E-mail: [email protected]
شهدت الأسواق العالمية في الفترة الماضية أزمة بسبب المخاوف من انعكاسات أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة على تلك الأسواق، والأزمة كما ذكر عدد من المحللين وكما جاء في جريدة "الاقتصادية" بتاريخ 29 رجب عام 1427: "اشتعل فتيل تلك الأزمة العالمية من أزمة الإقراض العقاري مرتفع المخاطر في الولايات المتحدة، التي أنشأتْ سوق الرهن العقاري الثانوي الأمريكي (سوق حديثي الاقتراض الذين لا يملكون سجلاً ائتمانياً لدى البنوك), والمقدر من جهة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بنحو 100 مليار دولار, اندفع معظم المقترضين من سوق الرهن نحو بيع منازلهم لقاء ارتفاع أسعارها بنحو 30 في المائة، تبعها لاحقاً تعثرهم في السداد للبنوك المقرضة! ما خلق دائرةً للقروض المتعثرة للبنوك الاستثمارية والشركات المالية المدرج أغلبها في السوق الأمريكية؛ ظلّت تتسع يوماً بعد يوم تحت مظلة ضعف الرقابة وعدم الإفصاح".
بطبيعة الحال ومن خلال المقارنة بين ما يحدث اليوم في السوق المحلية، وهذه الحالة التي حصلت في الولايات المتحدة نجد أن هناك قواسم مشتركة لا بد من أخذها في الاعتبار لتفادي ما قد يحصل في السوق المحلية.
نجد أولا أن هناك ارتفاعا واضحا في أسعار العقار في السوق المحلية بنسبة تتجاوز 30 في المائة المذكورة كما سبق في الولايات المتحدة بل قد تصل إلى ما يزيد على 40 في المائة في أقل حالاتها، وذلك أن أسعار الأراضي تجاوزت نسبة الزيادة فيها خلال الشهور الماضية إلى ما يزيد على 50 في المائة، وارتقت أسعار الوحدات السكنية، سواء كانت على شكل وحدات سكنية مستقلة أو فلل، أو على شكل شقق إلى ما يزيد على 40 في المائة مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع أسعار المواد وتكلفة الأيدي العاملة، مع شح في المواد والأيدي العاملة على وجه سواء.
يضاف إلى ذلك توسع البنوك المحلية في الإقراض المتعلق بتمويل شراء المساكن، حيث إنه وفجأة أصبحت البنوك السعودية كلها تقدم عروضا كبيرة للأفراد لشراء المساكن، إضافة إلى عدد من العروض الأخرى مثل الذي تقدمة المؤسسة العامة للتقاعد، وكثير من الشركات التي تعنى ببناء الوحدات السكنية، وعدد من المؤسسات المالية من غير البنوك.
الأمر الثاني أن ما يتعلق بالتاريخ الائتماني للأفراد غير مفعل بشكل كاف في الأسواق المحلية فبمجرد أن يتقدم الفرد إلى البنك لشراء منزل، فإنه في كثير من الأحيان لا تجد أن البنك لديه تاريخ ائتماني لهذا الفرد يباشر البحث في جميع ما يتعلق بالتزاماته سواء داخل البنوك أو خارجها من مثل شركات تقسيط السيارات وغيرها. هناك ما يسمى بشركة سمه التي تعد شبكة لديها بعض المعلومات عن الحركة الائتمانية للأفراد، ولكن من خلال النظر في موقعنا الإلكتروني نجد أن كثيرا من الشركات التي تعنى بالتمويل أو الإقراض أو بيع التقسيط غير مدرجة ضمن قاعدة البيانات لديها، فهي يمكن لها أن تعطي معلومات عن التاريخ الائتماني للبنوك وعدد قليل من الشركات السعودية، وهذا لا يعطي معلومات كافية عن التاريخ الائتماني للأفراد، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن عددا كبيرا من الشركات التي تقدم التمويل العقاري وليس لديها أي ارتباط بسمة.
وعند محاولة تقسيم سوق الإقراض أو التمويل العقاري في السوق المحلي – رغم عدم وجود تقسيم رسمي – يمكن أن يقال إن ما تقدمه البنوك للأفراد هو أقرب للسوق الأولى لأن البنوك لديها معلومات أكبر عن عملائها وتاريخهم الائتماني وإن لم يكن ذلك كافيا، إضافة إلى أن لديها القدرة على رهن راتب العميل، وذلك باشتراط التزام العميل بتحويل راتبه على البنك إلى أن يتم سداد كامل ما اقترضه العميل أو الفرد من البنك، إضافة إلى أن للبنك الحق في أخذ كامل حقوق الفرد عند استقالته أو تقاعده أو الحجز عليها إلى أن يتم تسديد ما عليه من التزامات.
ولكن في المقابل نجد أن كثيرا من الشركات ليس لديها تلك الإمكانيات نفسها لضمان استيفاء حقوقها باستثناء رهن العقار الذي اشتراه الفرد أو العميل، وهذا قد يجعل مثل هذا النوع من التمويل أقرب إلى ما يسمى السوق الثانوي لتمويل العقار، وعند الانخفاض في أسعار العقار وعدم قدرة الفرد على السداد فإن البنك لا يمكن له استيفاء ما تبقى من حقه من خلال بيع ذلك العقار، خصوصا عندما نعلم أن المنازل في السوق المحلي غالبا تتناقص أسعارها بعد السكنى مما يزيد من نسبة المخاطرة.
