كارثة تهجير الموظفين

[email protected]

كنا نسمع عن عمليات التهجير التي تحدث لشعب من الشعوب بسبب الحروب أو الزلازل أو الفيضانات أو الجفاف كما حدث للشعب الفلسطيني بسبب الاحتلال الصهيوني لبلادهم أو شعب البوسنة أثناء حرب البلقان أو ما حصل في العراق بسبب الفتنة الطائفية فيه أو غيرها من الدول، وكنا ولا زلنا ـ نحمد الله ونشكره ـ على نعمة الأمن والاستقرار وعدم تعرض بلادنا للكوارث الطبيعية، فعشنا في استقرار كل في مدينته أو قريته التي يرغب العيش فيها مع والديه وإخوانه أو مع زوجته وأولاده، حتى فوجئ بعض الموظفين في إحدى الوزارات بإجراءات حاسمة تطلب من جميع الموظفين الحاصلين على ترقية ضرورة مباشرة عملهم بصفة مستمرة في مقر وظيفته المرقى عليها.
معظم، إن لم يكن كل، الموظفين الذين تمت ترقيتهم حصلوا على تكليف للعودة إلى أماكنهم السابقة، حيث يحتاج إليهم عملهم السابق ولن يتضرر عملهم الجديد، لأنه تم التفاهم بين رؤسائهم على السماح بالتكليف خدمة لظروف الموظف الأسرية وخدمة للعمل، لأنه من غير المعقول أن يعمل وينتج من يعيش وحيدا بعيدا عن عائلته وأهله ومن المستحيل أن ينتقل الموظف المرقى إلى بلد تلك الوظيفة من أجل زيادة 50 ريالا شهريا، لكن القرارات الأخيرة التي ترمي إلى تطبيق النظام ـ على حد قولهم ـ وكأنه لم يبق من النظام في بلادنا لم يطبق إلا هذه الفقرة.
هذه القرارات سببت كارثة ورعبا لموظفين مضى على ترقيتهم سنة أو ثمانية أشهر ومكلفين ومستقرين في بلدانهم مع أهلهم وعائلاتهم، فلماذا ننغص على هؤلاء الموظفين حياتهم التي لا تحتاج إلى أكثر من هذا النغص الذي تسبب فيه غلاء الأسعار؟ فعلا لقد تسببت هذه الوزارة بقرارها الأخيرة في كارثة تهجير عدد كبير من الموظفين.
الغريب أن هذه الوزارة قد تكون الوحيدة من بين الوزارات التي تطبق نظام مباشرة العمل بصفة مستمرة بعد الترقية في مقر تلك الوظيفة. عما تبحث تلك الوزارة؟ هل تريد الناس يتنازلون عن الترقيات أم تريد تشتيت شملهم؟ أم ترغب في التنكيل بهم عقابا لهم لأنهم حصلوا على ترقية وسيحصلون على زيادة في الراتب، و(يبي يطلعون هذه الزيادة "الطفسة" نغص). أعرف أن هذا الحاصل لا يُرضي أحدا حتى ولو كان ضمن النظام، لأنه نظام عقيم وُضِع قبل أكثر من 50 سنة وظل كما هو لم يتغير، لأن من بيده تغييره لا يشعر بمعاناة من يحصلون على الترقية ويُطلب منهم ترك بلدانهم وأهلهم ومباشرة الوظيفة على بعد مئات الكيلو مترات.
المفترض لإنقاذ الناس من كارثة التهجير عند كل ترقية هو تغيير النظام حتى لا يكون الموظف تحت رحمة مسؤول يُخرج النظام متى شاء وحسب مزاجه.
نعم تغيير النظام بحيث تكون الوظيفة تأتي للموظف وليس الموظف يذهب للوظيفة، فالوظائف ضمن وزارة واحدة، فلماذا لا يتغير النظام ويتطور لصالح الموظفين حتى لا يتعرض الناس في بلادنا للتهجير كل أربع سنوات بسبب الترقيات التي أصبحت هما على القلب بدل أن يفرح بها الموظف. أوقفوا تهجير الموظفين ولا تنكدوا عليهم عيشتهم واتقوا دعوة هؤلاء الموظفين المظلومين من النظام فلا تكونوا سببا لتشتت أسرة وتفريق أب عن أبنائه، وثقوا أن العمل لن يتأثر، فيسروا ولا تعسروا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي