المعلمون والدلال الزائد
من بين كل فئات موظفي الدولة يحظى المعلمون بدلال من وزارة التربية ووزارة الخدمة المدنية فهل يقابل هذا الدلال عطاء وبذل وإخلاص تساوي ما يحصلون عليه من مميزات؟ أعتقد أن نسبة لا بأس بها من المعلمين لا تعُطي قدر ما تأخذ فأهم أسباب تدني مستوى التعليم في بلادنا هو تدني مستوى المعلمين سواء العلمي أو مستوى الإحساس بالمسؤولية فلم يعد المعلم حالياً ومنذ عدة سنوات هو ذلك المعلم الذي كان في السابق إلا من رحم الله فأسكن في قلبه الخوف منه وزرع فيه حب المهنة والعمل فأخلص وبذل كل ما لديه في سيبل طلابه. التعميم ليس وارداً لكن الأغلبية غطت سلبياتها على الأقلية. أرى أن ما يستفيده طلاب المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية من وجودهم في المدرسة لا يتجاوز بأي حال من الأحوال وفي أفضلها 30 في المائة أما الـ 70 في المائة فهي من الأسرة في المنزل، بل إن بعض المدارس ومعلميها عملهم فقط ينتبهون للطلاب من الضياع حتى يخرج الأب من عمله وكذا الأم لا يقدمون لهم أي شيء لهذا وغيره مما لمسته وشاهدته وسمعته عن المعلمين والمدارس أرى أن ما يقدم لهم من مميزات لم يقابلوه بالشكر ويترجموه بالعمل الجاد. بعض المعلمين غياب مستمر وإن تواجد في المدرسة فبجسمه فقط أما عقله فمع الأسهم أو التجارة أو الإبل أو مع الجمعيات التي يعمل بها متطوعاً.
الدولة أعطت المعلمين الكثير ليس أقلها سلم رواتب المعلمين، الذي يفوق الموظف في الراتب 30 في المائة ولا تتوقف العلاوة 25 سنة ومستويات يتدرج فيها متى حصل على المؤهل دون انتظار سنوات للترقية كالموظف.
أنا لا أحسدهم بل أدعو الله أن يزيدهم لكن عليهم أن يضاعفوا الجهد ويبذلوا ما في وسعهم بدل ما هو حاصل من الكثير من تقاعس وتهاون وغياب واهتمام بمصالحه الشخصية دون شعور بمصلحة الطلاب. فما رأيكم بمعلم يدور على الفصول في مدرسته يسأل الطلاب هل الحصة الحالية له أم لغيره من المعلمين، أين التحضير والاستعداد وعلى شاكلته الكثير؟
وسيضاف لهم قريباً التأمين الصحي دون غيرهم من منسوبي الوزارة كما ورد في صحف يوم الجمعة 14/10/1428هـ. كل هذه المميزات بخلاف قلة الحصص لمعظم المعلمين في ظل كثرتهم في السنوات الأخيرة والإجازات الطويلة. كل هذا الدلال للمعلمين وهم أحياء يرزقون طمعاً من الوزارة في أن يحفزهم لتعليم الطلبة وتربيتهم وتنشئتهم على المثل والأخلاق الحميدة وأن يكونوا قدوة صالحة لطلبتهم بدل أن يكون كل ما يعملونه هو حفظ الطلبة داخل جدران الفصل أو المدرسة حتى انتهاء الحصص. لم تكتف الوزارة بدلال المعلمين وهم أحياء يرزقون بل أيضاً امتد دلالها لهم بعد الانتقال إلى الرفيق الأعلى، حيث تصرف الوزارة رواتب شهرية (مكافآت) لأبناء وبنات المعلمين المتوفين في جميع مراحل التعليم وهذه المكافآت طبعاً لا تشمل أبناء الموظفين في الوزارة وإدارات التعليم. هل بعد هذا الدلال دلال؟ لا أعتقد أن في بلادنا من تضمن له وزارته مميزات في الحياة ولأولاده بعد مماته إلا المعلمين. لذلك المفترض في المعلمين أن يحمدوا الله وأن يشكروا النعمة التي هم فيها ويترجموا ذلك إلى فعل واقع داخل المدرسة بدلاً مما هو حاصل الآن من الكثير من قلة في الأداء وترد في المجهود وكثرة في الغياب.