جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية تهيأت لها جميع عناصر النجاح

قبل عدة أسابيع قرأنا في الصحف افتتاح خادم الحرمين الشريفين لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بالقرب من مدينة جدة والأهم من هذا كله هو الرؤية والمهمة التي أسندت للجامعة، فجامعة الملك عبد الله يراد لها أن تكون جامعة بحثية عالمية من الطراز الأول على غرار الجامعات العالمية المرموقة، وقد تضمنت خطة إنشاء الجامعة جميع عناصر النجاح الضرورية لأي مؤسسة بحثية يراد لها أن تنافس الجامعات العريقة على الصدارة في مجال الأبحاث، فرؤية خادم الحرمين أيدهُ الله لهذه الجامعة الفتية تتضمن كل مقومات النجاح:
الاستقلالية: أن تكون الجامعة مستقلة عن أي جهة حكومية، وخصص لها وقف مالي يستثمر وينفق على الجامعة من ريعه، وبهذا تضمن الجامعة أهم مبدأ من مبادئ البحث العلمي الموضوعي الذي يهدف إلى خدمة المعرفة الإنسانية بمعناها الواسع التي لا تعترف بحدود إقليمية أو دينية، فاستقلالية أي مؤسسة بحثية هو الشرط الأساسي لضمان موضوعيتها والثقة في إنتاجها الفكري، وبهذا تحافظ الجامعة الفتية على استقلالها من أي سيطرة أو ضغوط للسلطة السياسية عليها، وبذلك تنصرف لمهمتها الأساسية التي أنشئت من أجلها وهي البحث العلمي والإنتاج الفكري من أجل خير وخدمة الإنسانية جمعاء.
الحرية الأكاديمية: وهي حرية البحث الأكاديمي والمناقشة ونشر النتائج الأبحاث دون رقابة أو وصاية على الفكر الأكاديمي أو التدخل من أي جهة كانت لتغير نتائج البحوث لتلائم وجهة نظر معينة، فهذه الحرية الأكاديمية هي الركيزة الأساسية التي قامت عليها الجماعات العظمى في العالم اليوم، بل هي أساس وجودها واستمرارها في ريادة البحث العلمي والفكر الأكاديمي.
مجلس الجامعة الاستشاري: هذا المجلس الذي يضم نخبة من أساتذة الجامعات العالمية العريقة، والذي سيشرف على الجامعة فيما يخص النواحي الأكاديمية والبحثية، وكذلك فيما يتعلق بتمويل البحوث الخارجية وتعيين أعضاء هيئة التدريس، ولهذا يمثل مجلس الجامعة الاستشاري صمام الأمان لضمان سير الجامعة في الاتجاه الذي أنشئت من أجله بعيدا عن المحسوبيات والعلاقات العائلية التي تنخر عظام مؤسساتنا الوطنية الحكومية والخاصة على حدٍ سواء.
العالمية: جامعة الملك عبد الله أنشئت لتكون جامعة عالمية في فلسفتها وقيمها فستحتضن هذه الجامعة الفتية رجالاً ونساءً من جميع أنحاء العالم بصرف النظر عن انتماءاتهم الفكرية والدينية والعرقية، فالمعيار الذي على أساسه يتم المفاضلة فيما بينهم هو معيار الكفاءة الأكاديمية، ولن تقف اختلافاتهم البيولوجية أو الدينية أو العرقية حجر عثرة في سبيل تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم الأكاديمية.
في الختام أرجو ألا يقتصر اهتمام جامعة الملك عبد الله على البحوث في حقول محددة مثل الطاقة، الفيزياء، الرياضيات، الكيمياء، الأحياء، علم البحار، الزراعة، والمجالات المشابهة دون المجالات العلمية الأخرى مثل العلوم المالية بمختلف أنواعها مثل المحاسبة، المالية، إدارة الأعمال، والاقتصاد، ونظم المعلومات، حيث إن هذه المجالات المعرفية هي القلب النابض والمحرك الرئيسي لكل اقتصاد ناجح في العالم، فمثلا هنا في أمريكا الشمالية الطلب على كليات الأعمال هو الأكثر من بين جمع أقسام الجامعات على الإطلاق، ومخصصات البحوث المالية في هذه الكليات من أعلى المخصصات في الجامعات، وأخيرا أدعــو الله عز وجل أن تكون جامعة الملك عبد الله فاتحة خير على العمل الأكاديمي والبحثي في المملكة، وأن تنتقل عدوى الاستقلالية، والحرية الأكاديمية، ومعايير الجودة في البحوث إلى الجامعات السعودية الأخرى.. والله على كل شيء قدير، آمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي