قصة الطيران السعودي.. من متحف صقر الجزيرة
يبرز متحف صقر الجزيرة للطيران كواجهة حضارية ومعلم سياحي في عاصمة المملكة، يحكي قصة الطيران والتطور التاريخي للقوات الجوية الملكية السعودية منذ نشأتها على يد المؤسس الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه- ومصورا مسيرة البناء والتطور حتى عهدنا الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
افتتح المتحف في شوال عام 1419 بمناسبة احتفالات المملكة بالذكرى المئوية لفتح الرياض، ويقع شمال قاعدة الرياض الجوية وعلى الطريق الدائري الشرقي بين مخرجي 10 و11على مساحة تقريبية تقدر بـ 25 ألف متر مربع.
مكونات المتحف
يتكون المتحف في مرحلته الأولى من صالة عرض رئيسة مغطاة تحتوي على نماذج من الطائرات والأسلحة القديمة والحديثة إضافة إلى ركن خاص بالصقور السعودية المكون من سرب كامل يقوده عشرة طيارون محترفون ويقدم عروضه الجوية الفنية في أنحاء مختلفة من العالم، حيث نال العديد من جوائز التفوق العالمية. وركن آخر يهتم بطيران الفضاء يتضمن جهازا تشبيهيا لرحلة فضائية ويعرض فيلما عن رحلة الأمير سلطان بن سلمان على المكوك الفضائي دسكفري. وفي الجزء العلوي من المتحف، يتعرف الزائر على مجموعة من النماذج لعدد من الصواريخ العادية والذكية والقنابل وفي زاوية أخرى تقدم المجموعة الثانية منها الرتب والأزياء العسكرية القديمة والحديثة للضباط والأفراد، والشعارات التي توضع على ملابس العسكريين والأوسمة والأنواط الرسمية والهدايا المقدمة للمتحف من الوفود الزائرة له منذ افتتاحه، ونماذج من الأسلحة الخفيفة القديمة سابقاً في القوات الجوية.
صور نادرة
يلفت نظر الزائر لهذا المتحف مجموعة من الصور النادرة بالزي العسكري لكل من الملك سعود - رحمه اللّه - والملك فهد -يرحمه اللّه- وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض. وهناك صور أخرى للرواد والأوائل الذين عملوا في خدمة القوات الجوية السعودية، منهم الأمير منصور بن عبد العزيز أول وزير للدفاع والأمير سلطان بن سلمان أول رائد فضاء عربي مسلم، وسعيد بخش أول طيار سعودي.
وقبل أن تنهي الجولة ستقف في ساحات العرض المكشوفة بعض المعدات الحربية وأجهزة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية وأجهزة الرادار وبعض الطائرات بأحجامها الحقيقية .
قصة في المتحف
متحف صقر الجزيرة يجسد تاريخ الطيران في المملكة عبر مراحله المختلفة.ففي عام 1333هـ 1914م كان أول ظهور للطائرات في سماء الجزيرة العربية عندما قامت إحدى الطائرات الإنجليزية بالتحليق فوق مدينة جدة. وفي عام 1344هـ 1924م واجهت قوات الملك عبد العزيز الطائرات لأول مرة في رحلة كفاحها لتوحيد أرجاء الوطن، وذلك في معركة الطائف حينما قامت هذه الطائرات بطلعات استكشافية فوق مواقع الجيش السعودي، وبعد عام من ذلك التاريخ دخلت الطائرات المعركة أثناء حصار الملك عبد العزيز لجدة، حيث أسقط جيش المؤسس أول طائرة كانت تقوم بعملية استطلاعية فيما انفجرت الثانية في السماء، وغنمت قواته ثماني طائرات منها ست طائرات من طراز DH-9، خمس منها كانت تحتاج إلى جهد كبير في الإصلاح وواحدة منها كانت قابلة للإصلاح والطيران، ولذلك أمر الملك عبد العزيز ببيعها وشراء طائرات بديلة عنها خصص البعض منها لتعليم الطيارين السعوديين علوم الطيران، أما الملك عبد العزيز - رحمه اللّه- فقد استخدم طائرتين من الطائرات التي غنمها ووضعهما أمام القشلة ليعلن للناس امتلاكه الطائرات الحربية مضاعفاً بذلك هيبة قواته في نظر أعدائه.
وقبل توحيد المملكة أصدر الملك عبد العزيز أمرا بتأسيس قوة طيران باسم "قوة الطيران الحجازية النجدية" وتم شراء أربع طائرات بريطانية الصنع من طراز "ويستلاند وابيتي مارك 2" ذات الجناحين والتي كانت من أحدث الطائرات المستخدمة آنذاك وذلك في 29رجب 1348هـ وأعد لها أول قاعدة جوية في جزيرة "دارين" في المنطقة الشرقية. وتم ابتعاث دفعتين من الشباب السعودي على فترتين الأولى إلى إيطاليا عام 1353هـ والثانية إلى بريطانيا عام 1368هـ وشكل هؤلاء الشباب نواة الطيارين والفنيين في القوات الجوية السعودية. أنشئت وزارة الدفاع والطيران عام 1371هـ ومعها مطار جدة وقد سعى الملك عبد العزيز إلى دعم السلاح الجديد بأحدث الطائرات، كما أسس على يديه الطيران المدني بتسع طائرات من طراز DC3 " داكوتا – دوجلاس-دي سي 3 " كانت الأولى هدية من الرئيس الأمريكي روزفلت إلى الملك عبد العزيز الذي أعجب بها وأمر بشراء ثمان منها بعد أن قام بأول رحلة على متنها من عفيف الماء في وسط المملكة إلى الحوية، وتوجد هذه الطائرة ضمن مقتنيات المتحف وتعد أبرز معالمه، وقد وضعت في مكانها بعد أن قامت بآخر تحليق لها في سماء الرياض بمناسبة افتتاح المتحف يوم الاحتفال بالمئوية وهبطت في الجنادرية، ويمكن للزائر التجوال في مقصورتها التي تتسع لـ24 راكبا.
أول مدرسة للطيران
وفي عهد الملك سعود - يرحمه الله شهد سلاح الطيران الملكي دعما كبيرا شكل نواة أول مدرسة منظمة وناجحة لتعليم الطيارين والفنيين للعلوم الجوية الحديثة في مدينة جدة مع استمرار ابتعاث الطلبة لدراسة الطيران في الخارج حيث افتتحت مدرسة سلاح الطيران كما أنشئت مدرسة عسكرية تعنى بتدريس التخصصات الفنية التي يحتاج إليها سلاح الطيران وأطلق عليها مدرسة سلاح الطيران الفنية وفي هذه المرحلة تم تشكيل الأسراب الأولى في القوات الجوية.
مرحلة التطوير
استمر التطوير متزامنا مع تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع والطيران ومفتشا عاما في3/6/1382هـ حيث وجه بوضع الخطط والبرامج والمقترحات الكفيلة لتطوير القوات المسلحة بفروعها كافة. ومن أجل تطوير منشآت التعليم والتدريب الأكاديمي فقد تأسست كلية الملك فيصل الجوية في عام 1387هـ بطائرات التدريب من طراز "سسنا" وطائرات "الباك 167" وفي جمادى الآخرة من عام 1393هـ صدر الأمر الملكي بتعديل اسم سلاح الطيران الملكي السعودي إلى القوات الجوية الملكية السعودية.
مرحلة التحديث
استكملت القوات الجوية استيعابها لمنظومات السلاح الحديث وقطعت شوطا كبيرا في مجال التدريب وفي عام 1405هـ كانت بداية مشروع "درع السلام" الذي تضمن تأمين رادارات أرضية وشبكات اتصالات ومراكز عمليات وتجهيزها على مستوى المملكة مرتبطة بعضها البعض فيما عرف بنظام القيادة والسيطرة والاتصالات كما تمكنت المملكة من الحصول على طائرات الإنذار المبكر من طراز "أواكس" وطائرات التزود بالوقود جوا وتم توقيع عقد مشروع اليمامة في عام 1406هـ وتوافرت للقوات الجوية أسراب من طائرات "التورنيدو" بنوعيها الهجومية والدفاعية وطائرات "هوك ت - 65" للتدريب المتقدم وطائرات "بيلاتوس بي سي 9" وتم افتتاح منظومة القيادة والسيطرة والاتصالات في 20المحرم 1417هـ. وتواصل خطط التطوير في القوات المسلحة السعودية بما يحقق لهذا الوطن أمن وسلامة أراضيه ومكتسباته الحضارية التي تتزايد كل يوم في كل المجالات.