Hairspray.. فيلم استعراضي ودواء بطيء المفعول ضد التمييز العنصري؟
فيلم استعراضي غنائي حاز إعجاب النقاد والجمهور عام 1988م وقبل أن يكون فيلما كانت مسرحية استعراضية شهيرة عرضت في مسرح "برودواي" الشهير وحاز بطلها هارفي فايرشتاين على جائزة "توني" لأفضل ممثل مسرحي على دوره في هذه المسرحية الرائعة. وبعد مرور الأيام والسنين عاد منتجو هوليود ومخرج من شركة الإنتاج نيو لاين سينما بفكرة إحياء هذا الإبداع من جديد وبشكل أفضل. فاختاروا الممثلين المناسبين للأدوار والطاقم العامل في الفيلم وبعد تحديد الاختيارات قبل عرض الفيلم بسنة وخمسة، ثم سجلوا أغاني الفيلم وصوروه في النهاية. وفي يوم الجمعة الموافق 20 آيار (يوليو) 2007 دشن العرض الأول للفيلم الاستعراضي الغنائي Hairspray أو كما هو معرف لدى البعض باسم "مثبت الشعر" من بطولة جون ترافولتا وميشيل فايفر وكوين لطيفة وكريستوفر ولكن وأخيرا نيكي بلونسكاي. ومن إخراج أدم شنكمان.
الفيلم يدور في حقبة الخمسينيات ويروي قصة فتاة سمينة لطيفة في مرحلة المراهقة تدعى "تريسي تورنبلاد" التي قامت بدورها الممثلة "نيكي بلونسكاي" تريد المشاركة في برنامج غنائي وراقص تقدمة إحدى القنوات التلفزيونية المحلية في مدنية بلتمور الأمريكية ولكنها تواجه صعوبات في تحقيق مرادها بداية بعدم موافقة والدتها أيدنا تورنبلاد التي يؤادي دورها (جون ترافولتا) في البرنامج لأنها كانت تخاف عليها من الفشل، ونهاية بحقد مديرة المحطة التي كانت ملكة جمال في شبابها فيلما توسيل (مشيل فايفر) التي لا تريد النجاح لأحد سوى ابنتها. هذه هي القصة التي روجت لها الشركة المنتجة وسائل الإعلام وتداولها الناس فيما بينهم. ولكن لو شاهدنا الفيلم فسنرى أنه يتناول قضية التمييز العنصري ضد السود في أمريكا في تلك الحقبة وأن الفتاة تريسي المراهقة البيضاء تتمرد على المجتمع التي تعيش فيه وتشارك في مظاهره ضد من هم بشرتهم بيضاء. ربما رجوع السينما الأمريكية لمعالجة هذه الظاهرة القديمة (التمييز العنصري) هو الإحساس بأنها ما زالت تعيش في المجتمع الأمريكي، والغريب أن وسائل الإعلام الأمريكية أو العالمية حتى لم تتطرق وتسليط الضوء على هذا الموضوع بل انصرفوا إلى التركيز بأنه فيلم استعراضي غنائي من بطولة فتاة سمينة تحاول إثبات جدارتها والاشتراك في برنامج تلفزيوني، البعض يبرر بأن الفيلم قدم في حقبة الخمسينيات وهذا شيء طبيعي بالتطرق لهذه المسألة. ولو عدنا وشاهدنا الفيلم فسنرى أن هذه القضية (التمييز العنصري) استحوذت على الاهتمام بنسبة من 80 في المائة من اهتمامات الفيلم. وأن محاولة الانضمام الفتاة تريسي لبرنامج لم تكن صعبة (رغم أنها تعرضت لبعض الإهانات من مديرة القناة بسبب وزنها الزائد) ولكن بعد أن قدم لها فتى أسود نصيحة بكيفية نجاحها وضمان قبولها في البرنامج، وبعد أن قامت بفعل نصيحته تم قبولها بكل سهولة، بعد ذلك تحولت القصة إلى كسب معركة جعل البرنامج مختلطا بين البيض والسود ورفض مبدأ العنصرية في البرنامج. واستهواء تريسي بالانضمام إلى جماعة السود لكي ترقص معهم ووقع صديقتها "بيني" التي أدت دورها الممثلة "أماندا بينس" في حب شاب أسود ومعاكسة خط سير أمها التي تعرف بتميزها العنصري ضد السود. ومما يدل على أن الفيلم في مكنونه الداخلي يعالج قضية العنصرية أن أبرز عقد الفيلم وذروته كانت في مشاهد هروب تريسي واختفائها بعد ضرب شرطي أبيض منعها هي ومن معها من أصدقائها من إكمال مسيرة مظاهرة ضد التمييز العنصري لدى البيض. لكن منتجوي الفيلم روجوا قصة مختلفة واستطاعوا أن يجعلوا وسائل الإعلام تتابع القصة التي هم يريدونها (رغم أني اشك بأن وسائل الإعلام الأمريكية لا تفوت عليهم هذه الأشياء) وأثارت ضجة إعلامية قبل عرض الفيلم تقريبا بشهر في الولايات المتحدة والعالم بخبر تقمص جون ترافولتا دور امرأة في الفيلم رغم أنه معروف لدى الناس أنه سوف يقوم بهذا الدور من آذار (مارس) 2006. واستطاعوا بعد أن انتهى من صناعة الفيلم وظهور شكل جون ترافولتا بشكل امرأة في الفيلم بترويج بعض الصور لشكل جون ترافولتا بشكله في الفيلم وحدث ما حدث من الضجة الإعلامية في وسائل الإعلام المهتمة بالجوانب الفنية. نحن لا نعلم لماذا هذا التضليل وعدم اعتراف الشركة المنتجة (نيو لاين سينما) أو مخرج الفيلم أدم شنكمان بأنهم يريدون معالجة هذه القضية، والاعتراف ليس عيبا لأن طبيعية المجتمع الأمريكي يحتاج إلى معالجة هذه القضية من وقت إلى آخر بسبب كثرة الجرائم التي يقترفها البيض من وقت إلى آخر ضد السود وليس من المفترض بأن تكون جنائية لكي تكون جريمة وهذا ليس كلامي بل كلام تقرير لجنة حقوق الإنسان في أمريكا لعام 2006 لما ذكر التقرير "لقد خضع الأفريقيون - الأمريكيون والأقليات العرقية للتمييز العنصري في العمل. ونسبة البطالة بين السود تزيد عن ضعفي النسبة للبيض". وأشار التقرير إلى أن نسبة البطالة لدى السود بنحو 8.6 في المائة, والبيض بنسبة 3.9 في المائة وللمعلومية بأن نسبة السود في أمريكا تبلغ 12 في المائة من عدد السكان الولايات المتحدة الأمريكية، وأضاف التقرير "أن في الممارسات القضائية، السود عادة هم الأكثر تعرضا من البيض لعقوبات قاسية". في النهاية كان دور جون ترافولتا في الفيلم رائع فقد استطاع أن يتقمص شخصية الأم الخائفة على ابنتها والتي تريد مصلحتها وفي الوقت نفسه تريد لها النجاح والتوفيق، وأبدعت ميشيل فايفر بتقديم شخصية المرأة الحقودة العنصرية (هذا الدور عكس الأدوار التي قدمتها خلال مسيرتها الفنية) التي لا تريد الخير لغيرها، ونيكي بلونسكاي أثبتت بأنها موهبة مقبلة بقوة في عالم هوليود، وكريستوفر ولكن بدور الأب الذي يدفع بابنته إلى الأمام وتشجيعها على فعل ما تريده، وجمال دور كوين لطيفة في شخصية المرأة السوداء التي تريد الحفاظ على تجمع وقوة السود ومناضلتها من أجل إبقاء السود في البرنامج. وحاز الفيلم إعجاب الكثير من الجمهور قبل النقاد وحصل الفيلم على تقيم 8.0 من 10 من موقع IMDb المتخصص في الأعمال السينمائية والمسلسلات التلفزيونية.