التدخين والجنس والمرأة
من خلال بحثي المتواضع عرفت أن من أوقف التدخين عنه كانوا خمسة نماذج:
من واجه الموت أو مات فانقطع أثره أو قصت رجله أو ركبته، أو من خيرته زوجة يحبها بينها والسيجارة، أو من رافق أناسا متدينين اقتنع بمذهبهم؛ فخيروه بين صحبتهم وصحبة السيجارة، فآثر العقل وودع الحماقة.
أنا شخصيا أفرض قواعد اللعبة في بيتي والسيارة؛ فلا أسمح للمدخن بحرق أعقاب سيجارته ونشر دخانه ورائحته، وإفساد جونا، وأخيره بين دورة المياه والهواء الطلق.
وفي كندا طاردوا المدخنين مثل المجذومين؛ فأخرجوهم من كل الديار والدوائر العامة وطردوهم إلى الهواء الطلق يسممونه.
وفي يوم سألني رجل: هل تزوج ابنتك لرجل رائع لا ينقصه شيء سوى أنه مدخن؟ قلت إنها رأس كل خطيئة، ولو كان الأمر لي لمنعت من الزواج كل سكير ومدخن ومدمن وفاسق! حتى يتوبوا عن المعاقرة والمخاللة والسيجارة. وقد وقع تحت يدي بحث مهم عن هذه الآفة وآثارها المدمرة في الحياة الزوجية جاء فيها أن "الباحثين في الولايات المتحدة اكتشفوا أن زوجات المدخنين أكثر عرضة للإصابة بالأزمات القلبية القاتلة، من غيرهن من النساء اللاتي لا يدخن أزواجهن السجائر بثلاث مرات.
ويورد الباحثون المشاركون في هذه الدراسة: إن غير المدخنين أصبحوا الآن في أمس الحاجة للحماية من الأخطار الصحية التي قد تلحق بهم، بسبب وجود مدخنين بينهم، سواء كانوا أزواجا أو شركاء في محيط العمل.
ولقد ثبت علميا أن أضرار التدخين على النساء تفوق أمثالها على الرجال، وذلك لأن جسم المرأة أقل استعدادا لطرد المادة الغريبة عن الجسم، كما أن طبيعة تكوين المرأة البيولوجي والفسيولوجي، وكونها امرأة تحمل وتلد، يزيد مخاطر التدخين عليها، وعلى الجنين الذي ينمو في أحشائها.
دلت الدراسات على أن موت الجنين أو تشوهه يصبح أكثر احتمالا عند الأم المدخنة، وتصبح صحة الجنين سلبية تجاه السموم التي تتعرض لها الأم نتيجة وجودها في بيئة مليئة بالدخان، حتى لو لم تكن هي نفسها تمارس عادة التدخين، إضافة إلى أن بعض الدراسات أظهرت أن التدخين يسيء إلى المرأة إساءة بالغة، فهو يشوه جمالها ويفقدها كثيرا من حيويتها ونضارتها ولون وجهها، كما أنه يسود أسنانها، وتصدر عن فمها رائحة كريهة.
من ناحية أخرى، فإن التدخين يخشن صوت المرأة، ويزيد نمو الشعر غير المرغوب فيه في جسدها، ويعمل على اضطراب إفراز الهرمونات الأنثوية عندها، مما يســيء إلى أنوثتها ورقتها من جهة أخرى.
وفيما يتعلق بالدورة الشهرية؛ فمن المعروف أن الحالة العادية عند المرأة البالغة هي مرة كل 28 يوما، إلا أن المرأة المدخنة تصاب غالبا باضطرابات مختلفة في دورتها الشهرية، فقد تتباعد المدة بين طمث وآخر، وقد تقل بدرجة ملحوظة، كما يحدث أحيانا انقطاع الطمث لمدة تستمر أشهرا عديدة، وفي بعض الأحيان يحدث نزف دموي غزير ومستمر، كما قد تترافق الدورة بآلام شديدة نتيجة التسمم التبغي المزمن، الذي تعانيه المرأة المدخنة. كما أثبتت إحدى الدراسات أن دخان التبغ يوصل المرأة إلى سن اليأس في عمر مبكر عن الحدود الطبيعية المعروفة، بفترة زمنية تقارب السنوات العشر!! مما يترك أثره السلبي في المرأة وأنوثتها ويحرمها من الإنجاب في هذه السن المبكرة.
وقام الباحثون بسؤال 678 سيدة حاملا تراوح أعمارهن بين 18 و38 عاما عن المدة التي استغرقها حدوث الحمل ، فأظهرت الإجابات أن المدخنات احتجن إلى وقت أطول بكثير من غير المدخنات.
كما أظهرت الدراسة أن اللاتي يدخن بشراهة تصل إلى 20 سيجارة أو أكثر في اليوم يواجهن صعوبة أكثر في حدوث الحمل، وأن المواليد لأمهات مدخنات يقلون في أوزانهم عن أمثالهم من الأمهات غير المدخنات. وقد وجد أن النقص في المعدل هو مائتا جرام تقريبا.
في دراسة إحصائية أخرى لمكتب الإحصاء الطبي الأمريكي ذكرت أن النقص في أوزان أولاد المدخنات يصل إلى 480 جراما، كما لوحظ أن حالات الإجهاض التلقائي تزداد بين المدخنات، ووجد الباحثون أن هذه الزيادة تعتمد على كمية السجائر التي تدخنها الحامل، فكلما زاد عدد السجائر زادت حالات الإجهاض، ويقول تقرير وزارة الصحة الأمريكية: إن 14 في المائة من المواليد قبل الموعد المحدد تحدث نتيجة التدخين.
من منظور آخر فقد أثبتت الدراسات أن تدخين المرأة يخفف من الرغبة الجنسية عندها بدرجة تتناسب مع عدد السجائر المستهلكة يوميا (فلا تتزوج مدخنة) وعدد السنين التي مارست فيها التدخين، وقد تصاب في نهاية المطاف بمرض البرود الجنسي، الذي يمكن أن يكون سببا في تدمير حياتها الزوجية، والأمر ذاته ينطبق على الرجل أيضا. ذلك أن التدخين يضعف مراكز الانتصاب العصبي عند الرجل، ويخمد الوظيفة الجنسية عنده، ويخل بوظائف الغدد التناسلية، ويخفف من إنتاجها، ويضعف حيويتها، ويؤثر كذلك في مركز النشاط العصبي الجنسي فيضعفه ويؤذيه، وربما يؤدي بعد سنين من التدخين إلى حدوث الضعف الجنسي الكامل.
ولكن هل ينفع كل هذا الكلام مع المدخنين؟ والجواب:
"ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون".
ففي يوم قال لي رجل من الحشاشين أما أنا فأوصي بدفني تحت ظل شجرة التنباك حتى ترتوي منها بعد الممات! وهو يحكي أثر العادة في الجسم.
وكانت والدتي، رحمها الله، تكرر: عادة البدن لا يبدلها سوى الكفن، وهي تقصد أن العادة المستحكمة لا يغيرها شيء.