في العدد السابق ذكرنا شكاوى بعض (ضحايا البراقع) من شعراء الجاهلية وصدر الإسلام... والذين (أكلوا هوا) ولم يجدوا (أذنا صاغية)... ولأن التحقيق لا يزال مستمرا نذكر ضحايا آخرين ومنهم ضحايا معاصرون فالشاعر فتيان الشاغوري يرتجي من "المبرقعة" أن تميطه بقوله: ربّة البرقع عوجي عوجه وأميطيه لكي نشفي غليلا وعسى طرفك إذ أضحى عليلا أن يداوي سحره الصب العليلا قالت أعزب ويك لا تطمع فكم طمع من عاشق أردى قتيلا
ويعترف الشاعر ابن أبي حصينة بأن الدجى والظلمات لم تخف محاسن محبوبته عندما قال: تبرقعت في الدجى تخفي محاسنها فلم تكد سدف الظلماء تخفيها روحي فدى لك من طيف نعمت به وليلة بلغت نفسي أمانيها
وهذا توبة الخفاجي يقول عن ليلاه والتي في جنوب "عنيزة": نأتك بليلى دارها لا تزورها وشطت نواها واستمر مريرها وخفت نواها من جنوب عنيزة كما خف من نيل المرامي جفيرها
وهذا أبو الطيب المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس يصف سهام عيون بدت من (براقع) تشق القلوب قائلا: عمرك الله هل رأيت بدورا طلعت من (براقع) وعقود راميات بأسهم ريشها الهدب تشق القلوب قبل الجلود
هذا (البرقع) المثير في سابق العصر والأوان فكيف عن إثارته في هذا الزمان؟ ... هذا الزمان زمن (الموضات) و"دندشة" المعروضات وانتشار المجلات والتلفزيونات والإنترنت والجوال.. كل ذلك جعل (مشاعر الشباب والشيبان أيضا) هدفا لسهام الجمال بأنواعه كافة... وكان "للبرقع" تأثيره المتزايد.
ولعل من أشهر من تأثروا "بالبرقع" واعترف بأنه فتنة وفتون هو الأمير (دايم السيف) الذي غرزت مقاومته في (نفود) كانت ظباؤه مبرقعات ووصف مشاعره في (نبطية) قال فيها: ما هقيت أن البراقع يفتنني لين شفت ضبا النفود مبرقعات الله أكبر يا عيون ناظرني فاتنات ناعمات ساحرات
وقد غناها محمد عبده فيما بعد وكان لها شعبية ما زالت متقدة.
وهذا شاعر شعبي يقول عن (البرقع): على الهون ياللي تلبس البرقع الشفاف على الهون أنا طالبك يا ناب الأردافي ترفق على قلب بعد شوفتك منلاف يدق الضلوع العوج قدام وأخلافي
وإذا كان "للبرقع" سلبيات فإن أخطرها أن يختفي (المجرم) أو (المجرمة) بالبرقع كما فعلت أو فعل (مبرقع) أو مبرقعة في ولاية نورث كارولينا دخل بنكا وهو يرتدي برقعا وأشهر مسدسا في وجه الصراف وأخذ شنطة مكتظة بالأموال وهرب... وفي سراييفو تخفى رجلان مسلحان في زي إسلامي وارتديا "البرقع" لسرقة مصرف ولاذا بالفرار بمبلغ (40) دولارا؟؟!
وأخشى ما أخشاه أن يطور الإرهابيون "البرقع" في عمليات نسف وتدمير. الله يستر.
