توضيحات غائبة في صحفنا المحلية
كنت اتوقع أن يكون هذا العام لوسائل الإعلام عام عمل وحركة دؤوبة في كل منحى وبالذات في شهر رمضان الفضيل, وذلك بأن تنسق الصحف المحلية عبر الإنترنت أو بواسطة مندوبين لهم يحضرون اجتماعين متتاليين (مثلا) تحدد فيهما الأدوار ومن ثم يبدأ العمل إلكترونيا فيكون المواطن والمقيم مستفيدين من "كبسولات يومية" أو "نصائح أسبوعية" أو "تعليمات دورية" أو "نسمها ما نتفق عليه" تكون موجهة لرفع المستوى المعلوماتي والمعرفي للمواطن وتنمية لفكر الباحث عن عمل أو الموظف الراغب في تطوير نفسه أو المسؤول المتأمل صورا جديدة للموظفين والعمل والإنتاجية أو صاحب العمل المتشوق والراغب والمؤمل لازدهار صناعته أو إنتاجه أو شغله مهما كان فيتبنى كل منهم وسيلة يسوق بها نفسه أو فكره أو يحسن من عاداته أو يتقرب بها إلى الله فتعود على المجتمع بالخير الوفير. إن القصد هو تنويع وسائل التنمية الفكرية للمجتمع واتخاذ منحى جديد يكون توجيهيا كما هو إعلاميا وإخباريا فيجني المجتمع محصلة هذه الجهود بالمحافظة على استمرارية الطفرة الاقتصادية بدعم الطفرة الثقافية وبالتالي نجد أن في كل يوم يدخل مستثمر ويكافأ موظف وتتحسن إجراءات وتكتب أنظمة وتعدل سياسات وهذا لأننا نؤسس لتنمية مستدامة بإذن الله.
عملياً ولئلا يكون الطرح نظريا فيمكن أن تلجأ صحيفة إلى توضيح سوء استخدامنا لغرض معين أن الصحيح كذا وكذا وهذا قد تفيدنا فيه الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس, وتلجأ أخرى إلى توضيح الرأي الشرعي في ممارسة كذا وكذا وهذا قد تفيدنا فيه وزارة الشؤون الإسلامية أو عدد من الجامعات, وتقوم صحيفة أخرى بتبيان الفرق بين هذه السلوك وذاك وما الأصح في الاتباع وفي هذه تفيدنا وزارة الشؤون الاجتماعية إضافة الى الجامعات وبعض اللجان والهيئات, في حين تركز صحف على الممارسات اليومية في السوق المالية أو التعاملات البنكية فيتحوط المستفيد من اتباع هذه الوسيلة ويتجنب الخوض في هذا الباب أو ذاك فيجد نفسه مستثمرا من الدرجة الأولى وهذا قد تقدمت فيه هذه الصحيفة "الاقتصادية" والأمل في التطوير. قد يخصص مربع في كل باب من أبواب الصحيفة وفي كل صحيفة لهذه التوجيهات الإرشادية على أساس اتمام ذلك بعد تنسيق نتفادى فيه اختلاف الرأي واختلاف صيغة الطرح التي قد تسبب سوء الفهم, سيكون محصلته جذب أكبر عدد من القراء للصحف اليومية ودخول عصر جديد من التحفيز على القراءة النوعية التوعوية والإرشادية. القارئ يمكن له شراء هذه النصيحة أو تلك "بريالين" أو قد يتفق الوسط الإعلامي على أسلوب تقني كرسائل الجوّال الدعائية تكون فائدة المواطن منها الشيء الكثير اجتماعيا واقتصاديا ومعلوماتيا أيضا فنقود المجتمع إلى عصر المعرفة.
من فوائد هذا التوجه أنه يخلق تفاعلا بين المجتمع والصحيفة ويرسخ مفهوم السؤال قبل التوجه نحو الإفتاء أو الإدلاء بإجابة غير واضحة أو استعمال أداة أو جهاز بشكل خاطئ أو خلافه. إضافة إلى ذلك بناء وبث الفكر التنويري الصحيح والسليم المبني على أسس ومراجع بخلاف الاجتهاد الخاطئ وما يمكن أن يسببه في كثير من الأحيان. كما أن ذلك سيفتح لكثير من القطاعات الباب لأن تكون أكثر شفافية في تعاملها مع المجتمع في عرض خططها وعرض معلوماتها - القابلة للعرض - ناهيك عن إعطاء الفرصة للجهات المختصة والصروح العلمية والبحثية أن تجد مجالا لعمل الدراسات المختلفة لرفع مستوى أداء أو إجراء أو حتى تعديل مفهوم خاطئ وخلافه. إن دور الإعلام في بناء المجتمع وتأهيله - خصوصا ونحن في مرحلة التأقلم مع العولمة - جوهري ومهم لبلورة مفاهيم متطلبات الحياة فيجعل الصحافي - قبل القارئ - يؤهل نفسه للمراحل القادمة فيتأهل المواطن. لذلك فكل من أوتي قلما يستطيع به ترجمة أحاسيسه الخيرة ونشر علمه وفكره النيرين واقتراح ما يسهم في نهضة هذا البلد الأمين الكريم عليه أن يسعى لخير أمته محققا قول الله سبحانه وتعالى "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" (الآية 17/ سورة الرعد). في التوعية اليومية أيضا إزالة لآثار عوالق وترسبات سيئة لا تتناسب وزمننا الحاضر ففيها توسيع للمدارك وترسيخ لإضاءات تبعث الأمل والاستقرار وتسهل مصاعب وتمنع كوارث وتنمي مواهب وتنظف مواقع من الشوائب والمخلفات. وبالطبع فالمحصلة النهائية هي رفع المخزون المعلوماتي لدى أفراد المجتمع وبالشكل الصحيح في زمن يعج الفضاء والهواء فيه بالغث والسمين غير المفيد. أعتقد أن الدور المقبل سيكون للعديد من الجهات المهمة ممن استشهدت بهم وغيرهم - والخير في الجميع إن شاء الله - لضخ معلوماتها للصحف والمجلات وبدور الأخيرة اختيار ما يتوافق ومجالها أو ما تراه يتناسب وحملتها المتوقعة حسب خططها وقولبتها بطريقة تضمن لها إيصال الرسالة بإفادة خصوصا إذا ما كان العرض مشوقا باستخدام أفضل أساليب العرض الفنية وإتاحتها على إصداراتها الورقية أو الموقع الإلكتروني بشكل مميز. كما أن المواسم المختلفة مناسبات جيدة لذلك, فها هو موسم الحج مقبل والصحة والأمن إضافة إلى تطبيق شعائر الإسلام في أداء النسك ومجالات أخرى تستحق تكثيف الجهود فيها من أهل الاختصاص والمسؤولية هي من أفضل المناسبات, والله أعلم.