الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 16 نوفمبر 2025 | 25 جُمَادَى الْأُولَى 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين9.58
(-0.21%) -0.02
مجموعة تداول السعودية القابضة190.3
(-0.78%) -1.50
الشركة التعاونية للتأمين132
(-0.38%) -0.50
شركة الخدمات التجارية العربية107.1
(2.98%) 3.10
شركة دراية المالية5.64
(-0.18%) -0.01
شركة اليمامة للحديد والصلب37.74
(1.02%) 0.38
البنك العربي الوطني22.41
(-1.28%) -0.29
شركة موبي الصناعية11.3
(-4.24%) -0.50
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة33.3
(-0.12%) -0.04
شركة إتحاد مصانع الأسلاك22.8
(-2.15%) -0.50
بنك البلاد28.08
(-1.13%) -0.32
شركة أملاك العالمية للتمويل12.65
(-1.09%) -0.14
شركة المنجم للأغذية55
(-1.96%) -1.10
صندوق البلاد للأسهم الصينية12.62
(1.28%) 0.16
الشركة السعودية للصناعات الأساسية56.9
(-1.56%) -0.90
شركة سابك للمغذيات الزراعية119.6
(-0.50%) -0.60
شركة الحمادي القابضة30.42
(-1.30%) -0.40
شركة الوطنية للتأمين14.1
(-1.33%) -0.19
أرامكو السعودية25.86
(-0.39%) -0.10
شركة الأميانت العربية السعودية18.66
(-2.30%) -0.44
البنك الأهلي السعودي38.3
(-1.44%) -0.56
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات31.66
(-0.57%) -0.18

[email protected]

يعد الدكتور محمد الرشيد وزير المعارف الأسبق من الوزراء القلائل الذين تركوا منصبهم بعد أن أبلوا بلاء حسنًا، ولم يسجل على الرجل أي تقصير، بل يسجل له الكثير من الإنجازات في مجالي التعليم والتربية، وحينما كان عضوًا في مجلس الشورى كانت له ملفات يتبناها وينافح عنها بضراوة وبسالة، إضافة إلى ذلك كان الدكتور الرشيد متواصلاً مع كل المستويات وكانت له معارف وصداقات، كان يحرص أن يكون موجودًا بشخصه أو بإنجازاته مع كل شرائح المجتمع، كان سياسيًّا مع السياسيين، وكان أديبًا مع الأدباء، وكان مثقفًا مع المثقفين، وكان تربويًّا مع التربويين، وكان كل هؤلاء مع كل هؤلاء.. هو من الشخصيات التي إذا تركت عملها لا تتركه إلا وعليه بصماتها الطموحة.

نحن نسلم أن الثروة الحقيقية لدى الأمم هي الإنسان، ونسلم أكثر أن الكفاءة الإنسانية باتت عملة صعبة في المجتمعات التي لوثتها المدنية المادية، ولذلك تسعى الدول المتحضرة عبر الجوائز التقديرية التي تمنحها للمواهب الفذة إلى فرز الكفاءات عن سائر أفراد المجتمع ومنحها جوائز التميز حتى يكون الطريق إلى الإسهام في بناء الأمم سالكاً وميسوراً.

وإذا كان هذا المقال عن الدكتور الرشيد يأتي متأخرًا، فإنني أعترف أن المقال جاء متأخرًا، ولكن تأخره لا يلغي الأعمال المجيدة والسجايا الحميدة التي كان يتمتع بها الدكتور الرشيد والتي نسلط الأضواء عليها في كل آن، صحيح أن لقاء واحدًا ضمنا في مكتبه في جدة لا يكفي للوقوف على كل المناقب والإنجازات التي قدمها إلا أن أعمال الرجل في مجالات التربية والتعليم مشهودة ومعروفة، وما يهمنا هنا هو أن نسلط الضوء على بعض الأعمال الجليلة التي تعد إسهامًا وطنيًّا في بناء هذا البلد الأمين، وأذكر أنه حينما كان الدكتور محمد الرشيد عضوًا في مجلس الشورى كان – كما أشرت- من أصحاب المبادرات ، وحينما اختارته الإرادة الملكية لحقيبة وزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم) قدم الرجل أعمالاً جليلة وأبرزها أنه حمل تحت إبطه مشروعًا من أهم المشاريع التربوية الوطنية في تاريخ التعليم السعودي، وكان يطلق على مشروعه اسم "المبادرات الشخصية"، وكان المشروع ينطلق من رؤية ترى أن الدول لا تطمح إلى مراتب التقدم عبر الموارد الطبيعية كالنفط فقط، وإنما تنطلق إلى أعلى درجات الرقي من خلال الموارد الإنسانية، فإذا كانت الموارد الطبيعية مصدرًا للثروة فإن الموارد الإنسانية مكمنً للثراء والثروة ، بمعنى أن القيادات الإنسانية هي التي جلبت الثروة والمال لكثير من الدول وليس فقط النفط والذهب، ولذلك كان الدكتور الرشيد يقدم مشروع "المبادرات الشخصية" كمادة دراسية في البرنامج الدراسي بالمدارس الثانوية، وكان هدف المشروع أن يلتقط المواهب من بين الطلاب وأن يتيح أمامهم فرص النبوغ والمشاركة الفاعلة في بناء الأمة.

وكان يعز عليه أن المملكة التي أطلقت رجالها قبل 1400 سنة من قلب جزيرة العرب وبشرت بالإسلام وبالحضارة الإسلامية.. تبدو اليوم وكأن تقدمها الحديث هو رهن مواردها النفطية فقط.

أقول كان يعز على الدكتور محمد الرشيد أن يرى المملكة وكأنها صناعة مادية بحتة، فتبنى مشروع مؤسسة الملك عبد العزيز للموهوبين، وهي مؤسسة مازالت في طور التكوين وننتظر حتى تقدم المواهب التي تقود هذا البلد الأمين في مجالات الدعوة والصناعة والزراعة والاقتصاد والثقافة والسياسة.

لقد كان الدكتور محمد الرشيد صاحب فكرة مؤسسة الملك عبد العزيز للموهوبين لأنه كان يؤمن أن بناء الأمة ينطلق من الموهبة الإنسانية وليس من المال أو النفط، ولذلك كان مشروعه ينطلق من منطلقين المنطلق الأول هو تأسيس مؤسسة تعنى بالمواهب وتسعى إلى تبنيها وصقلها ثم تقديمها إلى مؤسسات المجتمع في شكل قوة إبداعية وقيادية ماهرة وموهوبة تستطيع أن تسهم في بناء الوطن بكل قوة واقتدار.

كانت أطروحة الدكتور الرشيد تنطلق من أن معظم الناجحين في العالم هم ممن اختصهم الله – سبحانه وتعالى - بكاريزما القيادة ويضرب العديد من الأمثلة بكبار الشخصيات العالمية الناجحة.

وكانت الشخصيات الإسلامية التاريخية التي رأدت الدنيا في العصور الأولى من تاريخ الدولة الإسلامية تشده كثيرًا وكان يرى في الخلفاء الراشدين المثل الأعلى والقدوة الأولى، وكذلك كان يضرب الأمثلة بالمعاصرين السياسيين والمصلحين من أمثال الملك عبد العزيز وأبنائه الملوك البررة، وكذلك يضرب الأمثلة بالمعاصرين من الاقتصاديين من أمثال الأمير الوليد بن طلال وكارلوس سليم أغنى أثرياء العالم وبيل جيت وابن محفوظ والراجحي وبن لادن، وصالح كامل فهذه الشخصيات لم ترث ثروة أو جاهًا أو منصبًا بل هي التي صنعت كل هذه الخصال وخاضت معركتها مع التخلف والفقر حتى أصبحت على قمة التقدم والرقي والثراء.

إن الله سبحانه وتعالى هو خالق الإنسان، وهو صانع المواهب في النفس البشرية، وهو الملهم إلى الإبداع، وهو المغني وهو الهادي إلى سواء السبيل.

ولاشك كان الدكتور الرشيد يدرك أن المملكة بعيدة عن بناء المواهب الفريدة بسبب غياب المؤسسات وغياب المناخ العلمي اللازم لبناء الموهبة الإنسانية في الشخصية السعودية، وربما يؤلمه ألا يرى سعوديين يصعدون إلى منصات الجوائز العالمية الكبرى، فلم يحصل سعودي واحد على جائزة من جوائز نوبل الكثيرة والمتعددة بينما فاز بها كثيرون من بلاد عربية وبلاد إسلامية، أكثر من هذا فإن الجوائز التي تنظمها وترعاها المؤسسات السعودية يفوز بها غير السعوديين ويغيب عنها السعوديون.

ولا شك أن غياب السعوديين عن الجوائز العالمية والإقليمية والمحلية يثير حفائظ الغيورين على هذا البلد من أمثال الدكتور محمد الرشيد.

إن الدكتور محمد الرشيد مثلاً يحتذى ووزيرًا يحاكى ونجمًا حكوميًّا قدم لبلاده ومليكه خدمات جليلة يستحق عليها أن نقدم له جزيل الشكر والتقدير والامتنان وندعو له بمزيد من التوفيق والعطاء.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية