دعوة الهيئات الشرعية والبنوك الخليجية إلى الموازنة بين أخلاقيات الشريعة وأنظمتها
وجه رجال دين شرق آسيويين انتقادات حادة ومباشرة للبنوك الخليجية ومجالسها الشرعية والتي تعد الثانية من نوعها في أقل من شهرين، حيث طالب هؤلاء الفقهاء خلال المنتدى الدولي الثالث لنظام التمويل الإسلامي في كوالالمبور أن يولي العلماء المسلمين الذين يعملون مع البنوك لتشكيل المنتجات المالية الإسلامية أن يولوا اهتماماً بالنواحي الأخلاقية أكبر من اهتمامهم بالنواحي القانونية للشريعة الإسلامية.
وذكروا أيضاً أن بعض البنوك الشرق أوسطية توظف العلماء الذين يعتقد أنهم سوف يعتمدون منتجاتها ويضفون عليها صفة شرعية.
وتبدي البنوك الإسلامية والتقليدية حرصاً كبيراً على تطوير وتقديم المنتجات في السوق الخاصة بالتمويل الإسلامي التي تنمو بسرعة، إلا أن بعض الخبراء الإسلاميين وجهوا انتقادات للبنوك ولمستشاريها لعدم تطبيق تفسير صارم للشريعة أو للقانون الإسلامي في معرض تقييمهم للمنتجات.
وكان الشيخ يوسف طلال ديلورنزو، الذي يعمل في مبنى فخم لشركة Toll Brothers في إحدى ضواحي واشنطن, قد وجه تحذيرا لزملائه في الخليج يحضهم فيه على مقاومة "الصندوق الأسود، الذي يقصد به" إحاطة استثمار في الموجودات لا يلتزم بأحكام الشريعة وإلباسه ثوب تمويل مهيكل ملتزم بأحكام الشريعة". والواقع أنه يرتاب بصورة عميقة في صكوك صناديق التحوط، التي أصدرها بنك دبي الإسلامي.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم البنوك تطلب اعتماد منتجاتها الإسلامية إما من المجالس الفقهية الوطنية أو من العلماء الأفراد الذين لهم معرفة وصلة بالبنوك وذلك لطمأنة المستثمرين بأن خياراتهم تتفق مع عقيدتهم.
فعلى سبيل المثال، الإسلام يحرم الاستثمار في المنتجات التي تدفع الفائدة لأنها تعتبر ربا، كما تحرم المنتجات غير المقطوع بيقينيتها، أو حينما يعد هذا الطرف أو ذاك مستغلاً للطرف الآخر دون وجه حق.
ورغم أن العلماء يفسرون كثيراً من أحكام القرآن بالطريقة نفسها، إلا أنه ما زال هناك اختلاف في وجهات النظر، الأمر الذي يمهد الطريق للاختلاف حول معقولية بعض المنتجات أو الممارسات.
وقال محمد أكرم، رئيس اللجنة الاستشارية الشرعية في بنك HSBC في ماليزيا إن العلماء ينظرون إلى ثلاثة جوانب أساسية عندما يقومون بتقييم تقيد المنتجات وتوافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية. وهذه الجوانب هي: المعتقد، والمشروعية، والأخلاقية.
وذكر أنه من الممكن أن تتقيد المنتجات بسهولة بأحكام الشريعة الإسلامية إلا أن الأصعب هو التأكد من تقيدها بأخلاقيات الدين الإسلامي ومراعاتها لها.
فقد لا يكون ثمن المنتج مثيراً للجدل من منظور قانوني، ولكن إذا كانت تكلفته تزيد عن تكلفة المنتج التقليدي، فإنه قد لا يفي بالالتزامات الأخلاقية للدين الإسلامي من حيث العدالة والمساواة الاجتماعية، كما قال لالدين.
ورغم وجود وفرة في عدد العلماء المسلمين في سائر أنحاء العالم، إلا أنه يبدو أن صناعة التمويل الإسلامي تعتمد على أقل من 50 عالماً، يشاركون في كثير من الأحيان في عضوية العديد من المجالس الاستشارية لإجازة المنتجات والممارسات الإسلامية. وقد تسبب ذلك في إبطاء تقديم منتجات إسلامية جديدة، ويقول البعض إنه أدى إلى هيمنة وجهات نظر عدد محدود من العلماء في نظام التمويل الإسلامي.
وفي هذا الصدد، قال مالك العوان، كبير المسؤولين الأكاديميين عن المركز الدولي للتعليم في مجال التمويل الإسلامي ICEIF: "هذا وضع غير صحي لصناعة التمويل الإسلامي أو لحقل القانون الإسلامي". ولاحظ أنه يوجد في الوقت الحاضر نحو 1.5 مليار مسلم في العالم لديهم آراء متعددة في الأمور الشرعية.
ودعا المؤسسات المالية إلى إشراك علماء الشريعة الشباب إلى جانب العلماء المشهود لهم بغية توسعة شبكة المستشارين المتاحين وتقديم عدد أكبر من وجهات النظر.
وأضاف لالدين: "إن على البنوك مسؤولية اجتماعية في توظيف أناس معروفين على الصعيد العالمي وعلماء شباب يستطيعون أن يتعلموا تجنب المشاكل (مشاكل عدم كفاية العلماء المتوافرين) في المستقبل".