هل تظن أنك مسحور؟ أو ربما محسود؟ (1 من 4)

[email protected]

هل تظن أن المسلمين عندما هزموا في غزوة أُحُد عزوا ذلك إلى سحر ساحر؟ أو ربما لام أحدهم عين حسود (ما صلت على النبي!)؟ والجواب واضح, فلم يكن ذلك الجيل يشغل نفسه بهذه الأمور على إيمانهم بها كما نؤمن نحن, وبالتأكيد لم يفسروا كل صغيرة وكبيرة تصيبهم بالعين والسحر والمس وما شابه...فما بالنا نحن إذا؟ لا شك أننا جميعا تمتلئ ذاكرتنا بالقصص المفصلة عن إصابة أحدهم بالمس والعياذ بالله, أو كيف تساقط شعر فلانة (الذي كان جميلا جدا بالطبع) بسبب العين, حتى أن وسائل الإعلام من صحف ومجلات وتلفاز تزخر بالتحقيقات والأخبار عن هذه الأمور, وأنا التي كنت أظن ـ متفائلة ـ أن دور هذه الوسائل يتلخص في توعية الرأي العام وليس العكس...فما سر استغراق الكثير من الناس في هذه الهواجس؟
قد تجد إذا ما حاولت نقاش (المتطرفين) في هذه الأمور حججا متماثلة يرددونها دفاعا عن تلك الوساوس وهاهي أبرزها:
1.لقد ذُكرت في القرآن والسنة, فكيف لا نؤمن بها؟ وطبعا المقصود هنا أن تعجز عن الرد بما أنهم استشهدوا بكتاب الله وسنة نبيه الكريم. والحقيقة أن هذه عليهم و ليست لهم... لماذا؟ نعم, لقد ذُكرت هذه الغيبيات و نحن ملزمون غير مخيرين في الإيمان بها ولكن... فَصَل لنا الله عز وجل ورسوله الكريم منهج التعامل مع الحياة وما فيها من غيبيات، وبالتالي ليس من الرشد ولا من الإيمان أخذ بعض الكتاب و ترك بعضه. ويتلخص هذا المنهج في ما يلي:
أ. التوحيد الخالص والذي يقتضي التوكل على الله حق التوكل والإيمان بأنه ما من شيء يصيبنا إلا بإذنه, أي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. والنتيجة المنطقية لهذا اليقين هي أن تعلق رجاءك وخوفك بمُصَرِف الأمور وحده وليس بساحر أو حاسد, وبذلك يكون حفظك وعلاجك بيد الخالق عز وجل وليس بيد ساحر يفك السحر.
ب. تحصين النفس, وذلك أيضا مفصل لنا ولا يكون إلا عن طريقين:
* التزام أوامر الله واجتناب نواهيه, وأذكر أني قرأت في كتاب بعنوان (قوة النوايا) للدكتور جون داير قوله إن الكثير من الأفعال التي يرتكبها الإنسان تعبث بتوازن الطاقة في الجسم وتجعله في حالة غير متجانسة مع سنن الكون مما يُردِيه عرضة للطاقات السلبية في العالم والتي تؤثر فيه جسديا ونفسيا. وضرب مثلا بشرب الخمر وأثره المدمر في الجسد عضويا وروحيا، حيث يمسي في حالة من الضعف تجعله فريسة لكل طائف من الشر يمسه ( فيروسا كان أو شيطانا).
* تحصين النفس بالأذكار التي أوصانا بها نبينا ثم التوكل على الله سبحانه وتعالى ودرء الوسوسة جانبا.
ج. التواضع وترك سوء الظن بالناس, ففي الوسوسة بالعين والسحر شيء من المدح الوهمي للذات بصفات تُعطَى أكبر من حجمها ويظن المرء أنه تميز بها عن غيره فلا يسع الناس المساكين المحرومين إلا أن يحسدوه أو يعملوا له السحر! أضف إلى ذلك عدم سلامة القلب الذي يسيء الظن بكل مسلم، ويتوقع منه الشر دون أي دليل يذكر سوى الوهم الذي استشرى في نفسه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي