عاملات المقاصف المدرسية.. رواتب متدنية وعمل بلا عقود

عاملات المقاصف المدرسية.. رواتب متدنية وعمل بلا عقود

عاملات المقاصف المدرسية..  رواتب متدنية وعمل بلا عقود

تعاني شريحة واسعة من عاملات المقاصف المدرسية في مختلف مدارس وكليات البنات في مناطق المملكة، من تدني الرواتب وعدم وجود تأمينات أو بدلات، فيما تعمل الغالبية منهن دون عقود عمل رسمية، ما أوجد بيئة ملائمة لانتهاك بعض حقوقهن العمالية.
وتكتفي الشركة المشغلة لنحو 2500 موظفة يعملن كبائعات أو مساعدات بائعات في مختلف مدراس وكليات البنات، بمنح مرتبات شهرية مقطوعة لا تتجاوز 500 ريال لمساعدة البائعة، و900 ريال للبائعة، ما يعد من أقل المرتبات التي تمنح للمرأة العاملة في سوق العمل السعودية.
وأبدى لـ"المرأة العاملة" عدد من العاملات في هذا المجال اعتراضهن على تدني الأجور، وغياب بعض الحقوق العمالية، رغم ارتفاع عدد ساعات العمل، مشيرات إلى أنها تبدأ منذ بداية اليوم الدراسي، عبر تفقد الصناديق والتأكد من محتوياتها وتجهيزيها للبيع وانتهاء بآخر الدوام وعد المبالغ وتحمل المفقودات والخسائر.
وطالبت المشاركات في هذا التقرير بتدخل مباشر من وزارة العمل، على اعتبار أنها المسؤول الأول عن رعاية حقوق العاملات، مؤكدين أن الحفاظ على حقوق نحو 2500 عاملة في هذا المجال، هو مطلب مهم.
تقول حصة محمد-خريجة تاريخ – أنها بعد ثلاث سنوات من البحث عن وظيفة تناسب مؤهلها وجدت نفسها بائعه في إحدى المدارس بعد أن كانت تتطلع إلى أن تكون معلمة فيها، وتزيد" لو وجدت أدنى من هذه الوظيفة لعملت أيضا لأني في حاجة إلى الراتب فأنا مطلقة وأعول ابني الصغير وأبي طاعن في السن ووالد طفلي تخلى عنا منذ زمن ولكن حتى التسع مائة ريال لم تعد تكفي فالمواصلات تقتطع أكثر من النصف ولا أستطيع العمل في وظيفة أخرى في المساء لأني اعتني بطفلي وأبي".
من ناحيتها تقول فاطمة نصر- مشرفة عامة-" كمشرفة على عدد من المدارس, أضطر للتنقل بينها يوميا والتأكد من البضائع والعاملات وراتبي لا يتعدى 1500 وهذا يعد أكبر راتب يصرف لنا ولا يوازي الجهد ولا المسؤوليات الملقاة على عاتقنا، فأين وزارة العمل من حقوقنا ولماذا لا تفرض رفع الرواتب خصوصا أننا جامعيات".
وتروي أم نايف – أرملة تعمل في أحد المقاصف المدرسية- "كثيرات ممن اضطرتهن الظروف يعملن في المقاصف المدرسية برواتب قليلة رغم أن المقصف يدر في اليوم الواحد ما يزيد على دخل العاملة نفسها ورغم الأرباح لا تزيد مرتباتنا فلا زيادات سنوية ولا حوافز وكأن بقاءك في العمل فضل ومنة وليس عليك طلب المزيد رغم أننا نعول أطفالا والمعيشة في ارتفاع وتعد المواسم كرمضان والأعياد أزمة حقيقية لنا نكون على حافة التسول أثناءها رغم أننا عاملات".
وتضيف"المقصف المدرسي يدخل آلاف الريالات شهريا لأن عدد الطالبات كبير ويقدم لهن أطعمة غير صحية مثل العصائر الملونة والمقرمشات والتي تدر أرباحا ولا تكلف شيئا ومع ذلك يحسب علينا المفقود والتالف بسبب سوء النقل أو التخزين".
وتعد مشكلة عدم توافر مواصلات إحدى المعوقات كما تقول أم أحمد وهي موظفة في أحد المقاصف منذ عامين حيث تقول" لا يصرف لنا بدل نقل ولم توفر لنا سيارات وأي يوم يحدث تغيب بسبب هذه المشكلة يخصم من مرتبنا، وقد نطرد، ما اضطرنا لاقتطاع جزء من رواتبنا لأحد سائقي الأجرة ليوصلنا يوميا للمدرسة من دون تأخير، يأخذ السائق مائتان فيتبقى من الراتب 300 ريال فقط".
أما مأساة أم حسن فتبدأ في شهر رمضان حيث إن الشركة تعطيهن إجازة غير مدفوعة في هذا الشهر لتخفيف التكاليف وتقول "لا توجد عقود عمل رسمية وفي أي لحظة يمكن الاستغناء عنا وكل يوم يتم تهديدنا بالاستغناء وإحضار عمالة وافدة تقوم بعملنا وبالرواتب نفسها وفي هذا ظلم لنا فهذه هي الوظيفة الوحيدة التي قبلت بتوظيفنا بدون "واسطة"، خصوصا أن أغلبنا بالكاد وصل للثانوية العامة، ورغم ذلك فظروف العمل مجحفة خصوصا في ظل ارتفاع الأسعار، إذ لم تعد الرواتب تكفينا، وقد تتأخر لشهور، هذا بخلاف ما يعتريها من خصومات".
إلى ذلك ساند عدد من المديرات والمعلمات مطالب العاملات في المقاصف المدرسية، حيث طالبن بإنصافهن خصوصا أنهن يعملن بإخلاص وهن جزء من العملية التعليمية.
تقول نورة الثميري ـ معلمة - "من الصعب رؤية سعوديات يعملن في هذه الأجواء، فرواتبهن لا تتعدى ألف ريال ويبذلن جهودا كبيرة في نقل البضاعة وتوزيعها والحفاظ على نظافة المقصف، فهن لسن بائعات فقط بل حمالات وعاملات نظافة وكاشيرات وعليهن ضغوط أسرية كون أغلبهن معيلات لأسرهن وقد حاولنا مساعدتهن لكنهن عزيزات نفس لا يقبلن صدقة رغم ظروفهن الصعبة".
وقالت مديرة أحدى المدارس الثانوية للبنات في الرياض فضلت عدم ذكر اسمها" إن مثل هذه المقاصف توفر العمل للكثيرات من السعوديات اللواتي بحاجة ماسة للوظيفة وقد قمت بتوظيف سيدتين من ذوات الظروف الخاصة إحداهن أرملة وتعول سبعة أبناء ووجدت في هذه الوظيفة رافدا لأطفالها وأخرى يتيمة ولم تكمل دراستها وأضطر شهريا لإعطائهن فوق مرتباتهن خمس مائة ريال كنوع من المساعدة".
واقترحت الكاتبة فاطمة الجوفان أن تصبح المقاصف شركة مساهمه أو تطرح كمشاريع صغيرة للخريجات وخصوصا خريجات اقتصاد منزلي، مؤكدة أن ذلك من شأنه أن يحدث تغييرا كبيرا في أداء المقاصف المدرسية حيث ستتحسن بيئة العمل من جهة لأن الخريجات سيضفن لمسة أخرى سواء من ناحية ما يقدم من مأكولات أو مستوى النظافة.
وقالت" سيحقق هذا الاقتراح نسبة توظيف عالية بين أوساط الخريجات".

من جهته أوضح المحامي خالد بن سعيد أن نظام وزارة العمل حدد جميع الشروط والحقوق والواجبات العمالية، ولم يفرق بين سعودي وغير سعودي ولا بد من توضيح الحقوق لأن لدينا جهلا بهذه الحقوق، مبينا أن وجود عقد عمل ليس شرطا وعلى الموظف إثبات أنه موظف إما عبر شهادة الشهود أو مسيرات الرواتب وبالنسبة للسعودي بناء على المادة 55 فإن العقد يجدد سنويا وبعد ثلاث سنوات يصبح غير محدد.
وأضاف "هذه المقاصف تنزل بمناقصات حكومية ماعدا المدارس الأهلية فمقاصفها تتبع لها وليس للشركة، وهناك مخالفات ترتكبها الشركات علما بأن نظام وزارة العمل حدد للعاملات حقوق إضافية كساعات الرضاعة وعدم العمل في وقت متأخر من الليل والتدريب ومكافأة نهاية الخدمة وشهادة الخبرة وفرض الرقابة الصحية".
وصنف ابن سعيد العاملات في المقاصف من ضمن الأيدي العاملة غير الماهرة وأغلبهن من دون مؤهلات لذلك يخضعن للعرض والطلب ولم يحدد النظام للأسف حدا أدنى للأجور.

الأكثر قراءة