عندما نرفع رؤوسنا لتأمل سماء الشعر، سنجد نجوما قليلة تزين صفاءه، استطاعت رغم الغيوم، الغبار والسنين أن يبقى وهجها على سابق عهده بل امتد ليصلنا ويصبح جزءاً من نور ذائقة كل منا وثقافته أيضاً، ومن هذه النجوم نجم يدعى "صالح الشادي"، وهو لا يحتاج إلى ما سبق من كلمات، بقدر ما نحتاج نحن إلى تذكير القراء، الشعراء والغاوين باستمرار تألقه وأسباب هذا الاستمرار، ما دفعنا إلى نثر تساؤلاتنا أمامه بعد الاحتفاء به، خاصة أنه في غيابه وحضوره مادة دسمة لصفحات الشعر المحكي، وصفحات "الحكي" الشعري، ولم يخفِ الدكتور صالح الشادي استياءه من بعض الصفحات التي تبحث عن الإثارة لمجرد الإثارة وتستغل اسمه سعياً لكسب أضواء زائفة، وذلك عندما فاجأنا بأن أغلب ما يصدر على لسانه من تصريحات في الفترة الأخيرة "مفبرك"، ولا يمت إليه بصلة سواء كانت تصريحات إيجابية أم سلبية.

وكشف الدكتور الشادي بأنه قرأ تصريحاً منسوباً إليه يفيد بأنه وصف الشاعر فهد عافت بـ"العضو المستبعد"، على إثر تداعيات انسحاب الأخير من برنامج "قصيدة التحدي" الذي شارك فيه الشادي كعضو لجنة تحكيم إلى جانب كل من الشعراء: عبد الرحمن رفيع، مسفر الدوسري وسليمان المانع، وقال: "تفاجأت بهذا التصريح غير الصحيح منشوراً، وقد تم إبرازه بشكل يعكس أن هناك خلافاً بيني وبين الشاعر فهد عافت، وكلانا أرفع من هذه الأمور والجمهور لا يجهلنا حتى يتم تمرير تصريحات عليه هكذا".

وحول حقيقة هذا التصريح وأساسه، قال الشادي: "القصة باختصار أن الصحافي الذي نشر هذا التصريح اتصل بي، ونقل لي تصريحاً على لسان عافت ذكر فيه أن لجنة تحكيم "قصيدة التحدي" الجديدة ستفشل، وأكد لي الصحافي أنه أخذ آراء جميع أعضاء لجنة التحكيم ولم يتبقَّ سواي، وأجبته بأن أعضاء لجنة التحكيم الجديدة شعراء لهم تاريخهم، حيث لا تقل تجربة أصغر عضوٍ فيهم عن 30 سنة، ولم أصف فهد عافت بـ"العضوالمستبعد" كما نشِر، فهو شاعر كبير، له تجربته وجماهيريته، نحن أكبر من أي "فبركات مثيرة".

وأوضح الدكتور الشادي أنها ليست المرة الأولى التي يصدر على لسانه تصريحات "مفبركة"، حيث ذكر أن آخرها كان منذ أيام، عندما كُتِب أن الشادي يفند الشائعات ويعتبر أنها تحتاج إلى فم مفتوح ومروءة ميتة، إضافة إلى تفاصيل أخرى عن مواضيع قديمة تخصه لا يعلم ما دواعي إثارتها الآن، مشيرا إلى أنها المرة الثانية التي يقدم عليها الصحافي نفسه بنشر تصريحات وتغطيات من "نسج الخيال"، حيث كانت المرة الأولى عندما تمت تغطية أمسية له في قطر، والتركيز على شح الحضور، واستغرب الشادي هذه التغطية، معللاً استغرابه بأن الأمسية كانت منقولة على الهواء عبر إذاعة "صوت الخليج" وصوت كثافة تصفيق الجهور يسمعه القاصي قبل الداني من خلال الإذاعة!

وعندما سألناه عن حضوره كعضو لجنة تحكيم في مسابقة شعر، خاصة أن التركيز هنا سيكون على شخصية الناقد لا الشاعر، أجاب: "كانت تجربة مميزة بالنسبة لي، ولا أرى أن ما طرحناه كأعضاء لجنة تحكيم أو ما يطرحه أي عضو لجنة تحكيم في أي مسابقة من هذا النوع يعتبر نقدا، فالمطروح لا يتجاوز كونه آراء انطباعية تجاه النصوص الملقاة من المشاركين، أما النقد فيجب أن يأخذ حقه من القراءة المتأنية والتشريح وتعيين مكامن القوة والضعف في النص المراد انتقاده، وهذا غير موجود على كل حال".

من جهة أخرى، كان للدكتور صالح الشادي "الكاتب" حضوراً قوياً في معرض الكتاب الدولي في الرياض القائم الآن، حيث تشارك دار المجدلاوي بمجموعة كبيرة من مؤلفاته التي تجاوزت الـ18 بين كتب ودواوين، كان من أبرزها ما طرحه عن الجن، من هذه الكتب: "سلطة إبليس، عزازيل الذي أبلسه الله، الناس والخناس، الجن عالم آخر، لا يفلح الساحر، رسول الشيطان، إنك ميت، فلسفة الفتوح العربية، الدولة.. نشأتها وتطورها، الغرب والإسلام، الجنادرية.. تراث وفكر وهوية، مساء الأرانب، نحو الجادة، وضريبة الغباء".

وقد برر الدكتور الشادي تعمقه واختياره للجن وعوالمهم بأنه علم قائم، ويثير فضوله منذ زمن، وعندما سنحت له الفرصة في البحث فيه، كانت هذه الكتب، نافياً ما يشاع عن ارتباط الشعر بالجن، وذكر أنه لا صحة لمن يدعي من الشعراء بعلاقته بالجن، ما دام الشاعر يواجه الناس واعياً ومدركاً لما يدور حوله.

وكشف الدكتور الشادي لـ"بالمحكي" أنه يحضِّر لأكثر من مفاجأة فريدة من نوعها، وقد وعدنا بنشر تفاصيلها عندما يحين الوقت المناسب، مختتما حديثه بتعبيره عن سعادته لما لاقته مؤلفاته من إقبال وتفاعل من قبل زوار معرض الكتاب الدولي، معرباً عن بهجته بإصدار الطبعة الثانية لديوانه "للوطن" الذي يحتوي على مجموعة كبيرة من القصائد والأغاني والأوبريتات التي تغنت بحب الوطن.