الاكتتابات الجديدة .. هل في مصلحة السوق؟
E-mail: [email protected]
مع انقطاع, يمكن أن نقول عنه طويل نوعا ما, عن اكتتابات جديدة تُطرح في السوق السعودية، تطالعنا هيئة السوق المالية بخمسة اكتتابات جديدة تشمل ثلاث شركات تأمين, وهي كما في موقع هيئة السوق المالية:
ـ شركة الاتحاد التجاري للتأمين التعاوني برأسمال 250 مليون ريال، وسيتم طرح عشرة ملايين و500 ألف سهم للاكتتاب العام تمثل 42 في المائة من أسهم الشركة.
- شركة الصقر للـتأمين التعاوني برأسمال 200 مليون ريال، وسيتم طرح ثمانية ملايين و400 ألف سهم للاكتتاب العام تمثل 42 في المائة من أسهم الشركة.
ـ شركة التأمين العربية التعاونية برأسمال 200 مليون ريال، وسيتم طرح ثمانية ملايين سهم للاكتتاب العام تمثل 40 في المائة من أسهم الشركة.
وسيتم طرح جميع الشركات المذكورة أعلاه خلال الفترة من 15 شوال 1428هـ الموافق 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2007م إلى 22 شوال 1428هـ الموافق 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007.
إضافة إلى شركتين, هما: شركة الخليج للتدريب والتعليم، وسيتم طرح مليونين و400 ألف سهم للاكتتاب العام تمثل 30 في المائة من أسهم الشركة, وشركة الشرق الأوسط للكابلات المتخصصة (مسك)، وسيتم طرح تسعة ملايين و600 ألف سهم للاكتتاب العام تمثل 30 في المائة من أسهم الشركة. وذلك في الفترة بين 24 شوال 1428هـ الموافق 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007م إلى 2 ذو القعدة 1428هـ الموافق 12تشرين الثاني (نوفمبر) 2007.
بطبيعة الحال هناك العديد من المختصين ممن تكلموا فيما يتعلق بضرر طرح هذا الكم الكبير من الأسهم في السوق, ما ينتج عنه سحب جزء كبير من السيولة من قبل المستثمرين للاكتتاب في تلك الشركات, وبالتالي انخفاض في قيمة الأسهم والمؤشر, ويصعب بعد ذلك أن تتعافى السوق, خصوصا إذا علمنا أن هذه الاكتتابات ستعقبها اكتتابات أخرى, ما قد يجعل تعافي السوق وارتفاعها أمرا غير شبه مستحيل، وهذه وجهة نظر لا يمكن أن نتجاهلها، ولكن في الوقت ذاته لا بد أن ننظر للموضوع من زاوية أخرى لا تقل أهمية عما سبق.
وذلك أنه بالنسبة للمستثمرين ذوي رؤوس الأموال الأقل نجد أن مثل هذا النوع من الاكتتابات حقق لهم نوعا ما تعويضا لهم عن خسائرهم، حيث إن النسبة الأعلى من تلك الاكتتابات افتتحت على سعر أعلى من قيمة الاكتتاب، بل قد تضاعف بعضها مرتين وثلاثا – مع التحفظ على تلك الارتفاعات غير المبررة أحيانا –بل أكثر من ذلك بكثير إذا ما نظرنا مثلا إلى شركات التأمين.
لعله في فترة سابقة نجد أن الكثير من المحللين كان يعيب على السوق السعودية عدم وجود كم كاف من الأسهم متاح للتداول، سواء بسبب أن كثيرا من الشركات ليست ذات جدوى لما حققتها في الفترة السابقة من خسائر، وإما أن الكثير من أسهم الشركات الجيدة غير متاح للتداول لتملك المؤسسات الحكومية جزءا كبيرا منها، وإما لوجود مستثمرين استراتيجيين ليس في أجندتهم عرض تلك الأسهم، وبالتالي أصبح كثير من المستثمرين يتنافس في عدد قليل من الأسهم, ما نتج عنه تضخم كبير في أسعارها، ولذلك تنامت الدعوات لزيادة عمق السوق, وذلك بطرح اكتتابات جديدة ومجدية، أو أن تتنازل الحكومة عن جزء من أسهمها وتجعلها متاحة للتداول.
ولعلنا نجد في الفترة الحالية، أن وجود استراتيجية مدروسة لزيادة عمق السوق أمر ملح أكثر مما مضى, والسبب في ذلك أن السوق السعودية تتمتع اليوم بسيولة هائلة جدا نتجت عنه زيادة كبيرة في أسعار العقار، وذلك لأنه ربما يكون خيارا أجدى من الأسهم في فترة من الفترات بعد الزيادة الكبيرة في أسعارها ، وما زال يتوقع أن تصب سيولة أكبر في السوق بسبب الزيادة في عوائد النفط, الذي تجاوز حاجز 90 دولارا للبرميل.
ولذلك لا بد أن نعني أن الأسهم بلا شك هي أحد الخيارات الاستثمارية التي لا تقل أبدا في الأهمية عن العقار، مع مزيد مزية وهي أن الأسهم أكثر تنظيما وإشرافا من قبل الجهات المختصة, ما يسهل عملية متابعتها ومراقبة سيرها بالشكل الذي يحفظ حقوق المستثمرين مقارنة بالسوق العقارية.
يضاف إلى ما سبق أن زيادة عمق السوق بشركات مجدية ورابحة يسهمان بشكل كبير في استقطاب الرساميل إلى السوق السعودية، فتكون السوق بذلك أكثر انتظاما، وأكثر تفاعلا مع العوامل الاقتصادية الأساسية التي تؤثر في أسعار الشركات.
لا ننسى أن نشير إلى أن زيادة عدد الشركات وبالتالي عمق السوق تسهم بشكل كبير في تقليل تأثير شركة أو شركتين فقط في مؤشر السوق، وبالتالي يؤثران في أسعار شركات اخرى ليس لها أي علاقة بتلك الشركة أو الشركتين من قريب ولا من بعيد.
يبقى أن هناك أمرا آمل أن يكون محل نظر الهيئة الموقرة وهو أن يكون هنا تعديل لما يتعلق بالنسبة الأدنى للاكتتاب في الشركات ذات الرساميل القليلة التي قد لا يتجاوز نصيب الفرد فيها بعد التخصيص في الغالب ما بين سهمين إلى خمسة، بحيث يكون الحد الأدنى عشرة أسهم حتى ولو كان سعر السهم عشرة ريالات، مع الاحتفاظ بحق المساهمين في تساوي حصصهم فيما لو تجاوز نصيب الفرد عشرة أسهم إلى حد 50 سهما. كما هو معمول به حاليا.