الجاني والمجني عليه كان بينهما خلاف حاد داخل العنبر تطور بشكل سريع إلى حالة شديدة من الشراسة والعدوانية, وكل هذا حدث دون إخبار أولياء أمريهما بذلك أوإبعادهما عن بعضهما بعضا، بل إن المسؤولين في المستشفى أبقوهما سوياً في نفس العنبر دون أي مبالاة وأحاطوا القضية بالصمت المطبق والسرية التامة حتى وقعت الجريمة!
دعوني أخبركم بشيء مهم.. لو وقعت مثل هذه الجريمة وبنفس هذه التفاصيل المخزية في أي مستشفى من مستشفيات دول العالم لتقدم جل مسؤولي المستشفى باستقالاتهم في نفس اليوم, وربما سبقهم أكبر مسؤول في الصحة, ولن يعفيهم ذلك من المساءلة القانونية, بل سيجرجرون في المحاكم وربما قضوا عقوبات متفرقة في السجون بتهمة المشاركة في جريمة قتل وتقديم تسهيلات لقاتل مضطرب الشخصية, ثم ستتم محاكمتهم إدارياً بعد ذلك على التسيب والإهمال الذي تسبب في خروج هذا القاتل للشارع قبل أن يعود لارتكاب جريمته, وهو ما يدعوني إلى أن أطالب ذوي القتيل رحمه الله بالبدء في الترتيب لمقاضاة جميع منسوبي المستشفى بتهمة التسبب في مقتل ابنهم, قبل أن يفكروا في مقاضاة القاتل الذي لا يتحمل مسؤولية ما ارتكبه شرعاً وقانوناً بسبب مرضه النفسي الذي ألقى به في العنبر الذي شهد الجريمة.