شركات الخدمات المالية بين سندان الأنظمة ومطرقة التحديات

شركات الخدمات المالية بين سندان الأنظمة ومطرقة التحديات

بات شبح سحب التراخيص يهدد بعض قلاع شركات الخدمات المالية والوساطة المرخصه للعمل في السوق المالية السعودية - التي لم تزاول نشاطها بعد- وكذلك الشركات الراغبة في الاستثمار مستقبلا في هذا المجال, بعد قرار هيئة السوق المالية الأسبوع الماضي سحب رخصة شركة فرصة للاستثمار في أول حالة تسجل في السوق منذ السماح للمستثمرين تقديم الوساطة والخدمات المالية مطلع العام الماضي، ويصف مراقبون واقتصاديون أن قرار الهيئة بسحب الترخيص يؤكد عزمها المضي في هيكلة سوق المال ورفع مستوى الشفافية والمصداقية وضمان حقوق المستثمرين، والتأكيد على موقفها من تطبيق أنظمة السوق المالية ولائحة الأشخاص المصرح لهم.
ويرى اقتصاديون أن شركات الخدمات المالية تواجه معوقات عديدة قبل أن تبدأ مزاولة نشاطها في السوق حيث تكمن أبرز هذه التحديات في سوء تقدير دراسات الجدوى لتأسيس هذه الشركات, حيث قدرت على أوضاع السوق في عام 2005 -2006، إلى جانب قلة الكوادر البشرية المؤهلة محلياً وارتفاع تكلفة الكوادر الخارجية، إلى جانب عدم جدية بعض ملاك هذه الشركات في الاستمرار وبحثهم عن فرص لبيع حصصهم بأرباح عالية.
وكانت هيئة السوق المالية قد اتخذت استراتيجية مطلع العام الماضي لفتح باب الفرص الاستثمارية للشركات والمستثمرين في تقديم الخدمات المالية المتعلقة بالأسواق المالية من أنشطة التعامل في الأوراق المالية وإدارة الأصوال، وإطلاق قنوات استثمارية مختلفة مثل الصناديق الاستثمارية وأنشطة الترتيب والاستشارة، حيث تهدف من ذلك إلى قيادة دفة السوق إلى مسار الاستثمار المؤسسي المنظم بعد أن حققت السوق أعلى نسبة تداول من قبل الأفراد التي قدرتها بعض المصادر بأنها بلغت نسبة عالية وصلت إلى 98 في المائة من كمية التداولات اليومية. وقد قامت الهيئة بإصدار لوائح منظمة لعمل الوسطاء مثل لائحة الأشخاص المرخص لهم والتي تنظم شؤون شركات الخدمات المالية المرخص لها حديثا، حيث بينت مصادر مطلعة أن عملية الترخيص لأي شركة متقدمة لهيئة السوق المالية تمر بإجراءات دقيقة وتدقيق لكل المتطلبات والمستندات المالية التي تثبت كفاءة الشركة وقدرتها، وقد قدرت المصادر ذاتها أن عدد التراخيص التي في قائمة الانتظار تجاوزت 30 شركة تنتظر الترخيص، فوق 78 شركة تم الترخيص لها لتقديم أنشطة الخدمات المالية وبلغ عدد الشركات العاملة في السوق حاليا 19 شركة منها 11 شركة تابعة للبنوك السعودية وثماني شركات تصنف من الشركات الجديدة المرخصة لها والتي أصبح معظمها عضوا في السوق المالية السعودية (تداول) مطلع العام الجاري وتحديدا أواخر الربع الأول. وقد أشارت المصادر ذاتها إلى أن هذه الخطوات التدقيقية عند قبول التراخيص جيدة ومطلوبة وتقوم الهيئة بعملها في حفظ وضمان حقوق المستثمرين.
ويرى الخبراء الاقتصاديون أن السوق المالية السعودية في أمس الحاجة إلى التوسع الكمي والنوعي في عدد مقدمي الخدمات المالية، تعد أعمال الوساطة أحدها، بل إن السوق أصبحت بحاجة إلى هذه الشركات حتى تخرج من رحم السيطرة المفرطة على التداول من قبل الأفراد إلى جانب حاجة المنظم إلى إضفاء البعد المؤسساتي على التداولات داخل السوق, وذلك لتحييد المخاطر وضمان نمط أكثر استقراراً للسوق."
وأكدوا أن هذا التوسع بطبيعة الحال محكوم بنظام السوق المالية ولائحة الأشخاص المرخص لهم، ويبقى المحدد الرئيس لمنح التراخيص مرهونا باستيفاء طالب الترخيص متطلبات الترخيص ذات السمة الإجرائية التي تنص على ضرورة استيفاء طالب التراخيص معايير الكفاية المالية والنزاهة وعلى العموم، فإن من ينوي دخول نشاط الوساطة المالية، فإنه كغيره من الأنشطة التجارية الأخرى مرهون بالجدوى الاقتصادية منه، وبالتالي فإن من يرغب الخوض في هذا النشاط يقع تحت طائلة مخاطر الإفلاس أو الفشل المالي، ولو أن إفلاس مقدمي الخدمات المالية أشد وطأة من إفلاس الأنشطة التجارية الأخرى."
وبينوا أن قرار الهيئة بسحب الترخيص يسهم وبشكل فعال في تعزيز الثقة بالسوق والتأكيد على أن البقاء في قطاع الخدمات المالية لا يتم إلا للأفضل من الشركات الملتزمة بتطبيق الأنظمة والجادة في مزاولة النشاط والمحافظة على حقوق المستثمرين في السوق والمتعاملين معها. وأضافوا أن سحب الرخصة يعود لعدم تمكن الشركة المشطوبة من الوفاء بشروط الرخصة التي تلزمها بدء العمل في السوق بعد 12 شهرا من الحصول على الترخيص، وكذلك عزم الهيئة كشف الشركات غير الجادة في مزاولة النشاط بحيث لا يسمح لها بتفويت فرص هذه التراخيص على المستثمرين الجادين, وثانيا أن الخطوة إيجابية وفي صالح الكوادر البشرية المؤهلة في القطاع والتي تشكل ندرة في استقطابها في ظل التنافس الحالي بين البنوك وشركات الخدمات المالية على هذه الخبرات البشرية.
ووصف خبراء أن حال شركات الوساطة التي تم الترخيص لنحو 70 شركة في مجال الخدمات المالية ليست واضحة للجميع حيث إن معظمها يخطو خطوات متأنية قد تصل إلى التوقف أحيانا لمزاولة النشاط ويعود السبب في ذلك إلى نية بعض المستثمرين في الحصول على الرخصة ومن ثم عرضها للبيع والاستفادة من المكاسب العالية جراء تنازلهم عن حصة الملكية، والبعض الآخر أخذها من باب فرصة جيدة للاستثمار السريع ومن ثم التحول لفرصة أخرى من غير دراسة ومعرفة بالتحديات التى تواجه هذا القطاع.

الأكثر قراءة