دعوة إلى إنشاء "مفوضية عامة" يحتكم إليها في القضايا الخلافية للسوق المشتركة

دعوة إلى إنشاء "مفوضية عامة" يحتكم إليها في القضايا الخلافية للسوق المشتركة

أكد المشاركون في ندوة السوق الخليجية المشتركة التي اختتمت أعمالها في الدوحة أخيرا ضرورة حل المعوقات كافة التي تواجه القطاع الخاص ورجال الأعمال بأقصى سرعة من أجل الاستفادة من مميزات السوق الخليجية المشتركة وشهدت الندوة مناقشات ومداخلات مختلفة من المشاركين، فيما كشف عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج أن إطلاق السوق الخليجية المشتركة سيسهل للمواطنين في دول المجلس الاستفادة من الفرص الكبيرة في ظل التنامي المتسارع لاقتصاد المنطقة.
وأعلن العطية اعتماد دراسة جدوى إنشاء شبكة سكك حديدية خليجية قبل نهاية العام الجاري, مشيرا إلى قيام ثلاثة بيوت خبرة: شركة عربية وأخرى فرنسية وثالثة أمريكية، بإشراف البنك الدولي بإعداد الدراسة التي ستنتهي في الفترة من تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
وقال العطية إنه سيتم قبل نهاية العام الجاري توقيع اتفاقية منطقة تجارة حرة بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي.
واعترف العطية بوجود عدد من المعوقات التي تسعي الأمانة العامة إلى مواجهتها وأن هناك تفاعلاً مع ما يطرحه رجال الأعمال في هذا الصدد.
وحول مشكلة التنقل لمواطني دول التعاون قال: إن التنقل عن طريق البطاقات الشخصية فيما عدا دولتين وهما السعودية والكويت، وعلى حسب معلوماتي فإن هذه المشكلة ستنتهي قريبا. وأشار إلى عدم وجود أداة تشريعية في بعض الدول لتنفيذ السوق الخليجية المشتركة والبطء في بعض الإجراءات.

مشكلات القطاع الخاص
وقال عبد العزيز العمادي نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر إن القطاع الخاص يواجه مشكلات متعددة منذ بدء تطبيق السوق الخليجية المشتركة وإن الندوة التي عقدت أمس وضعت النقاط على الحروف أمام المسؤولين في الأمانة العامة لدول التعاون.
وأشار العمادي إلى مشكلة فتح حساب في أحد البنوك على سبيل المثال حيث لا يستطيع مواطن خليجي أن يفتح حساباً في دولة أخرى من دول التعاون.
ويرى الشيخ خليفة بن جاسم رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر أن السوق الخليجية المشتركة ليست مجرد حلم راود خيال أصحاب الجلالة والسمو قادة وزعماء دول المجلس منذ بدايات قيام المجلس وإنما أصبحت واقعا في ظل التطور الاقتصادي العالمي واندماج أغلب دول العالم في كيانات اقتصادية قوية تستطيع مواجهة المنافسة ومواكبة التحول الاقتصادي الذي شهده العالم خلال العقدين الماضيين.
وأضاف رئيس الغرفة أن الإعلان عن قيام السوق الخليجية المشتركة جاء بعد مسيرة نحو ربع قرن. ربع قرن من العمل شهدت خلاله دول الخليج قيام منطقة التجارة الحرة في آذار (مارس) 1983 والتي استمرت نحو 20 عاما حيث حل محلها الاتحاد الجمركي عام 2003 الذي يعد مرحلة متقدمة في مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس وبإعلان الدوحة خلال القمة الـ 28 انطلقت السوق الخليجية المشتركة التي بقيامها تكون دول الخليج قد قطعت شوطا بعيدا نحو التكامل الحقيقي ونحو تعزيز قدراتها الاقتصادية في ضوء التطورات الدولية وما تتطلبه من تكامل أوثق يؤدي إلى وحدة وقوة في المواقف التنافسية والتفاوضية.
وأشار إلى أن القطاع الخاص في حاجة إلى معرفة آليات وإجراءات التطبيق فالسوق الخليجية المشتركة كما تعلمون تشتمل على عشرة مسارات حددتها الاتفاقية الاقتصادية الموحدة من بينها حق التنقل والإقامة وتملك العقارات وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات وممارسة المهن والحرف والأنشطة الاقتصادية وحق الرعاية الصحية والتعليم.

آليات التنفيذ والتشريعات
وقال: حتى الآن لم تتضح آليات تحقيق هذه المسارات فما الإجراءات التي ستتخذها الحكومات لتوحيد تشريعاتها وقوانينها وإجراءاتها الاقتصادية وما الخطوات التي يجب أن تتبع عند تأسيس شركات أو تداول أسهم أو تملك عقار؟ إنها أسئلة كثيرة تحتاج إلى وجود جهاز خاص داخل الأمانة العامة لمجلس التعاون يعمل كمرجعية لوضع الآليات والإجراءات كافة.
وأضاف: إننا في حاجة إلى إنشاء ما يشبه المفوضية العامة التي يحتكم إليها في القضايا الخلافية كافة التي تنشأ أو التي تكون سببا في إبطاء أو تعطيل إجراءات إنفاذ السوق المشتركة.
وردا على أسئلة المشاركين أكد العطية أن النمو الاقتصادي في دول الخليج يوفر فرصا كبيرة لرجال وسيدات الأعمال ولمواطني دول المجلس للإسهام في بناء صرح اقتصادي دائم وقال إن التكامل الاقتصادي بين دول المجلس أحد الأهداف الرئيسة التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون، وتأتي السوق الخليجية المشتركة كخطوة رئيسة في مسيرة هذا التكامل بعد إنجاز منطقة التجارة الحرة ثم الاتحاد الجمركي الذي تم الإعلان عن قيامه هنا في الدوحة في كانون الثاني (يناير) 2003م، وكذلك تبني العشرات من القوانين الموحدة والسياسات الاقتصادية المشتركة، مثل قوانين الجمارك ومكافحة الإغراق وسياسات التنمية الشاملة والتنمية الصناعية والزراعية والتجارية.
وقال تأتي أهمية السوق الخليجية المشتركة بأنها تركز على المواطنة الخليجية في المجال الاقتصادي، وتقوم كما أسلفت على مبدأ أساسي وهو أن يتمتع مواطنو دول المجلس (ويشمل ذلك المواطنين الأفراد والاعتباريين مثل الشركات والمؤسسات الخليجية) بالمعاملة الوطنية في أي دولة من الدول الأعضاء، بحيث تتوافر لهم جميع المزايا التي تمنح للمواطنين في جميع المجالات الاقتصادية. وتشمل السوق الخليجية المشتركة عشرة مسارات حددتها الاتفاقية الاقتصادية وهي: التنقل، الإقامة، العمل في القطاعات الحكومية والأهلية، التأمين الاجتماعي، التقاعد، ممارسة المهن والحرف، مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، تملك العقار، تنقل رؤوس الأموال، المعاملة الضريبية، تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
وأضاف الأمين العام لدول مجلس التعاون أنه تطبيقاً لمبدأ المساواة في هذه المسارات فإن ممارسة المهن الحرة والحرف، وممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية أصبحت متاحة أمام مواطني دول المجلس على قدم المساواة.
وقد كان آخر تلك الأنشطة التي تم الاتفاق على جعلها متاحة لمواطني دول المجلس تجارة التجزئة والجملة، حيث أزالت قمة الدوحة الأخيرة القيود التي كانت سائدة مثل اشتراط الشريك المحلي، واشتراط إقامة المواطن في البلد مقر النشاط، والاقتصار على فرع واحد.. إلى غير ذلك من القيود التي كانت موجودة في بعض دول المجلس.
وقال إن سرعة إصدار الأدوات التشريعية والقانونية داخل كل دولة لمجمل مسارات السوق ستسرع من تطبيق ما ورد في إعلان السوق الخليجية المشتركة.
وفيما يتعلق بالمتابعة والتقييم، فإن الأمانة العامة ولجنة السوق الخليجية المشتركة ولجنة التعاون المالي والاقتصادي واللجان الأخرى المعنية تتابع التنفيذ وترفع تقارير دورية للمجلس الوزاري وقادة دول المجلس عن سير العمل في السوق الخليجية المشتركة.

ضباط اتصال للمساعدة على التواصل
وقال عينت الدول الأعضاء ضباط اتصال لمساعدة المواطنين على التواصل مع المسؤولين عن كل مجال من مجالات السوق بهدف تحقيق الاستفادة المثلى من مميزات السوق الخليجية المشتركة. ولهذا فإن المحطة الأولى والرئيسة للاستفادة من مزايا السوق الخليجية المشتركة هي من خلال الأجهزة المختصة في كل دولة من دول المجلس، ومن خلال ضباط الاتصال الذين اختارتهم الدول الأعضاء للتنسيق والمتابعة.
وفيما يتعلق بالأمانة العامة لمجلس التعاون فإن عدداً كبيراً من قطاعاتها وإداراتها تتابع سير العمل في مجالات السوق الخليجية المشتركة التي أشرت إليها سابقاً. وقامت الأمانة العامة بنشر معلومات عن السوق المشتركة وأسماء ضباط الاتصال على موقع الأمانة العامة على شبكة الإنترنت، وتم تخصيص صفحات على الموقع للسوق الخليجية المشتركة يمكن للمواطن أن يتواصل من خلالها مع الأمانة العامة واللجان التي أشرت إليها في أي اقتراحات أو صعوبات يواجهها في الاستفادة من مزايا وفرص السوق.
وكشف عن وضع الأمانة العامة استبيان لاستطلاع مرئيات رجال وسيدات الأعمال عن السوق المشتركة ومعرفة أي صعوبات قد تعترض التنفيذ، وتم تعميم الاستبيان على الغرف التجارية والصناعية في دول المجلس، كما صممت استبياناً آخر لاستطلاع مرئيات الجهات المختصة في الدول الأعضاء عن سير العمل في السوق المشتركة. ونسعى من خلال هذه الاستطلاعات إلى التعرف على مستوى التطبيق الفعلي في الدول الأعضاء، وسترفع نتائج ذلك إلى اللجان المختصة العاملة في إطار المجلس والتي أوكلت إليها مهمة تذليل الصعوبات وإزالة العقبات التي قد تواجه التطبيق الفعلي للسوق المشتركة.
وتختص لجنة السوق الخليجية المشتركة - وهي مشكلة من وزارات الاختصاص في الدول الأعضاء - بالتعامل مع جميع القضايا المتعلقة بالسوق وتنظر في أي اقتراحات أو قضايا تتم إثارتها، والعمل على حلها أو رفعها إلى لجنة وزراء المالية والاقتصاد التي أناط بها المجلس الأعلى مهمة متابعة سير العمل في السوق المشتركة.
إلى جانب هذه الآليات، يجري العمل حالياً على تشكيل هيئة قضائية وفقاً للمادة (27) من الاتفاقية الاقتصادية ستنظر في أي قضايا لا يتم البت فيها من خلال الآليات التي أشرت إليها.

توسع قاعدة التسويق
وأوضح العطية ردا على استفسارات المشاركين توفر السوق الخليجية المشتركة للشركات والمؤسسات الوطنية فرص الاستفادة من زيادة رقعة السوق وتوسع قاعدة التسويق وأماكن الإنتاج ونقاط التوزيع، مما سيرفع من كفاءة الإنتاج ويخفض تكاليفه عن طريق الاستفادة من اقتصاديات الحجم التي توفرها السوق الخليجية المشتركة.
ومن النتائج المتوقعة للسوق الخليجية المشتركة تحسين الوضع التفاوضي لدول المجلس وتعزيز مكانة دول المجلس بين التجمعات الاقتصادية الدولية. إذ إن التكامل بين دول المجلس وما يصاحبه من توحيد وتقريب للقوانين والسياسات الاقتصادية تسهل سير المفاوضات وتعزز قدرة المفاوض الخليجي على الحصول على التنازلات المطلوبة في مثل تلك الاتفاقيات. وبالمثل فإن وجود سوق واحدة متكاملة لدول المجلس من خلال السوق الخليجية المشتركة يجعلها سوقاً جاذبة للدول والتجمعات الاقتصادية الأخرى التي دخلت معها دول المجلس في مفاوضات للتجارة الحرة.
أما فيما يخص التعليم العالي، فإن قرار المجلس الأعلى الصادر بهذا الشأن يمثل توجها عاما بالمساواة في القبول والمعاملة نظرا لما تواجهه دول المجلس عموما من زيادات مطردة في أعداد الخريجين من المرحلة الثانوية ومحدودية في الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي. وتواصل الأمانة العامة المتابعة مع الدول الأعضاء لتطبيق المساواة في مؤسسات التعليم العالي وسيعرض الموضوع على الاجتماع المقبل للجنة وزراء التعليم العالي في دول المجلس في شهر آذار (مارس) من هذا العام لتبني الخطوات اللازمة بما يتفق وقرار السوق المشتركة.

حق مزاولة جميع الأنشطة التعليمية
وفيما يخص مزاولة النشاطات الاقتصادية في مجال التعليم فإن قرارات المجلس الأعلى تعطي مواطني دول المجلس حق مزاولة جميع تلك الأنشطة على قدم المساواة مع مواطني الدول مقر النشاط.
وفيما يخص المساواة في العمل بما في ذلك تشغيل القوى العاملة المواطنة وتسهيل تنقلها فقد حظي هذا الموضوع باهتمام المجلس الأعلى، حيث صدرت عدة قرارات تمنح مواطني دول المجلس حق المساواة التامة في مجال العمل في القطاعين الأهلي والحكومي وصدرت قرارات تنفيذية على مستوى دول المجلس لتطبيق المساواة بين مواطني دول المجلس واحتسابها ضمن النسب المطلوبة في توطين الوظائف وتواصل الأمانة العامة مع الدول الأعضاء العمل على إيجاد حلول لبعض الإشكالات المتعلقة بتطبيق هذا المبدأ في القطاعين الأهلي والحكومي بغية استكمال ذلك على مستوى دول المجلس.
كما صدرت موافقة المجلس الأعلى على مد مظلة الحماية التأمينية عن طريق التقاعد المدني والتأمينات الاجتماعية لمواطني دول المجلس العاملين خارج دولهم في أية دولة عضو بصفة إلزامية اعتبارا من شهر كانون الثاني (يناير) 2006. وتقوم حاليا لجنة من رؤساء أجهزة التقاعد المدني والتأمينات الاجتماعية بتطوير الإجراءات والتنظيمات اللازمة لتبسيط القرار على مستوى الدول ويسهم ذلك في تسهيل تنقل العمالة الموطنة وتشغيلها فيما بين دول المجلس ويحفظ لها اشتراكاتها في مجال التأمينات الاجتماعية والتقاعد كما لو كانوا يعملون في دولهم.

السوق المشتركة والاستفادة من الخدمات الصحية:
أما في المجال الصحي فقد أقر المجلس الأعلى مبدأ المساواة لجميع مواطني دول المجلس في مجال الاستفادة من المستوصفات والمستشفيات والخدمات الصحية ويتم تنفيذ ذلك في جميع الدول الأعضاء على نحو سلس وفاعل.
وتعطي قرارات المجلس الأعلى حق المساواة مواطني دول المجلس في ممارسة الأنشطة الاقتصادية في المجال الصحي في أي من دول المجلس وبالمعاملة نفسها مواطني الدولة ذاتها وقد صدرت قرارات تنفيذية من جميع الدول لتطبيق القرار.

دول فتحت الشبابيك فقط
وقال رجل الأعمال يوسف جاسم الدرويش هناك دولة فتحت الأبواب والشبابيك ودولة أخرى فتحت الشبابيك فقط.. والمطلوب أن يطبق الجميع النقاط كافة التي تم الاتفاق عليها خلال فترة محددة وتوقيت زمني ملزم للجميع وإعادة النظر في المعوقات التي تواجه القطاع الخاص.
ومن جانبه قال عبد الرحيم نقي أمين عام اتحاد الغرف التجارية لدول مجلس التعاون إنه منذ الإعلان عن إطلاق السوق الخليجية أخذ اتحاد الغرف الخليجية على عاتقه اتخاذ خطوات وإجراءات تسهم في تنفيذ السوق وتم عقد عدة لقاءات مع رجال الأعمال للتوعية والتعريف بالسوق المشتركة وتكليف شركة استشارية لإعداد دراسة حول التحديات التي تواجه السوق وستطرح في ورشتي عمل في الفجيرة ومسقط خلال الفترة المقبلة.
وقال الدكتور خالد كليفيخ الهاجري مدير عام غرفة تجارة وصناعة قطر إن الرؤى المختلفة لرجال الأعمال في القطاع الخاص ستكون نقاطاً استرشادية مهمة للأمانة العامة من أجل وضع الحلول المناسبة وتفعيل السوق الخليجية التي ستعود بالفائدة على الجميع.
وأوضح أن السوق الخليجية تهدف إلى تحقيق أقصى استفادة لمواطني دول التعاون من الفرص المتاحة في الاقتصاد الخليجي وتعزيز المكانة الاقتصادية لدول التعاون وهو ما سيؤدي إلى الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها المنطقة وبالتالي يزداد وزن دول الخليج عند قيامها بمفاوضات مع أي تجمع اقتصادي. وتهدف السوق الخليجية المشتركة بذلك إلى إيجاد سوق واحدة يتم من خلالها استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في الاقتصاد الخليجي، وفتح مجال أوسع للاستثمار البيني والأجنبي، وتعظيم الفوائد الناجمة عن اقتصاديات الحجم، ورفع الكفاءة في الإنتاج، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، وتحسين الوضع التفاوضي لدول المجلس وتعزيز مكانتها الفاعلة والمؤثرة بين التجمعات الاقتصادية.

الأكثر قراءة