يبدو أن الازدحام المروري بات سمة .. أو صفة تميز العواصم العربية والعالمية .. فلا تخلو عاصمة من هذا التكدس المرعب لسيارات متراصة متلاصقة .. تقف لساعات .. وتمضي لدقائق.
حتى تحولت قيادة السيارة إلى أمر يرهق الأعصاب .. ويرفع الضغط ويصيب بالتوتر والقلق النفسي .. ويهدر الوقت .. والفرص أيضا .. فالذي يرتبط بموعد عمل قد يحدد مستقبله العملي، يضيع في الزحام المروري العمل والمستقبل .. وهذا يصل لعمله متأخراً .. طلاب المدارس تغلق الأبواب دونهم .. أما المريض الذي تحمله سيارة إسعاف .. فله الله!!
ولكن كيف بدأت هذه المشكلة .. وما حلولها .. وإلى متى وكيف أصبحت فكرة الخروج من المنزل .. كابوسا مزعجا لابد منه ..
طبيعي أول أسبابها الانفجار السكاني .. الذي وصل في "جدة" إلى ثلاثة ملايين نسمة، ومعدل نمو يفوق 4 في المائة .. وبالتالي زيادة أعداد المركبات التي لا تتناسب قدرة الشوارع والميادين على استيعابها والتي نظمت سابقاً لدرجة استيعاب أقل.
هذا وقد كشف لـ "الاقتصادية" المهندس "عبد العزيز عسيري"، مدير تخطيط النقل والمرور في أمانة "جدة"، عن رصد أكثر من ثلاثة مليارات ريال لرفع كفاءة تشغيل الشبكة المرورية وإنشاء 70 نفقاً وجسراً وذلك بعد حصر أكثر من مليون مركبة عاملة في الطريق وستة ملايين رحلة تقطعها المركبات يومياً.
وقد بينت أمانة "جدة" عن واقع الازدحام الشديد في عدد من ميادين "جدة" معظم اليوم، حيث تبلغ الكثافة المرورية في بعض الميادين في أوقات الذروة 7654 مركبة في الساعة، وهو حجم يتجاوز الحدة الأقصى الذي يمكن استيعابه في الميادين والذي يقدر بـ 600 مركبة في الساعة حسب الدراسات العالمية.
أضاف "العسيري" أنه تم الانتهاء من وضع استراتيجية واضحة المعالم لحلول تشغيلية وتخطيطية .. وتم تحديد 70 موقعاً تتكرر فيها الاختناقات المرورية بهدف إنشاء جسور وأنفاق ترمي لتقليل زمن التأخير، ورفع مستوى السلامة المرورية على هذه التقاطعات.
الدراسة المنتظرة لحل هذه الأزمة ستوضح الأنماط التي يمكن تشغيلها والمحاور المتوقعة .. وطريقة التمويل لهذه المشاريع.
المطلوب توعية جماهيرية .. تشترك فيها الجهات التثقيفية والتوعية كالصحف ووسائل الإعلام لنشر ثقافة سلامة المرور .. والبعد عن استخدام المركبات الخاصة أثناء أوقات الذروة مما يسهم في تحرير الكثافات وفك الاختناقات المرورية داخل المحافظة.
ولكن السؤال الملح يطرح نفسه بشدة معنى كلمة "رصد" التي ذكرها الأستاذ "العسيري" مدير تخطيط النقل والمرور في أمانة "جدة".
هل تعني أن مبلغ 3 مليارات موجود فعلاً تحت تصرف أمانة "جدة"؟ فإذا كان الأمر كذلك فلماذا الانتظار؟!
