العيد فرصة لمراجعة النفس في ظل صفاء ذهني بعد شهر عبادة وتوبة وندم على الذنوب والخطايا تجاه الخالق, سبحانه وتعالى, وتجاه الخلق أيضا .. والأهم هو العزم على عدم العودة إلى تلك الذنوب والخطايا. وكما تعودت عند حلول عيد الفطر المبارك من كل عام أوجه رسائل لا أقصد بها شخصا بعينه, لكنها عينة عشوائية من المجتمع أرجو بها تسليط الضوء على بعض الممارسات التي لا تليق بمن يرتكبونها, خاصة أنهم من المنتمين لهذه البلاد ولهذا المجتمع المسلم. وفيما يلي رسائل هذا العيد:
عيدك مبارك يا وكيل الوزارة الذي انتظرك المراجعون طويلا فخرجت عليهم كـ "الطاؤوس" وسلمت عليهم بأطراف أصابعك دون النظر إليهم, وكأنك تحسن إليهم أو تتفضل عليهم مع أنك وجدت في هذا المنصب لخدمتهم.. وعيدكم مبارك يا موظفي تلك الإدارة التي أخرج كل واحد منكم "مسبحة" وبدأ يحركها في يده بعصبية ظاهرة حتى ظن المراجعون أنهم دخلوا بالخطأ إلى حلقة الشعر الشعبي.. ولولا أن الناس في رمضان لاصطف الجميع للرد عليهم.. وبودي في هذه المناسبة أن تصدر وزارة الخدمة المدنية قرارا بمنع ظهور "المسبحة" في الدوائر الحكومية, لأنها تدل على الفراغ, وعلى عدم اهتمام الموظف بمن أمامه من المراجعين الذين أصبح شغلهم الشاغل مراقبة حبات "المسبحة" وألوانها الزاهية البراقة.
وعيدكم مبارك أيها الشباب الذين احتفلتم باليوم الوطني, وهذا حق ومطلوب, ولكن بشرط ألا يتجاوز حدود إظهار الفرح إلى الإساءة للآخرين.. حيث عطلتم الحركة المرورية ووقفتم في وسط الشوارع وترجل بعضكم من السيارات للرقص بطريقة لا تليق بكم.. والمؤمل أن يكون التعبير عن الفرح مستقبلا بأسلوب لا يتعدى على حق الآخرين في الطريق الذي هو ملك للجميع.
وعيدك مبارك يا من تترك الهاتف الجوّال مفتوحا وأنت في المسجد وتتلقى المكالمة بعد الأخرى دون أن تقفل الهاتف نهائيا, فيكون في ذلك إزعاج للمصلين وعدم احترام للمكان الطاهر مع إنك لو فكرت في الدخول على مديرك في العمل لأقفلت الهاتف أو تركته بعيدا خوفا من كلمة لوم أو توبيخ.. تذكر أيها الأخ الكريم أنك تقف بين يدي الله وأنه لا عذر لك إن نسيت الهاتف مفتوحا ألا تغلقه نهائيا عند أول "رنة" بدل أن تترك الإزعاج يتكرر والناس تكتفي بالقول "حسبنا الله ونعم الوكيل".
وأخيرا: عيدكم مبارك أيها التجار المتعاملون في المواد الغذائية الضرورية التي لا يستطيع محدود الدخل الاستغناء عنها حتى لو نصح بأن يغير نظام غذائه.. وعليكم مخافة الله أولا ثم تذكروا أن للوطن والمواطن حقا عليكم. والجميع بكل تأكيد لا يرضون لك بالخسارة ولا يطلبون منكم التوزيع مجانا, فأنتم في مجال تجارة وللأعمال الخيرية مجالها الذي تتسابقون فيه, لكن ما يطلب منكم هو مراعاة مخافة الله والمنطق عند تقدير نسبة الربح, وستجدون في ذلك تجارة رابحة مع الله وسيتغلب من يتصف بهذه الصفة الإسلامية الحميدة على داعي الطمع في نفسه وعلى منافسيه أيضا.. وكل عام والجميع بخير وصحة وعافية والوطن بأمن وأمان وتقدم.
مقص الأم .. مفتاح الخير
نشرت جريدة "اليوم" في عدد الإثنين الماضي أن رجل أعمال في الدمام طلب من والدته أن تفتتح مجمعه التجاري, وذلك اعترافا بفضلها وتأكيدا على أنها أعز الناس لديه. وقد قوبل ذلك ـ كما ورد في الخبر ـ بإقبال من السيدات على ارتياد ذلك المجمع والشراء منه تقديرا للابن "البار", الذي أعطى والدته المكانة التي تستحقها.
وحسبما أذكر فإن صاحب محل أحذية راقية في مدينة الرياض فعل ذلك أيضا قبل سنوات ووجد النتيجة نفسها.. وهكذا كان مقص الأم الذي حملته لقص شريط افتتاح المجمع في الدمام أو محل الأحذية في الرياض بمثابة مفتاح الخير .. فهل نتواضع ونعطي آباءنا وأمهاتنا دورا ونشعرهم بالاهتمام الذي يرد لهم شيئا يسيرا من فضلهم علينا؟
