[email protected] اعتمدت البحرين ميزانية توسعية للسنة المالية 2008 مستفيدة في ذلك من الطفرة النفطية. بداية تتميز البحرين بإقرار ميزانية لسنتين ماليتين في آن واحد. ويزعم المسؤولون أن ميزانية السنتين تسهمان في منح مؤسسات القطاع الخاص معرفة اتجاهات الصرف للدولة وبالتالي التخطيط للاستفادة من مشاريع القطاع العام. في المقابل هناك من يرى عدم واقعية هذا التوجه بالنظر لصعوبة التحكم أو معرفة اتجاه بعض المتغيرات الرئيسة مثل أسعار النفط والتضخم. ويستدل هؤلاء في آرائهم بحدوث تغييرات جوهرية في الأرقام النهائية للميزانيات العامة مثل تعزيز الإيرادات وتحويل العجز إلى فائض. وكانت الحكومة قد أعدت ميزانية السنتين الماليتين 2007 و2008 في نهاية عام 2006. وقد اضطرت السلطة إلى زيادة رواتب العاملين في الدوائر والهيئات الرسمية للسنة المالية 2008 بقيمة 134 مليون دينار (354 مليون دولار) رضوخا للمطالب النيابية وضغط الشارع. وللسبب نفسه قررت الحكومة تخصيص مبلغ قدره 40 مليون دينار (106 ملايين دولار) لمساعدة الأسر البحرينية المحتاجة في التكيف مع مشكلة غلاء الأسعار خلال العام الجاري.
زيادة المصروفات بمعنى آخر، أقرت الجهات الرسمية إجراء زيادة قدرها 174 مليون دينار لتحقيق زيادة في الرواتب ومعالجة بعض آثار الغلاء. وعليه تبلغ قيمة المصروفات المعدلة للسنة المالية 2008 تحديدا 2046 مليون دينار (أي 5413 مليون دولار). تنقسم المصروفات إلى قسمين (المتكررة والمشاريع): خصصت الحكومة مبلغا قدره 490 مليون دينار لمصروفات المشاريع مثال تطوير شبكة الطرق والموانئ وإنشاء مشاريع إسكانية للمواطنين. ويتمثل المبلغ الباقي وقدره 1556 مليون دينار للمصروفات المتكررة لتغطية رواتب وأجور موظفي القطاع العام وأمور أخرى مثل الصيانة. وعلى هذا الأساس تستحوذ المصروفات المتكررة على 76 في المائة من مجموع المصروفات المقدرة. تعد هذه النسبة عالية حيث من الأفضل تخصيص المزيد من الأموال للمصروفات الإنشائية والتي بمقدورها المساهمة في تطوير البنية التحتية التي بدورها تعد من الركائز الاقتصادية.
دور حكومي ضخم يمثل الرقم المقدر للمصروفات العامة نحو ثلث قيمة الناتج المحلي الإجمالي للبحرين بالأسعار الثابتة (أي المعدلة لعامل التضخم). يعكس هذا الرقم المرتفع نسبيا مدى تدخل القطاع العام في المسائل الاقتصادية. حسب تقرير الحرية الاقتصادية تعد هذه المسألة إحدى النقاط السلبية بالنسبة للاقتصاد البحريني. يشار إلى أن مؤسسة "هيريتاج فاونديشن" وصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكيتين تصدران تقرير الحرية الاقتصادية السنوي. يعد التدخل الحكومي في الاقتصاد أحد المتغيرات العشرة لمؤشر الحرية الاقتصادية (حلت البحرين في المرتبة رقم 19 عالميا على المؤشر). ويرى التقرير أن وجود القطاع العام في الاقتصاد يعد أمرا سلبيا في حد ذاته ويكون عادة على حساب الحرية الممنوحة للقطاع الخاص.
الاعتماد على النفط تبلغ قيمة الإيرادات المقدرة 1688 مليون دينار (4466 مليون دولار). من المفترض أن يسهم القطاع النفطي بنحو 1241 مليون دينار أي 74 في المائة من مجموع دخل الخزانة العامة. يشار إلى أن القطاع النفطي أسهم بـ 77 في المائة من مجموع إيرادات الخزانة للسنة المالية 2006 (وهي آخر سنة تتوافر عنها إحصاءات فعلية). تحصل البحرين على إيراداتها النفطية من ثلاثة مصادر وهي:
1) حقل أبو سعفة. 2) حقل البحرين. 3) مبيعات الغاز. يسهم حقل أبو سعفة بنحو 80 في المائة من مجموع الدخل النفطي. تتقاسم البحرين إنتاج حقل أبو سعفة مع الجارة والشقيقة الكبرى السعودية (يبلغ إنتاج الحقل 300 ألف برميل في اليوم). إضافة إلى الدخل النفطي، تحصل الخزانة على إيرادات أخرى من الضرائب على الواردات فضلا عن الرسوم على الخدمات الحكومية ومبيعات المنتجات مثل الكهرباء وعوائد الاستثمارات فضلا عن الإعانات من دول الجوار.
عجز غير واقعي افترضت الميزانية تسجيل عجز مالي قدره 358 مليون دينار (947 مليون دولار). بيد أنه من المتوقع أن يتم تحويل العجز المتوقع إلى فائض فعلي بسبب ارتفاع أسعار النفط. يتوقع أن يرتفع الدخل الحقيقي النفطي بشكل نوعي نظرا لأن الحكومة تبنت رقما محافظا قدره 40 دولار لبرميل النفط الخام أي أقل من نصف الرقم السائد في الأسواق العالمية. تعتمد البحرين سياسة مالية عامة محافظة تتمثل في تقليل الإيرادات وتضخيم المصروفات المقدرة. بيد أنه تتغير النتائج النهائية بشكل ملحوظ في نهاية المطاف كما حدث في السنة المالية 2006. فقد تم تحويل العجز المتوقع وقدره 428 مليون دينار إلى فائض حقيقي حجمه281 مليون دينار (743 مليون دولار). تؤكد الإحصاءات المتوافرة أن الاقتصاد البحريني واقع تحت رحمة التطورات في السوق النفطية العالمية رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي. يسهم القطاع النفطي بأكثر من 70 في المائة من دخل الخزانة ويلعب دورا محوريا في تسجيل عجز مالي من عدمه. المعروف أنه ليس بمقدور البحرين التأثير في حركة أسعار النفط، بل إنها ليست عضوا في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك". المطلوب من السلطات البحرينية تنويع مصادر الدخل لغرض تقليل الاعتماد على القطاع النفطي.
