السموم المعدنية
السموم المعدنية
تعرف السموم المعدنية بالسموم المهيجة أيضا, وذلك لتأثيراتها الموضعية المهيجة في الأسطح الملامسة لها كالجلد والأغشية المخاطية, إضافة إلى ما تسببه من آثار بعيدة على الأعضاء الداخلية للجسم كالقلب والكبد والكلى. وعادة ما يكون السم الناشئ عن هذه السموم على صورتين التسمم الحاد, وينشأ نتيجة تراكم جرعات صغيرة على مدى فتره زمنية طويلة, وتظهر أعراض التسمم الناشئ عن هذه السموم عادة بعد فتره زمنية تطول أو تقصر حسب حالة السم والمعدة ونوع الطعام الموجود فيها، ومن ضمن السموم المعدنية التسمم بالمواد التالية:
التسمم بالرصاص: يدخل الرصاص في العديد من الصناعات فهو شائع الاستعمال في صناعة بطاريات السيارات, والبويات, ومواد البناء والسبائك ومن مركباته العضوية خلات الرصاص, وهو شائع استخدامه طبياً كعلاج موضعي للكدمات, ومركب رابع إيثيل الرصاص (tetraethyl lead) المستخدم كإضافة محسنة لخواص وقود السيارات.
امتصاص مركبات الرصاص: عند دخول مركبات الرصاص إلى الجسم عن طريق الفم فإن امتصاصه يتم ببطء من الأمعاء, أما في حالة أبخرة الرصاص المنصهر فيتم امتصاصه من الرئتين, وكذلك عند استنشاق غبار الرصاص وأما في حالة رابع إيثيل الرصاص, فإن هذا المركب يمتص من الجلد والأغشية المخاطية بالإضافة إلى الاستنشاق.
أعراض التسمم بالرصاص: التسمم الحاد بالرصاص نادر الحدوث وتظهر أعراضه في حالة تعاطي مركباته بالفم علي شكل طعم معدني قابض بالفم، وفي حالة تعاطي خلات الرصاص قد يكون الطعم حلواً قابضاً أيضاً ما حدا إلى تسمية هذا المركب باسم سكر الرصاص ويعقب هذا الإحساس بفترة زمنية الشعور بالغثيان والهبوط والقيء مصحوبة بمغص شديد وإمساك وتتشابه هذه الأعراض إلى حد بعيد مع حالات البطن الحادة. أما أخطر أعراض التسمم بالرصاص عموماً فهو ما يعرف باسم مرض دماغ الرصاص (lead encephalopathy) وينشأ نتيجة ارتفاع نسبة الرصاص بالدم إلى درجة كبيرة.
التسمم بالزئبق: يستخدم الزئبق في صناعة أجهزة قياس الضغط الجوى وضغط الدم وقياس الحرارة, كما يدخل في صناعة السبائك, وحشو الأسنان وكان الشائع قديماً إعطاءه للمرضى المصابين بالانسداد المعوي (intussusception) بقصد العلاج. ومن أشهر مركبات الزئبق العضوية مركب ميثيل الزئبق المستخدم كقاتل للفطريات في حفظ الحبوب من التعفن لحين زراعتها.
امتصاص مركبات الزئبق: يشكل بخار الزئبق عند درجة حرارة الغرفة وعلى وجه الخصوص في الأماكن المغلقة خطراً صحياً على الأفراد في المختبرات وعيادات الأسنان وأماكن العمل المتداول فيها الزئبق في صورته العنصرية. فاستنشاقه يسبب تسمماً بهذا السم المعدني وتبدو أعراضه بعد امتصاصه بقدر كبير عن هذا الطريق.
التسمم بالفوسفور: يعد الفوسفور الأحمر آمناً نسبياً, حيث إنه قليل السمية، أما الفوسفور الأصفر والمستخدم في صناعة الألعاب النارية وصناعة سموم القوارض فهو شديد السمية للغاية. وتعاطي جرعات صغيرة يؤدي إلى غثيان وقيء وإسهال شديد وانهيار نتيجة انخفاض ضغط الدم وزيادة حموضة الدم وتلف شديد بالكبد مصحوب بيرقان (jaundice) وفشل حاد بالكبد. أما مركبات الفسفور العضوية فأشهر مركب الباراثيون المستخدم كمبيد حشري.
التسمم بالزرنيخ: اشتهر الزرنيخ على مدي قرون طويلة بأنه أوسع السموم استخداماً في قتل الآخرين, وقد نشأت هذه السمعة من كونه يتمتع بصفات هي أن مركباته تكاد تكون بلا طعم ولا رائحة أولون مميز كما أن ظهور أعراض التسمم بالزرنيخ يبدأ بعد فترة طويلة، وأن الأعراض التسممية الناشئة عنه تختلط مع كثير من الأمراض المعوية السارية, بحيث لا تثير شكاً لدى الطبيب المعالج.
ويستخدم الزرنيخ في مبيدات الطحالب, والقوارض, والدهانات, وورق الحائط, وفي صناعة السيراميك, والزجاج, ومن أخطر مركبات الزرنيخ سمية ثالث أكسيد الزرنيخ وهو مسحوق قابل للذوبان في الماء والجرعة القاتلة منه تراوح بين 60 إلى 20 ملليجراما, ويتم امتصاصه عن طريق الأمعاء ببطء حيث تظهر الأعراض بعد فترة زمنية تتراوح من ربع ساعة إلى عدة ساعات. وهناك صورة أخري وهي غاز الأرسين, ويتم امتصاصه عن طريق الاستنشاق إلى الدم مباشرة وتشكل كميات ضئيلة منه في الهواء المحيط خطراً شديداً إذ تؤدي إلى التسمم الحاد في صورة تحلل كريات الدم ويتولد الغاز من معالجة المعادن المحتوية علي شوائب الزرنيخ بالأحماض في أثناء تنظيفها.
أعراض التسمم بالزرنيخ: عند التسمم بالزرنيخ بالفم يكون هناك إحساس بطعم قابض يعقبه بعد ابتلاعه فترة كمون لا يظهر بها أعراض تتراوح ما بين 15 دقيقة إلى بضع ساعات, حسب محتوى المعدة من الطعام ونوعه، إذ يؤخر وجود طعام دهني امتصاص الزرنيخ لفترات طويلة, بينما يعجل الامتصاص تعاطي الزرنيخ على صورة محلول في مشروب ساخن. وتبدأ أعراض التسمم على شكل قيء شديد وإسهال شديد (يشبه الكوليرا) ينشأ عنه جفاف سريع وانهيار. أما في حالات التسمم المزمن بالزرنيخ, فإن الأعراض التي تظهر على المتسمم تشمل إضافة إلى القيء والإسهال المذكورين في الحالات الحادة، وجود هزال شديد وطفح جلدي مع زيادة في سمك الجلد ولاسيما في راحة اليدين وباطن القدمين (hyperkeratosis) واعتلال عصبي متعدد (polyneuropathy).
أما في حالات التسمم بغاز الأرسين، فيشعر المريض برعشة وبآلام, خصوصا في موضع الكليتين ويتلون البول بلون قاتم, ويتضخم الكبد والطحال بحيث يمكن تحسسهما. هذا وقد يتسبب التعرض المزمن للزرنيخ على مدى سنوات طويلة في زيادة الاستعداد لحدوث السرطان, خصوصا الجلد ولكن قد ينشأ في أعضاء أخرى.
وهناك المزيد من المواد التي تسبب التسمم تندرج تحت مسمى السموم المعدنية وسوف يتم التطرق إلى بعضها لاحقاً، إضافة إلى كيفية الوقاية من تأثيرات هذه السموم أو الحد منها.