الرحمة وقت الزحمة

[email protected]

كل موسم صيف وموسم عمرة وحج ورمضان تظهر المشكلات المعتادة بسبب الزحمة, خاصة في المطارات, وكل عام نتوقع أن تتحسن الخدمات التي تقدمها الخطوط السعودية لعملائها، ونقول يا رب سهلها من عندك. والواقع أن تجربتي الشخصية جيدة وأعتبر نفسي من المحظوظين خلال الـ 15 سنة الأخيرة تأخرت طائرتي فقط 15 مرة, والحمد لله, لم يضع عفشي ولا مرة، لكن للأسف أعرف كثيرا من المواطنين وغير المواطنين الذين لديهم حساسية شديدة من سيرة "الخطوط السعودية"، وبسبب القدرة المالية والمعنوية قرروا مقاطعة "الخطوط السعودية" واستخدام أي خطوط أخرى والسبب؟ حظهم سيئ جداً فأنا أسمع دائما قصصا غريبة عجبية, ونقرأ عن مشكلات السفر على "الخطوط السعودية" دائماً وقد باتت معلومات عامة يعرفها الجميع.
لكني أعترف بصراحة لولائي الشديد لـ "الخطوط السعودية" لأني أشعر بأنها جزء من وطني بكل المشكلات التي قد أعانيها وغيري تظل هي الخطوط المفضلة لي فلقد تعودنا نوعية الخدمة والمعاملة وكل ما يخطر على بال، والواقع أظن أن هذا الشعور نابع من المعاناة التي تعودها المواطن السعودي في كل مكان يقصده لطلب خدمة من حقه لأنه دفع قيمتها في القطاع الخاص، فما بالكم بالخدمات التي هي أيضاً من حقه في القطاع الحكومي؟!
لدي قربية مسنة أصبحت تستخدم كرسيا متحركا بعجلات لتنقلها خلال المسافات الطويلة، وسنوياً تتأخر المسكينة هي ورفقاء السفر من الأهل في الطائرة حتى بعد خروج آخر مسافر معهم في الطائرة من المطار, أي بعد عدة ساعات, والسبب عدم وجود المصعد الخاص بمثل هذه الحالات لأن مكتب "السعودية" في البلد الآخر لم يبلغ المكتب المحلي بطلب هذه الخدمة، هذا ما يبلغ به المرافق لها دائماً.
وهذا العام (السادس) قررنا الاستعداد باكرا وقمنا بالاتصال بعدة جهات كي نضمن وصول المعلومة لـ "الخطوط السعودية" لتأكيد توفير الخدمة وجميع الجهات المسؤولة كي يتم تجهيز الكرسي والمصعد لها. وحاولت الاتصال بخدمات المطار و"السعودية" للاستفسار عن كيفية تسهيل هذه العملية للمسافرة المسنة والمريضة فلم أستطع الحصول على رقم محدد لجهة مسؤولة عن هذا الموضوع للأسف.
اتصلت بأحد أقربائي من العاملين في "السعودية" (مضطرة) استفسر منه وأطلب رقم المكتب المسؤول عن هذه الخدمات (ظننت أنه يوجد واحد) ولكن قريبي فسر لي الموضوع، الذي اتضح لي بعده أني وغيري ظلمنا خدمات "السعودية" واتهمناهم بالتقصير واتضح لي أننا نجهل الحقيقة.. للأسف.
فقد اكتشفت أنه يتم تأخير مستخدمي الكرسي المتحرك قصداً حتى يغادر آخر راكب في الطائرة لأسباب تتعلق بسلامة باقي الركاب، بسبب استخدام مصعد خاص لإنزال الراكب مستخدم الكرسي. وفي جميع دول العالم نرى ونسمع أن الأولوية في التعامل دائماً لذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والأطفال, ولكن الظاهر عندنا الأمر معكوس.
قلت في نفسي أليست المصلحة العامة فوق الخاصة غير أن التأخير دائما كما هو ظاهر مضاعف أولاً لما تم إيضاحه لي وكذلك لما يعلله الإخوة الموظفون في المطار أنه لم يتم تبليغهم بطلب كرسي ومصعد، ونحن في هذه المرة نريد التخفيف من حدة الانتظار وتبليغهم بكل الوسائل كي لا يقول أحد لم نبلغ.
قال لي قريبي إنه سيتولى تبيلغ زملائه كي يجهزوا لها الكرسي والمصعد، زودته بالمعلومات، وشعرت بالسعادة لظني أنني استطعت مساعدة المسكينة ومرافقيها، وأخبرتهم (ابشروا، ابشروا ترى أنتم متوصى عليكم) فقط تنتظروا خروج آخر راكب من الطائرة وستلاقوا الكرسي والمصعد أمامكم, إن شاء الله.
وفعلاً اطمأننت جدا بل شممت لأول مرة طعم حلاوة الواسطة (في الحلال)، وانتظرت ساعة وصول المسافرين على أحر من الجمر وبعد ساعتين اتصل بي المرافق يقول (شكراً يا أم مهند ما زلنا في المطار.. أنا ثاني مرة (الله يخليكي) لا توصي علينا.
خير يا أخي ماذا حدث؟ قال: إن الموظف المسؤول أخبرنا بأنه لم يبلغ بوجود راكب يحتاج إلى كرسي ومصعد. الرحمة يا "الخطوط السعودية" الرحمة, خاصة وقت الزحمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي