معلمون سعوديون يقتحمون عالم الدروس الخصوصية

معلمون سعوديون يقتحمون عالم الدروس الخصوصية

جذب بريق مكاسب الدروس الخصوصية بعض المعلمين السعوديين، للدخول في المنافسة مع غيرهم من المعلمين الأجانب الذين يمارسونها بتخصص أو من غير تخصص.
وبدا واضحاً أن المكاسب التي حققها بعضهم من الدروس الخصوصية كانت السبب المباشر وراء سحب السعوديين إلى داخل هذه الحلبة، للمنافسة في حصة من كعكة يتضخم حجمها مع دخول موسم الاختبارات.
ويلجأ السعوديون حالياً للإعلان عن خدماتهم الخاصة في الدروس، سواء في الأماكن العامة أو المحال التجارية والأسواق بعد أن توارى الوافدون عن هذه الأساليب خوفا من الإيقاع بهم من قبل الجهات المختصة، بواسطة هواتفهم المعلنة.
كما طور المنافسون الجدد من أساليبهم الدعائية، إذ يعتمدون على توزيع وريقات صغيرة تحمل أرقامهم وإعلاناتهم عن تقديم خدمات الدروس الخصوصية في المواد المهمة، خاصة: الرياضيات، الكيمياء، الفيزياء، اللغة الإنجليزية، وغيرها.
ويتفنن المعلمون في أساليب دعائية رنانة محبوكة لجذب طلاب الدروس الخصوصية، توازي الإعلانات عن السلع أو الخدمات التجارية، كأن يقول صاحب الإعلان مثلا "للراغبين في التفوق والنجاح، يوجد مدرس رياضيات لجميع المراحل..للحجز: الاتصال على رقم......." أو "لا بد من أنك حائر الآن وتبحث عن معلم كيمياء...سارع بالاتصال" وأيضاً "الاختبارات على الأبواب ...اتصل الآن.
من جانبه اقترح عبد الرحمن الحقباني وهو مستثمر في التعليم الأهلي أن يتم السماح للمعلمين السعوديين بفتح مراكز تقوية" خدمات تربوية" خاصة، وذلك بمنحهم تراخيص لمزاولة ذلك، وتتم مزاولتها كنشاط استثماري مربح جدا.
وسرد مقترحه بقوله:" لو اتفق أربعة معلمين سعوديين في تخصصات مختلفة على استئجار فيلا ومن ثم افتتاح فصول لاستقبال طلاب المراحل الدراسية الراغبين في حصص تقوية، وبرسوم يفرضها المعلمون ويوافق عليها الطلاب لكان مجديا بشكل يفوق التصور وستلقى إقبالا منقطع النظير".
وأضاف: إن السماح لهم بذلك سيعزز بقاء المعلمين السعوديين في مدارسهم الأهلية، ويوقف نزيف التسرب الحاصل، بسبب ضعف الرواتب، كما أنه سيحمي من تدريس الأجانب من طلوع الفجر وحتى غروبها.
من جهته أكد خالد الضاحي مدير مدرسة أهلية أن كثيرا من المعلمين السعوديين يرفضون الدخول في التدريس الخصوصي تخاذلا منهم، مع أنهم لو اتجهوا إلى هذا المجال فإنهم لن يلتفتوا البتة إلى مرتبهم الشهري الذي قد لا يفي بمستلزمات الحياة.
وكشف أن الطلاب يدفعون مبالغ طائلة جدا للمعلمين الأجانب مقابل الدروس الخصوصية، فيدفعون أربعة آلاف ريال للمقرر الواحد في كل فصل دراسي، مشيرا إلى أن أحد المعلمين الأجانب أسر له بقوله" إذا لم أجن مبلغ 100 ألف ريال هذا العام من الدروس الخصوصية فأنا لم أقدم أي شيء، لأنني أساسا حضرت من بلدي لأجلها، وليس لأجل راتب الوظيفة"، هذا في وقت تكسب فيه إحدى المعلمات الوافدات 90 ألف ريال في فترة الامتحانات فقط.
أما الطالب محمد العتيبي فأكد أنه درس لدى معلم سعودي في مادة الحاسب الآلي، مشيرا إلى أن سمعة المعلم وكفاءته قادتاه مع ثلاثة من زملائه إلى الاستعانة به، إذ كان يدرس مجموعات، كل مجموعة تضم أربعة طلاب في منزل أحدهم، وتدفع له كل مجموعة مبلغ أربعة آلاف ريال للفصل الدراسي الواحد.
أما عبد الله الصويان معلم سعودي سبق له التدريس في مدارس أهلية فذكر أن كثيرا من المعلمين يتهافتون على الالتحاق بأعمال إضافية أخرى كالتدريس الليلي وفي الإصلاحيات والسجون، بحثا عن إضافة دخل مادي كمعين لهم في ظل عدم تحسين مستوياتهم المستحقة.
وكشف أن هناك زملاء كثرا له من السعوديين اتجهوا أخيرا للتدريس الخصوصي عندما لم تتح لهم فرص في وظائف أخرى كالتدريس الليلي الذي يجد تنافسا شديدا بين المعلمين، مع أن مردوده المادي أقل مما تقدمه الدروس الخصوصية.
وأضاف أن أكثر ما جعل المعلمين السعوديين ينجذبون نحو التدريس الخصوصي هو عدم التقيد بوقت معين، قلة الرقيب، والكسب المادي الكبير جدا.
من جانبه بين عبد الله الشهري، وهو معلم أن اقتحام السعوديين عالم الدروس الخصوصية ليس ظاهرا للعيان، وإن كنت قد سمعت عن بعض المعلمين السعوديين الذين يعطون دروسا خصوصية للطلاب في منازلهم وتقسيمهم إلى مجموعات وفصول، خاصة في المواد الصعبة مثل الفيزياء والرياضيات والكيمياء واللغة العربية، فالضعف اللغوي لدى الطلاب يجعل المجال خصبا لمثل هذه الدروس.
وأضاف الشهري أن الدروس الخصوصية تعطى من وافدين ليسوا في الأساس معلمين وبالتالي أرى أن يستفيد منها المعلمون، خصوصا في ظل البطالة التي يعيشها الشباب، والرواتب المتدنية في الوزارة من عدم تحسين المستويات وإعطائهم حقوقهم الأمر الذي يجعلهم يلجأون لها. ومن وجهة نظري فإنه يجب أن تقنن وتعطى شرعية وتمارس في العلن ليستفاد منها في مراكز تربوية تعطى الفرصة فيها للمعلمين للاستفادة منها.
ويرى أحد المختصين في التربية وعلم النفس أن دخول غير المختصين في مجال التدريس الخصوصي يعد ظاهرة سلبية أفرزتها الحاجة إلى معين قبل الاختبارات بعدة أيام في الوقت الذي يكثر فيه الطلب على هذه الخدمة.
ولأن عدد الطلاب يزيد على عدد المعلمين بنحو 25 ضعفاً، فلا مناص من دخول غير المعلمين حلبة المنافسة على كعكة الدروس الخصوصية، مما سيؤثر سلبا في العملية التعليمية.
وأنحى مختص التربية باللائمة على أولياء الأمور الذين يدفعون أبناءهم دفعا إلى الدروس الخصوصية، حباً في اجتياز الاختبارات بنجاح، مهما كان الثمن، ومهما كانت العواقب، مؤكدا ضرورة حرص ولي الأمر على مذاكرة ابنه طوال العام، بدلا من حرصه على النجاح بأسهل الوسائل.

الأكثر قراءة