الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الجمعة, 19 ديسمبر 2025 | 28 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.27
(-0.84%) -0.07
مجموعة تداول السعودية القابضة151.8
(-1.56%) -2.40
الشركة التعاونية للتأمين115
(-1.71%) -2.00
شركة الخدمات التجارية العربية120.3
(-0.66%) -0.80
شركة دراية المالية5.41
(2.08%) 0.11
شركة اليمامة للحديد والصلب31.3
(-1.26%) -0.40
البنك العربي الوطني21.18
(-0.24%) -0.05
شركة موبي الصناعية11.2
(0.00%) 0.00
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.4
(-1.23%) -0.38
شركة إتحاد مصانع الأسلاك19.84
(-0.55%) -0.11
بنك البلاد24.77
(-0.72%) -0.18
شركة أملاك العالمية للتمويل11.33
(0.18%) 0.02
شركة المنجم للأغذية53.85
(0.19%) 0.10
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.58
(0.87%) 0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية52.75
(0.67%) 0.35
شركة سابك للمغذيات الزراعية112.7
(1.62%) 1.80
شركة الحمادي القابضة27.58
(-2.75%) -0.78
شركة الوطنية للتأمين12.98
(-0.61%) -0.08
أرامكو السعودية23.65
(0.21%) 0.05
شركة الأميانت العربية السعودية16.37
(-0.12%) -0.02
البنك الأهلي السعودي37
(1.09%) 0.40
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات28.16
(-0.78%) -0.22

تجسد سوق الزل القديمة وسط العاصمة وتحديدا في منطقة الديرة، أبرز معنى للتجانس بين مظاهر الماضي والحاضر الأحدث، فقد حافظت هذه السوق على دلالاته التراثية بمقتنياتها القديمة، فترى الجد يسترجع الذكريات بما يراه من تجسيد لواقعه القديم، والأب يستذكر أيام شبابه بعد أن فارق ماضيه، بفعل الحياة المدنية، أما الابن فيتوق إلى التعرف على حياتهما ومعاناتهما وكيف كانا يعيشان، موغلا في البحث عن مزايا الاختلاف.

ولأن سوق الزل تحتوي كل الأدوات التراثية من، المشالح، الفري، البشوت والأشمغة المطرزة يدويا والسجاد والتراثيات والأحذية الشعبية والبخور والعطورات الشرقية بجميع أنواعها، فليس غريبا أن تجد من بين المتجولين في السوق مقيمين أجانب من دول غربية أرادوا التعرف على الحياة القديمة للمواطن السعودي من خلال الأدوات والسلع المعروضة.

ويرجع تاريخ هذه السوق العريقة إلى أكثر من مائة عام وتحديدا في عام 1320هـ، عندما كانت جزءا من القصور القديمة والتي كانت تابعة لقصر الديرة القديم. وتقع سوق الزل على مساحة تزيد على 38 ألف متر مربع، والتي كانت وما زالت موقعا لبعض الحرفيين الذين يزاولون بعض الحرف التراثية مثل الخرازة للأحذية الشعبية، وتقصير المشالح، إضافة إلى الكثير من الصناعات اليدوية المتنوعة.

"الاقتصادية" تجولت في السوق والتقت العديد ممن يعملون فيها، حيث أبدوا تجاوبهم مع ما طرحناه من أسئلة حوارية استرجعوا من خلالها الذكريات الجميلة، والبدايات القديمة، والتي لم تغب عن ذاكرتهم إطلاقا.

في البداية التقينا حماش الأحمري، وكان يعرض بضاعته في جوانب السوق، فقال"منذ 20 عاما وأنا في هذه السوق بل قد تكون أكثر من ذلك، أبيع وأشتري المشالح، وأعرض بضاعتي على بعض المحال، ويكون بيني وبين هذه المحال نسبة في المبيعات لثقتهم بما أعرضه، كما أنني أبيع "الجاكيتات الشتوية" و"البالطوات"، إلا أن الأخيرة واصلت غيابها لمدة سنتين، فأصبح تركيزي على "الجاكيتات" ذات الصناعة الأوروبية والتي يفضلها الناس كثيرا عن غيرها، وحول التغيرات التي حدثت في السوق خلال المدة التي قضاها فيها أجاب "حدث الكثير من التغيرات فيما يتعلق بإقبال الناس، وقديما كانت لسوق الزل مكانة خاصة ويشهدها العديد من الزوار، إلا أن كثرة الأسواق في الوقت الحاضر كان لها دور مباشر في قلة المتجولين، كما أن العمالة الموجودة والتي تشرف على المحال له دور في ذلك، وبسؤالنا عن رفقاء الدرب الذين عاصرهم وهل مازالوا موجودين معه ويزاولون مهنهم قال الأحمري: البعض منهم مازالوا موجودين ولكنهم قلة، والبعض الآخر توفاه الله، كما أن بعضهم ترك مهنته القديمة لارتباطه بمهنة أخرى. وأشار إلى أن إقبال الناس على ما يعرضه من "مشالح" يرتبط بالفترة الزمنية للاحتياج، فمثلا يزيد الطلب عليها في أوقات الإجازات سواء إجازة الصيف أو إجازات الأعياد كما أن هذه الفترة التي تعد قريبة من فصل الشتاء، قد يزيد الطلب عليها بشكل كبير.

وأكد الأحمري أن مهنة بيع "المشالح" تعد مهنته الوحيدة والتي من خلالها يحصل على قوت يومه، وأنه يرتاح كثيرا لهذه المهنة ولا يفكر في الاستغناء عنها.

وقال سليمان بن عبد الله صاحب محل لبيع الزل والسجاد، إنه يعمل في هذه المهنة منذ عام 1380هـ ، وأنه يجد راحته كثيرا في الإشراف على محله رغم إرهاق السنين، والتعب الذي يواجهه وخصوصا أنه من كبار السن ومع هذا واصل عطاءه بكل همة ونشاط، مشيرا إلى أنه يأتي إلى محله لكي يغير من أجواء المنزل حتى لو لم يبع أي سلعه.

وبين سليمان بن عبد الله أن عملية البيع والشراء تغيرت كثيرا مع تطور الحياة في مدينة الرياض، وأن توطين البدو في المدن، أثر في الحركة الشرائية، لأنهم كانوا يأتون إلى السوق لشراء حاجاتهم الضرورية منه، مثل الزل، السجاد والمفروشات ومع تقدم الزمن والتطور الحاصل في العالم استغنى البدو وغيرهم عن محالنا ولم يعودوا يرغبون فيها. وأشار إلى أن البيع قديما كان يتم بصورة كبيرة لزيادة الطلب على الزل وأن من كان يرغب في الزواج لابد أن يمر على هذه السوق لشراء المفروشات والتي كانت عنصرا مهما لكي تتم الحياة الزوجية، ناصحا الشباب بالاعتماد على النفس في سبيل الحصول على لقمة العيش، حتى لو واجهوا بعض الصعوبات والتحديات وأنه بالعزيمة والتفاني يحصل المرء على مراده.

وتحدث محمد القحطاني، متجول في السوق، "أنا من عشاق هذه السوق وأحد روادها بسبب ما تحتويه من سلع تحكي عراقة الماضي وأصالته، إلا أن ما يؤسف له حقا هو غياب أصحاب السوق الحقيقيين والذين عاشرهم أعواما عديدة، وما زالت ذكراهم تعطر فؤاده"، وأضاف"حل بدلا عنهم مع الأسف العمالة الوافدة والتي تشكل النسبة العظمى في السوق، والمواطن السعودي عندما يأتي إلى هذه المحال فإنه يرغب في أن يجد البيئة السعودية القديمة بكل ما تحتويه، كما أنه يريد أن يتعامل مع ابن البلد، الذي يلتمس منه الصدق في عملية البيع، أما العمالة الوافدة فإن أكثر ما يشغلها هو البحث عن الربح بأي طريقة دون احترام مشاعر هذا المواطن".

وأشار إلى أن معرفته بالسوق تمتد إلى أكثر من 20 عاما، لاحظ خلالها أن الإقبال عليه قد قل كثيرا في الأعوام الخمسة الماضية بسبب ما تحتويه من أشياء تراثية تحكي الحياة القديمة، والتي يرى البعض بأنه لا فائدة منها، وتابع"أن الشارع السعودي اتجه الآن إلى الأسواق الحديثة، لوجود الإمكانات الضخمة والتي ساعدت على تسهيل عملية التسوق، ومن هنا أنصح بأن يجد سوق الزل الاهتمام الكافي من قبل الجهات المعنية، وتطويره قدر الإمكان للمحافظة على تاريخنا القديم والذي تمثله هذه السوق العريقة".

وفي موقع آخر من السوق التقينا الشاب مشعل المطيري والذي كان يهم بشراء بعض "الخناجر" من أحد المحال، فقال"لدي هواية غريبة تتمثل في تجميع بعض السيوف، الخناجر، والبندقيات، وأنني أجد ضالتي في هذا السوق لتحقيق هذه الهواية، وأكثر ما يلفت نظري أثناء تسوقي هو وجود بعض السيوف القديمة والتي ما زالت تحافظ على لمعانها وقوتها، لأنها من التصنيع اليدوي وتم تطعيمها بالذهب والفضة، مما يجعلني لا أتردد في شرائها حتى لو كلفني هذا الأمر الكثير من المال".

وفي أحد محال الزل والسجاد التقينا أمين بن محمد، الذي يبيع المصنوعات اليدوية مثل السجاد الإيراني، إضافة إلى التعاليق المستخدمة في بيوت الطين لرفع الأغراض وحفظها. وبسؤالنا عن أكثر السلع المطلوبة للشراء أجاب "تعد الوسائد القديمة والتي يتم زخرفتها بالزخرفة النجدية، من أكثر السلع المطلوبة، لأنها تعنى بالحياة القديمة ويستخدمها البعض لتزيين بيوت الشعر والتي يتم بناؤها في المنزل، كما أن "الجواعد" المصنعة من فرو الخروف، وكذلك الأغراض الجلدية مثل "الصميل" و"القربة" والتي تستخدم في حفظ الماء والحليب، تعد من الأشياء المطلوبة والتي يزداد عليها الطلب من فترة إلى أخرى. وحول أسعار السجاد الإيراني أشار أمين إلى أن أسعاره قد انخفضت عن السابق لظهور أنواع أخرى ذات زخارف جديدة، وبأسعار أقل، ويرى أن ضعف جودة هذه الأنواع قد يرفع من أسعار السجاد الإيراني مستقبلا.

وفي محل آخر تحدث إلينا سعود العبد الكريم وقال"إن وجودي في هذه السوق يتجاوز الـ 40 عاما، استطعت من خلالها أن أجعل لي مكانة كبيرة فيه، عن طريق بيع "المشالح".

وأشار العبد الكريم إلى أن أفضل أنواع المحلية منها "الحساوية" نسبة إلى منطقة الأحساء، لأن صناعتها تمتاز بالعمل الجيد والمتقن، أما أفضل الأنواع المستوردة فهي "السورية" ذات الصيت المعروف، وعن الفترات الذهبية التي يزداد فيها الطلب على هذه "المشالح"، أجاب: بأنه لا توجد فترات ذهبية أو فضية، بل الأمر يتعلق باحتياج الناس إليها، ومدى تعلقهم بها.

كما تحدث عبد الرحمن القنور من محله الكائن في السوق، والخاص ببيع "البشوت" و"العود"، وقام بتقديم التمر والقهوة العربية لنا، ونشكره كثيرا على ذلك، وأشار إلى أن له علاقة قديمة بالسوق منذ أن كان صغيرا، حينما كان يأتي مع والده، إلا أن كبر عمر الأخير جعله لا يقوى على الحضور، وبالتالي تولى هو الإشراف على المحل. وحول التغيرات التي حدثت منذ أن كان صغيرا إلى وقتنا الحالي أجاب " في السابق كانت جميع المحافظات القريبة من مدينة الرياض تنكب بكثرة على هذه السوق، حتى لا تجد في بعض الأحيان موطئ قدم، بسبب الزحام الشديد، أما في الوقت الحالي فنجد أن كثرة الأسواق في كل المناطق، وفي أنحاء مدينة الرياض قد جعل الناس لا يتوقون للذهاب إليها، وأشار إلى أن البضاعة التي يعرضها مكونة من، البشوت، الفري، السديريات، غتر الشال، والأكوات الشتوية، وأنه لا يستقبل في هذه الأيام سوى ثلاثة إلى أربعة من الزبائن، وأضاف"إلا أنني أتوقع زيادة الأعداد مع قرب دخول فترة البرد الحقيقية. وحول المعاناة التي باتت تقلقهم بوجود العمالة الوافدة أجاب القنور"مع الأسف أن هذه العمالة قد وجدت التشجيع من المواطن السعودي، ولو رجعنا إلى الأيام القديمة في السوق نجد أنه في تلك الفترة الفائدة تشمل الجميع ممن كانوا يعملون فيه، فمثلا "الدلال" يستفيد، والتاجر أيضا يستفيد، والزبون كذلك يستفيد، ولكن في الفترة الأخيرة ظهرت هذه العمالة على حقيقتها، وذلك من خلال قدرتهم على استقبال أي شخص قادم إلى السوق وإيصاله إلى أحد المحال لتكون الفائدة لصاحب هذا المحل، ويقومون بأخذ حصتهم بعد ذلك من هذا العمل غير اللائق وغير الجائز شرعا، ومن هنا أطالب بمراقبة هؤلاء العمالة بحيث لا يبقى منهم سوى من يملك الصفة الرسمية"، وأبدى القنور شديد أسفه لغياب كبار السن عن السوق، مؤكدا أن وجودهم كان يعطي للسوق معنى آخر ونكهة مغاير، بأحاديثهم وعفويتهم اللا متناهية.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية