"التنفيذ ثمرة القضاء "
نشرت بعض الصحف قبل أيام مشروع نظام التنفيذ الذي يدرس الآن في الجهات التشريعية, والى أن يصدر بمرسوم ملكي فهو مجرد مشروع لا كما ظن البعض من أن النظام صدر ودخل حيز التنفيذ, وبقراءة المشروع المنشور يلاحظ أنه يهدف إلى العمل على سرعة تنفيذ الأحكام من خلال عدد من المحاور.
ومن المناسب الإشارة هنا إلى أنه عند صياغة هذه الأنظمة - أقصد الإجرائية بما فيها المرافعات والتنفيذ وغيرها- في بلدها الأول " فرنسا" كان ملحوظا فيها بعد فلسفي يتمركز على حماية حقوق الإنسان والسعي إلى تضمين ذلك في كل ما يصدر من أنظمة, ولهذا نجد أن قوانين المرافعات تراعي حق المدعى عليه – وهو المدين غالبا- في طريقة التبليغ, مثل: عدم فتح الأقفال وألا يكون قبل الفجر ولا بعد الغروب وأن يكون لشخص المدعى عليه أو الساكنين معه وأن الدعوى في بلده ونحوها, وفي المدد حيث حددت القوانين مددا لا يجوز التقليل منها إلا في حال الضرورة وبإذن المحكمة, وطرق الطعن فهناك استئناف ونقض, والتماس إعادة النظر, وحتى في قواعد الإثبات وإن كانت ليست من المرافعات – مع أن نظام المرافعات السعودي ضمنها في النظام- فملحوظ فيها كذلك المدعى عليه من مثل جعل البينة على المدعي وغيرها من أدلة وطرق للإثبات, وليس في ذلك مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية بل هي متوافقة معها, وقد تكون مستمدة منها كما هو قول بعض المختصين – ولهذا بحث مستقل-, والسبب في مراعاة حال المدعى عليه واضح فالأصل براءة ذمته وخلوها من أي التزامات فيكون عبء الإثبات على مدعي عكس ذلك- وهو المدعي-.
وإذا كانت مراعاة حال المدعى عليه هو الأصل في أحكام وإجراءات نظام المرافعات, وهي مرحلة ما قبل اكتساب الحكم للنهائية, إلا أن ذلك تسرب في تلك الدول إلى أحكام وإجراءات التنفيذ وهي مرحلة ما بعد اكتساب الحكم النهائية والتي يجب فيها مراعاة حال المدعي – الدائن في الغالب- والذي يتوافق مع الأصل الأول وهو مراعاة حقوق الإنسان والذي جاءت به الشريعة الإسلامية قبل أن تخطه أيدي علماء وعباقرة نابليون, نعم إن القارئ والمطلع على تنفيذ الأحكام في تلك الدول يلحظ فيها أنها تراعي حال المدعى عليه والذي أصبح محكوما ضده على حساب المحكوم له, ومن أظهر هذه الأحكام ما يتعلق بمنازعات التنفيذ ومدد التبليغ وبيع عقارات ومنقولات المحكوم ضده ونحوها, والتي سعى المنظم السعودي إلى تجاوزها في المشروع المقترح وسأشير إلى ذلك – إن شاء الله- في المقال القادم.
قاض في وزارة العدل